تنشئة الطفل في المجتمع القروي: دراسة في المعتقدات الشعبية الريفية
العدد 53 - عادات وتقاليد
تعتبر ولادة الطفل أولى مراحل دورة الحياة الإنسانية لأنها تمثل أهم الأحداث في حياة أي عائلة، لذلك يبدأ الاحتفال بهذه المناسبة السعيدة قبل الوضع من طرف الأم الحبلى التي تُهيء الجو المناسب والبيئة الملائمة لاستقبال مولودها الجديد الذي يُعَدّ اللبنة الأولى في تركيب وبناء مستقبل الأسرة وأملها في استمرار الحياة1.
ويحتفل التراث الشعبي في كل مجتمعات العالم بالطفل احتفالاً خاصًا، ولا عجب في هذا، فالطفل هو بداية الحياة، وهو – في ميلاده وفطامه ونموه – رمز حي متجدد لتجدد هذه الحياة. وينسج التراث الشعبي حول حمله وميلاده وحمايته آلاف الممارسات والمعتقدات، وينعكس بعضها في كثير من العناصر الشعبية مادية وغير مادية، ولذلك لا نبالغ إذا قلنا إن دراسة الطفل في التراث الشعبي لأي مجتمع إنما تمثل عرضًا لقطاع مستعرض في ثقافة هذا المجتمع2.
تمر حياة الطفل بمراحل متعددة منذ وجوده داخل أمه في مرحلة الحمل، حتى يبدأ أول خروج منتظم له من البيت للعمل أو الدراسة، وكل تلك المراحل يحيطها المعتقد الشعبي، كما تحيطها العادات الشعبية، بالكثير من الإجراءات والممارسات الرمزية والسحرية التي تهدف إلى حماية الطفل وتأمين انتقاله إلى المراحل التالية، أو الحفاظ عليه من أخطار هذا الانتقال.
والطفولة مصطلح يربطه العلماء بالمعيار الزمني والعمري لحياة الإنسان، وهي تبدأ قبل ميلاد الطفل –على عكس ما يرى بعض العلماء– حتى سن الرشد، ومن أهم سمات المعتقدات الشعبيَّة المرتبطة بالطفل أنها متوارثة وفطريَّة أولاً، ثم تتحول تدريجيًا إلى سمات مكتسبة تحتاج دائمًا إلى الرعاية الأسرية وبخاصةً الأمومة3. أما في مرحلة الطفولة المبكرة والتي تمثل في تأثيرها على تنشئة الطفل وسيلة لغايات رمزية أو دلالات اعتقادية تتعلق بعالم الكبار وانشغالاته، يوظف الطفل فيها لأنواع من الإشارات وصيغ التجسيد، بما يجعل «الطفولة» قيمة دلالية متسعة لعوالم من الدلالات الاعتقادية المتنوعة التي يستمدها من المحيطين به في سنوات طفولته الأولى4.
والمعتقدات الشعبية هي مجموعة الأفكار التي يؤمن بها الأفراد فيما يتعلق بالعالم الخارجي والعالم فوق الطبيعي، وهي كذلك نسق فكري يضم الاعتقاد والشعائر والطقوس وغيرها، وتعتبر المعتقدات الشعبية من أصعب عناصر التراث الشعبي، لأنها خبيئة صدور الناس ولا تُلقن من الآخرين، ولكنها تختمر في صدور أصحابها، وتتشكل بصورة يلعب فيها الخيال الفردي دوره ليعطيها طابعًا خاصًا. والحق أن هناك العديد من المعتقدات الشعبية والتي تُمارس في غيبة الوعي أو ضعفه لدى الأمهات إزاء الجنين والطفل بهدف حمايته من الأخطار التي تهدده سواء من جانب قوى منظورة أو خفية، وهي ظاهرة تسود معظم المجتمعات المتقدمة والبدائية على حد سواء5.
وتشير الدراسات الفولكلورية المعاصرة، بأن هذه المعتقدات الشعبية اكتسبت وجودها ورسوخها واستمرارها من حيث إنها تؤدي أغراضًا محددة تعارف عليها المجتمع. والواضح أن هذه المعتقدات يعتقد فيها معظم الناس ويؤمنون بها على مدى زمني طويل، يخضعون ويلتزمون بها، كما أن هذه الممارسات كانت في الأصل ممارسات سحرية وطقوسًا دينية تخدم نفس الغرض ثم سقطت إلى مستوى العادات وتحولت إلى الصورة التي نجدها عليها اليوم، فعادات وتقاليد ورعاية الجنين والمرأة الحامل ثم المرأة الواضعة ووليدها إنما هي بهذا المعنى رواسب لممارسات قديمة كانت تمثل درجة أعلى من التقديس، ولكنها تخدم الوظيفة الثقافية نفسها6.
وتتم تلك الممارسات في إطار من الاعتقاد بأن ما يحدث للطفل سيؤثر على مستقبله ومصيره، وخاصةً في المجتمع القروي المصري الريفي، حيث يفسح الآباء أكبر مساحة من العواطف الطبيعية لأطفالهم، فالأطفال هم كل شيء في حياتهم، وهم مصدر كل سرورهم وفخرهم وآمالهم، ومن ذلك فليس بغريب أن تُمارس حولهم العديد من الممارسات الشعبية بهدف حمايتهم من الأخطار المحيطة بهم، وفي الوقت نفسه تجسد هذه الممارسات الكثير من المعتقدات الشعبية.
استقبال المولود:
ليس ثمّة ما هو أهمّ من الولادة في حياة الشعوب، فبها وحدها يمكن الحفاظ على النوع الإنساني، وحولها تشكّلت معظم رموز الحبّ والخصوبة والنماء في كلّ الثقافات الإنسانيّة على اختلافها وتنوّعها. ولم يشكّل العرب استثناء في تمجيد الولادة ومدحها والتغنّي في أشعارهم بالأمّ الولود وإيلائها مكانة هامة في معتقداتهم وعاداتهم وتقاليدهم. ويكفي أن يغوص المرء في الحكايات الخرافيّة الشعبيّة العربيّة وينقر فيها ليدرك أنّ الولادة قد احتلّت الحيز الأهمّ من المتخيّل الشعبي العربي، فلا تكاد تخلو حكاية من الموروث الشفوي النسوي على وجه الخصوص من التطرّق إلى الولادة ومعاناتها.
وتتعدد الممارسات الاعتقادية المرتبطة بمرحلة ما بعد عملية وضع الجنين أو ولادته (الميلاد) والتي تستهدف جميعها بشكل مباشر أو غير مباشر الوليد الطفل (ذكر أو أنثى). فهناك ممارسات اعتقادية تقوم بها الداية (المولدة)، وهناك ممارسات تقوم بها الأم أو تتعلق بها فيما يحفظ لها طفلها من الأخطار غير المنظورة أو غير المعلنة، وأخيرًا ممارسات اعتقادية تتعلق مباشرة بالطفل في محيطه الاجتماعي المتمثل في الأسرة والدائرة القريبة المحيطة به7.
ويتم إعطاء فرصة سبع أيام كفترة انتقالية تتعرف فيها الأم على ما حدث لعلها تتأكد – بصعوبة وفرحة معا – أن مَنْ كان بداخلها أصبح الآن منفصلا عنها، وهنا تقوم الرضاعة الطبيعية بدور رائع، ليس لمجرد تغذية الطفل بما هو حقه الطبيعي، ولكن أيضًا بالتدرج مع الأم، لقبول الواقع الجديد، من خلال الحركة اقترابًا وابتعادًا، الطفل ملتصقًا بثديها يوصل إليها أنه مازال جزءًا منها، لكنه ليس كذلك طول الوقت، فهو سرعان ما يبتعد، أو يُبعد بعد الرضعة، ربما أدى إلى إقناع الأم أولاً أن الخروج ليس معناه الانفصال القاسي، وإنما هو يعنى بداية رحلات حركية النمو ذهابًا وإيابًا8.
حمل الوليد وتنظيفه:
وفيما يرتبط بعملية حمل الطفل من معتقدات، فإنه يسمى على الطفل، فيقال: «بسم الله، بسم الله الرحمن الرحيم»، ويجب ذكر اسم الله عند نقل الوليد من مكان نومه أو تحريكه أثناء نومه، بالإضافة إلى ذكر اسم الله على أخته (ابنة قرينة أمه)، حيث يذهب الاعتقاد بأهمية أن تتلفظ القائمة على تحريك الطفل أو نقله من مكان نومه بالعبارة التالية «اسم الله عليك وعلى أختك قبلك». وفي هذا مرضاة للأخت إذ إن ذلك يبدي اهتمام الأم الإنسية بوليدة قرينتها، بدرجة اهتمامها بطفلها بل تبدي إزياد اهتمامها بذكر كلمة (قبلك)، يعني تفضيلها لها على حساب ابنها أو اشتراكهما في درجة الاهتمام. كما يشير ذلك إلى أن الأطفال في حالة النوم يكونون في أكثر حالات الاتصال بالعالم السفلي، الذي يحتاجون فيه إلى عناية الخالق، خالق الإنس والجان، وأن كليهما يحتاجان إلى رعايته الدائمة9. وعند قص أظافر المولود للمرة الأولى يوضع في يده مبلغ من المال ليكون واسع الرزق، وحتى لا ينظر لما في يد غيره في المستقبل.
ملابس الوليد:
تفرض المعارف والمعتقدات الشعبية سيادتها على الملابس وما تخفيه في طياتها من معاني ورموز تحمل وتنقل المكانة أو البركة إلى مَنْ يلبسها، وتتضمن بين معانيها حيوية الطبيعة في غزارة الغيث، وفيضان الأنهار، وخصب الأراضي الزراعية، فلا تقف الثياب عند حد ستر الجسم أو الوقاية من البرد أو الحر، فغسيل الثياب أو تفصيلها أو لونها المميز وزخارفها وتطريزها كل هذا له معان كثيرة عند المجتمع الشعبي، فالملابس يدور حولها الكثير من الرموز والمعتقدات، فمنها ما يتعلق بمفهوم الحشمة أو الخوف من السحر والحسد، ومنها ما يرتبط بالشفاء من الأمراض، وأيضًا اكتساب الصحة والسعادة10.
ويوجد حرص واهتمام من الأمهات الحوامل في المجتمع الريفي بملابس الأطفال، وتختلف كمية الملابس المُعدة حسب المستوى الاقتصادي للأسرة، وتقوم الحامل قبل الوضع بإعداد ملابس وليدها في الشهور الفردية (الخامس، والسابع) تفاؤلاً بهذه الأرقام11.
واللون الأبيض هو اللون الغالب على ملابس الطفل خاصةً خلال الشهور التي تعقب الولادة أو الألوان المشجرة لتحميهم من الحسد. ويفضل أن يخرج الطفل إلى وجود على ملابس والده أو إخوته السابقين والغرض الظاهر من تلك العادة هو أن يعيش الابن عمرًا طويلاً مثل أبيه، أما الغرض الكامن منها، فهي نوع من التعبير الرمزي على أن المولود من صلب أبيه12. وغالبًا ما يرتدي المولود يوم السبوع جلبابا طويلا أبيض أو بمبي ويفضل اللون الأبيض، ويصنع من البيكة أو الكستور في الشتاء ومن اللينوه في الصيف، ويحلى بالتطريز أو الدانتيل عند الصدر، وغالبًا ما يكون له سفرة من أعلى في الأمام والخلف يركب فيها الجزء الأسفل من الجلباب بكشكشة ويكون له مرد من الخلف يبدأ من أعلى إلى نهاية الذيل، وله فتحة رقبة مستديرة وأكمام طويلة13.
ومن المعتقد الشعبي الشائع أن السيدة التي يتوفى أطفالها بعد الولادة مباشرًة إذا حملت مرة أخرى، فعندما تلد هذه السيدة فإنها تلبس وليدها مريلة سوداء بدون أكمام تشبه مريلة الطعام، وهي تعتقد أن ارتداء المولود اللون الأسود يبعد عنه الروح الشريرة والعين الحسود14.
وهناك طريقة لإطالة عمر الطفل في بعض القرى ترتبط بالملابس، فإذا كانت هناك امرأة مسلمة مات لها عدة أطفال في طفولتهم المبكرة، ثم ولدَ لها طفل آخر، فإنها تطلب من امرأة قبطية أن تعطيها البركة لكي يعيش الطفل المولود حديثًا، والبركة التي تطلبها قد تكون جزءًا من فستان تلبسه امرأة قبطية أو جلابية أو أية قطعة ملابس خاصة بأحد أطفال المرأة القبطية، ولا بد أن تخص قطعة الملابس مسيحيًا وليس مسلمًا، وهذه العادة والمعتقد لا وجود له لدى الأقباط15.
هناك مَنْ تلبس طفلها لبسًا مُهلهلاً وتهمل في تنظيفه في شهوره الأولى اتقاء الحسد وشر العين، ويُلَبس الذكر ملابس الأنثى حتى لا يتأذى من العين الحاسدة16، وهناك مَنْ يلبسه من لباس واحد لمدة سنة كنذر. وكانت الأمهات المصريات الموسرات على ما يحكي المستشرق الإنجليزي إدوارد وليم لين (1801 – 1876م) يتركن أطفالهن في ثياب قذرة ومظهر رث خوفًا من الحسد، لأن الأطفال نعمة عظيمة يشتهيها الجميع17.
ومن هذه المعتقدات ما يرتبط بالشفاء من الأمراض، فالعرف السائد في بعض القرى الشعبية الريفية عند إصابة الطفل بمرض الحصبة تلبسه أمه رداءً أحمر اللون، وتكنه وتُجلسه في مكان منعزل مظلم طمعًا في الشفاء18.
الفطام:
الفطام هو أولى خطوات الطفل على طريق الاستقلال بكيانه ووجوده الفيزيقي، كما أنه في الوقت نفسه بداية الاستقلال النفسي، فهو إذن مرحلة حاسمة وهامة في حياة الأم والطفل معًا، ولكن إذا أردنا الدقة فهي أكثر أهمية وأبعد دلالة بالنسبة للطفل عنها بالنسبة للأم، فهي ليست أول تجربة للأم في الانفصال الجسدي عن طفلها، أما الطفل فهي تجربة وحيدة فريدة في حياته19.
تفضل معظم الأمهات أن يتم الفطام بعد سنتين، إلا إذا حملت المرأة فهي تمنع عن إرضاع طفلها، لأن هناك اعتقادًا في أن حليب الأم يصبح فاسدًا إذا حملت. والغالب أن فطام الطفل ما بين العام والنصف الأولى والعامين أو ما يزيد بأشهر قلائل، ونادرًا ما يتجاوز ذلك طبقًا للمعتقد الشعبي ألا يصير عقله «تخين مثل الحمار» أو «مُخه ضِلَّم» كما يُشاع على لسان البعض عند السخرية من بعض الأطفال عند التندر بسوء تصرفهم في المواقف المختلفة، فهم يرجعون ذلك إلى أن أمه أرضعته فترة أزيد من عامين. وفي كثير من الأحيان تزيد فترة إرضاع الأنثى عن مثيلها الذكر، ذلك لأنه في المعتقد الشعبي يجب أن ينشأ الولد «خشنًا ورجلاً»، ولذا فلا يجب أن يبقى في حُضن أمه طويلاً20.
ولكي تفطم الأم الطفل تضع على ثديها عصير الصبار عددًا من المرات كل يوم، إلى أن يحدث الارتباط الشرطي بين الرضاعة من ثدي الأم وبين طعم الصبار المر، وتقوم بعض الريفيات بدهن حلمة الثدي بالشطة حتى ينفر الطفل من المذاق الحارق. ويلاحظ أن إعطاء الطفل التمر والعيش والمواد الأخرى بجرعات تدريجية بعد الشهور الأولى من ولادته يساعد مساعدة فعّالة على سرعة تعوده على الأطعمة الأخرى. على أن ذلك لا يمنع أن بعض الأطفال وأمهاتهم كانوا يعانون معاناة شديدة في حالة الفطام، فعملية الفطام كانت تعتبر عملية شاقة بالنسبة لهم، فالطفل يداوم على البكاء والعويل طوال الليل، الأمر الذي يتطلب سهر الأم وإرهاقها الشديد.
وقد كانت الأمهات يشاركن المرأة التي تفطم طفلها في حمل الطفل أثناء النهار. وهناك بعض المحاذير والاحتياطات التي نبهت إليها بعض الدايات والأمهات المتقدمات في العمر، وهي تمثل تجسيدًا لخبراتهن بجانب أنها تمثل نقدًا لبعض طرائق تغذية الطفل في الوقت الحالي. وأول هذه الاحتياطات الغذائية هو ضرورة التدرج في تقديم الطعام للطفل وعدم إجبار الطفل على قبول أو منعه من أكل طعام معين هو يريد أن يأكل منه، وكذلك عدم إجباره على تناول الطعام في وقت لا يريد فيه أن يأكل، كما لا يقدم له اللحم والسمك بشكل مباشر اعتقادًا منهم أنها تسبب الإسهال والانتفاخ والمغص، وفي الوقت الراهن يُستشار طبيب الأطفال في توقيت وكيفية الفطام21.
وفي بعض القرى الريفية تستخدم الأم الأسلوب المفاجئ أو التعسفي في الفطام، فتقلب المرأة الفلاحة ثوبها حتى لا يجد فتحة الثدي، أو ترسله عند أحد أقاربها ومعارفها ليبعد عنها حتى ينسى الثدي، وبمرور الوقت يتم فطام الطفل ويعطونه عادةً (البوغاشا) وهي الخبز الطري المدهون بالجبن ويرددون له (الباشا هياكل بوغاشا) وهي من المأثورات الشعبية ذات النغم الغنائي عندهم لترغيبه في الأكل22.
ومن ناحية الوقت المناسب لفطام الطفل، فقد لوحظ في المجتمع الريفي أن الأمهات يعتقدن في عدم فطام الأطفال في فصل الصيف لأنه يكثر فيه الأمراض والنزلات المعوية، وإنما يكون عندما يعتدل الطقس وعادةً ما يكون في الربيع أو الخريف23.
التسنين والمشي:
يتضح من الدراسات الميدانية أن هناك أقوالا تتردد في مناسبات ظهور الأسنان والمشي لأول مرة، وممارسات تستهدف مواجهة مثل هذه المواقف، وتنحصر إما في التكتم وعدم الإفصاح خشية الحسد أو إصابة الطفل بمكروه، أو أخرى تستهدف التعجيل بظهور الأسنان أو المشي بسرعة.
1) التسنين:
عندما تظهر أول سنة للطفل، تكون لها فرحة كبيرة، وإذا ظهرت في وقت مكبر، تُداري الأم، إلا أنها تكون سعيدة وتعطي للطفل إصبعها حتى يعض عليه، وتفرح عندما تشكها سنته. أما ظهور الأسنان العُليا أولاً، فهي حالة نادرة الحدوث، إلا أن جميع الحالات في مختلف المناطق الريفية ذهبت بدون استثناء إلى أنها إرادة الله، وذهب البعض منهم إلى الزعم بأن حدوثها نذير شؤم وخاصةً عند ظهور الأنياب قبل الأسنان، وأن حدوث مثل هذه الظواهر مدعاةً للحزن والكآبة24.
وفيما تتخذ من ممارسات اعتقادية تتعلق بخلع الأسنان الأولى (اللبنية) للطفل، فقد اعتاد الناس على رمي السنة التي تم خلعها في اتجاه الشمس «في وجه الشمس» مع قولهم: «يا شمس يا شموسه خذي سنة الجاموسة وهاتي سنة العروسة». وهناك اعتقاد بأن الطفل عندما يرمي هذه السنة في البحر يكون رزقه واسع.
2) المشي لأول مرة:
أول ما يمشي الطفل يُمسك من تحت إبطيه، ويقوم أحد الأطفال الكبار بكب المياه أمامه ويشق بالسكين الأرض ويتمنون له العمر الطويل. وإذا تأخر الطفل في المشي، أعطوه لبن المعزة ليقوى عصبه. وفي بعض المناطق الريفية إذا تأخر الطفل في المشي، أخذوه لباب الجامع يوم صلاة الجمعة، وربطوا رجليه ووضعوا في حجره حمصا وحبوبا، وأول شخص يخرج من الجامع بعد انتهاء الصلاة يطلبون منه أن يفك رجلي الطفل المربوطة وينثر الحبوب والحمص على الأرض اعتقادًا منهم أن ذلك يجعل عصب الطفل يشتد ويقوى على المشي25.
حلاقة شعر البطن وشعر الرأس:
القاعدة العامة أن الأشياء التي يأتيها الطفل لأول مرة، أو تؤدى له لأول مرة، تكون موضع اهتمام المحيطين به ويسجلونها بعناية، وربما يحتفلون بها على نحو أو آخر. والاهتمام نفسه موجه بالطبع للأقوال أو العبارات، بل والأصوات التي تصدر عن الطفل لأول مرة. والحق أن الأسرة تهتم وخاصةً الأم بكل شيء يفعله الطفل لأول مرة، كخروجه من البيت لأول مرة، وذهابه إلى الكُتّاب أو المدرسة لأول مرة، وقص شعر رأسه لأول مرة، وقص شعر البطن، واستحمامه لأول مرة، وفطامه عن لبن أمه... إلخ.
والملاحظ بصفة عامة أن ذلك الاهتمام قد يكون من جانب الأسرة كلها، وقد يكون مقتصرًا على الأم وحدها، وقد يتخذ حجمًا خاصًا بالنسبة للطفل الأول «البكري»، وقد ينعدم تمامًا بالنسبة للأولاد غير الأول. وهذا شيء منطقي، ولكنه قاصر على الأمور التي تثير الدهشة والفرحة، ولكن هناك بعض البدايات التي تكون لها أهمية طقسية أو اعتقادية خاصة، فتلقى قدرًا كبيرًا من الاهتمام، وتقوم الأسرة أو الأم بمراعاتها بالنسبة لكل الأولاد دون التمييز بين الأول ومَنْ عداه.
ومن أبرز تلك البدايات ذات الأهمية الطقسية، قص شعر البطن، وقص الأظافر لأول مرة، فتمثل بقايا أول أظافره جزء من كيان الطفل يجب التصرف فيه بحذر، وعلى نحو لا يؤدي إلى وقوعها في أيدي أغراب أو أعداء يمكن أن يستغلوها لإيقاع الضرر الجسيم بالطفل. ولكن تتركز حول شعر البطن أكبر عدد من الممارسات والمعتقدات، فشعر البطن يجب العناية بالتصرف فيه إذ لا يصح إطلاقًا إلقاؤه هكذا، لأن له صلة وثيقة بشخصية صاحبه، وقد يُتخذ «أترًا» له تمارس عليه بعض العمليات السحرية «الأعمال» التي تنعكس على الطفل مباشرةً26.
توجد في الريف عادة حلاقة شعر البطن للمولود يوم السبوع، ووزن مقابله ذهب، وتقوم الأم أو الأب بالتصدق به لكونه سُنّة عن الرسول ﷺ، وهناك مَنْ يقوم برميه في البحر، مع الحرص الشديد على ألاّ يراه أحد وهو يلقيه؛ لاعتقادهم بأن ذلك يجعل الشعر الجديد جميل وطويل عند طلوعه27. وفي بعض مناطق الريف لا يُقص شعر البطن إلا عند قبر أحد الأولياء في مناسبة الاحتفال بمولده، ولذلك ينتشر في احتفالات الموالد – خاصةً المشاهير منهم- عدد كبير من الحلاقين الذين يقومون بقص شعر البطن للأطفال الصغار، حيث يوهب ذلك الشعر للولي. وإذا اضطرت الأسرة إلى قص شعر رأس الطفل ولم يتيسر لها لسبب أو لآخر زيارة ضريح الولي الذي وهب له الشعر، فإننا نجد الأسرة تقص شعر رأس الطفل كالمعتاد، ولكنها تترك وسط الرأس خصلة، وتظل تلك الخصلة ذات شكل متميز (غير حليقة) وسط رأس الطفل إلى أن يتيسر للأسرة زيارة الولي، حيث تُقص هناك28.
وهناك مَنْ يحلق شعر البطن (وأحيانًا شعر رأس الطفل) ويضعه في ورقة ويحفظه بعناية بعد قصه، على ألاّ يرمى به في الهواء، بل تطوى بعناية داخل ورقة ووضعها في أحد الشقوق أو دفنه29. وقد ذكر «دي شابرول» سنة 1798م في كتاب «وصف مصر» قيام المصريين بممارسة مضحكة تعود إلى ضعف نظامهم الروحي، فيحرص المسلم منهم بعد أن يقص شعر رأسه أو لحيته على ألا يرمي بها في الهواء، بل يطويها داخل ورقة ثم يضعها بحرص في أحد الشقوق، ويتبع الشعب كله على وجه التقريب هذه العادات العجيبة30. وعند حلق شعر الطفل لأول مرة يوضع في قطعة من الطين وترمى في الماء، لكي يطول شعر الطفل، ولاعتقاد بعض أفراد المجتمع الريفي أن سريان الماء يزيد من رزق الطفل في الدنيا.
الرعاية الطبية والسحرية للطفل:
يشكل موضوع السحر والطب واحدا من أهم القضايا الفكرية التي نكاد نلمسها في ثنايا دراستنا للمجتمعات القديمة، فمنذ عصور سحيقة شكل المرض مفهومًا غريبًا عن الجماعات البشرية، ففي الوقت الذي كانت فيه الجماعات البشرية تستطيع أن تفهم بشكل أكيد، الجروح الناتجة من المخاطر التي يتعرض لها الإنسان من جراء صراعه مع بني جنسه أو مع الحيوانات الضارية التي تحيط به، شكل مفهوم المرض بعدًا خاصًا في مسيرة تأملاته الفكرية، وأن وقوع شخص ما في الجماعة البشرية التي عاشت في عصور ما قبل التاريخ السحيقة، أسير المرض ثم الموت جعلت الإنسان يفكر بأن هناك أسبابًا وراء تحول الإنسان الممتلئ صحة إلى مجرد كائن ضعيف، لا يلبث أن يسلم الروح ليتحول إلى جثة هامدة، ولو تمكنا من تخيل أول جماعة بشرية واجهت محنة الموت لأدركنا مدى الصدمة النفسية التي تعرض لها المجتمع البشري. ولم يكن أمام الإنسان الذي واجه الموت لأول مرة في جماعته البشرية الصغيرة في عصر موغل في القدم إلا أن ينسب ظهور المرض إلى قوى غير مرئية لم يكن يستطيع مشاهدتها سببت المرض، قوى أقوى منه مقدرةً وذكاءً، كانت تتحكم في حياته وفي الوقت نفسه في مماته31.
ويفسح المعتقد الشعبي مكانًا كبيرًا لأسباب المرض الراجعة إلى عوامل نفسية أو سحرية، أو بمعنى آخر تلك التي لا ترجع إلى أسباب مادية معروفة ملموسة، فكثير من الأمراض يمكن أن تُعلل بالعين أو الحسد. ويندرج تحت هذا البند أيضًا تأثير الكائنات فوق الطبيعية (الجن)، فهي قد تعمل على إلحاق الضرر بالطفل. ولما كان المرض يمكن أن يرجع إلى عوامل نفسية أو روحية وأخرى مادية عادية، فإن العلاج يمكن أن يتم بوسائل سحرية من الطبيعة نفسها كالرقى والتمائم وما إلى ذلك، كما قد يتم بالأساليب الطبية التقليدية. ولكن الملاحظ أن الفئة الأولى من الوصفات تحتل المكانة الأبرز والأسبق، حتى بعض الوصفات الطبية العادية تفرض عليها بعض الشروط والتحفظات والقواعد ذات الطبيعة السحرية الخالصة32.
1) الرعاية الطبية:
ومن أساليب الرعاية الصحية التي تقدمها الأسرة للطفل في حالة تأخر الكلام، يحضر البعض بذور اللبلاب ويقومون بدقها في المياه ثم تُغلى وتقدم للطفل، وقد يعتقد البعض في تقديم لحم الغراب مسلوقًا وذلك في حالة ثقل لسان الطفل في إخراج الكلام، أو يقدمون لسان الجدي مشويًا له. ومن الممارسات أيضًا، يضعون ماء في الهون في صلاة الجمعة وتدق المياه وينشدون للذكر: (المايه تتكسر، والولد يفسر)، وللأنثى: (المايه تتكسر، والبنت تفسر)33.
وإذا كان لدى الطفل شعور بالهمدان زائد عن الحد فقد يعتقدون في السحر، فيذهبون بأثَرِه (أي جزء من ملابسه يحمل عَرَقِه) إلى أحد الشيوخ أو القساوسة المعترف بهم فيكتب له في طبق بالزعفران أو بعض الأعشاب مع العسل الأبيض الآيات ثم يشربه بعد غسل الطبق لمدة ثلاثة أيام، وقد يعتقدون في الحسد ويمارسون الرقوة.
ومن الممارسات الشائعة حينما يتأخر الطفل في المشي، سلق أرجل الدجاج بعد تقشيرها وتقديمها للطفل لإطعامه وشرب حسائها، وذلك ينبعث من الاعتقاد بأن الكوارع (قدم البقرة أو الجاموسة) بصفة عامة تشد العصب وتقوي الحيل، ولكن الكوارع البقري أو الجاموسي ثقيلة على معدة الطفل، فيستبدل هذا بأرجل الدجاج، بالإضافة إلى الاعتقاد بأن قوة الدجاجة تكمن في أرجلها، وعند تناول الطفل أرجل الدجاج فسوف تقوى عظامه ويصلب طوله ويستطيع السير34.
2) الرعاية السحرية:
وأكثر ما يمكن رصده بالنسبة للمعتقدات الشعبية الخاصة بالطفل هو الاعتقاد في الحسد باعتباره سمة من أوضح سمات الوجدان الشعبي المصري، وهو يقوم أساسًا على كثير من المأثورات والممارسات الشعبية التي تشكل جزءًا مهمًا من سلوك الإنسان المصري الشعبي، ويرتبط الحسد عند العامة بالعين والنظر، والمال والعيال من أكثر الأشياء التي تتعرض للحسد في اعتقادهم، ووسيلة الوقاية عندهم هي «الرقوة من الحسد».
ولذا يلجؤون إلى عمل «عروسة» من الورق تصور لهم الشخص الحاسد، وينقبون موضع عينها بالإبرة، ثم يحرقونها في النار (الفحم) مع مخلوط من الملح والشبه والفسوخ، إبطالاً لأثر العين ودرءً للحسد، وقد تتبع هذه الإجراءات بإجراء آخر يلزم الشخص المحسود، أن يلبس حجابًا فيه رأس هدهد محنطة، أو جزء من ذيل كلب، أو بعض أسنان ذئب، أو عقرب مجفف، أو حرباء مجففة، أو بعض قطع النقود الصغيرة مع قليل من الملح. كما تقوم أسرة الطفل بتعليق «خمسة وخميسة أو فاسوخة أو خرزة زرقاء» على صدور الأطفال، أو آيات وسور قرآنية (المعوذتين) اتقاءً للعين والحسد35.
ولوقاية الطفل من الحسد، وخاصةً الذي ينجم عنه أعراض مرضية متنوعة، تلجأ غالبية الجماعات الريفية إلى ذبح إحدى الحيوانات التي تؤكل على عتبة المنزل، أو في أي مكان قريب، وإن كانت تفضل الحالة الأولى. ثم يغمس أحد أفراد الأسرة أصابعه الخمسة في دم الحيوان المذبوح ليضعها على باب المسكن «تخميس» أو على جدرانه من الداخل أو من الخارج. وقد تكتفي بعض الحالات بوضع قطرة من دم الحيوان على جبهة أفراد الأسرة خاصةً مَنْ يُخشى عليهم من الحسد كالأطفال. كما يحرص البعض على الاحتفاظ برموز أخرى شعبية – قد يكون لبعضها مضامين دينية – كالعين رمزًا للحسد، والمسبحة، والكف وغيرها، وهي تصنع من خامات مختلفة حجرية أو معدنية ويدخل في ألوانها غالبًا اللون الأزرق36 لدلالته على درء الحسد، وتزين أحيانًا بعملات معدنية صغيرة أضفاها المبدع الشعبي ليجعلها أكثر جذبًا لعين الحاسد.
وقد يوضع رغيف عليه ملح بجانب الوالدة والمولود منعًا للحسد، أو يوضع على بطن الطفل كيس صغير به سبع حبات (أرز – غله – ذرة – لوبيا – حلبه – شبه) ويسمى هذا الكيس «فسوخه» وتوضع على بطن الطفل حتى لا ينظر إليه أحد، بل ينظر لهذا الكيس ويجذب انتباهه37. وإذا شعرت الأم بالغيرة من أي أحد تجاه الطفل فتقوم بإحضار بلحة وتسمى «بلحة الغيرة» تأتي بها من أي نخلة موجودة بالقرية وتعلقها في صدر الطفل كحلية اعتقادًا منها أنها تبعد عنه غيرة إخوته والناس38.
إذا ما عطس الطفل فإن أمه أو مَنْ يحيطون به يستدعون بعض الكلمات ذات الدلالة الاعتقادية التي يحاولن من خلال استخدامها إلى صرف أوجه الشر والحسد عن وليدهم الذي لا حول له ولا قوة في الدفاع عن نفسه بالنسبة للعالم غير المرئي أو غير المنظور، فيقال له عندما يعطس مثلاً: «اش خدت الشر وراحت»، أو «اسم الله والحارس الله»، أو «يرحمك الله»، أو «خمسة وخميسة على اللي شافوك ولا صلوش على النبي»، أو «اسم الله على أختك قبل منك»، أو «امشي عنه يا عطاس»، أو «الحمد لله أعوذ بالله من الشيطان الرجيم».
وهكذا عندما يتثاءب الرضيع يقال له: «الله أكبر الولد اتحسد»، ويتم عمل حجاب له لوقايته من الحسد39، أو «الله أكبر على اللي شافوك ونظروك»، أو «الحمد لله»، أو يتم عمل لعبة عروسة من الورق ويرقى بها الطفل وتحرق ويبخر بها الطفل الصغير لصرف عين الحسود.
وفي حالة تحول الطفل من حالة الهدوء إلى حالة الصراخ وكثرة الحركة فيعتبر الطفل حسب المعتقد الشعبي «محسود»، أو أن أخته «قرينته» التي توجد تحت الأرض زعلانه منه، أو يكون قد مُس من الجن، أو أن الملائكة قالوا له: «إن أمك ماتت وهو نايم»، ويبتسم عندما تقول له الملائكة «أمك عايشة أبوك هو اللي مات»، وهناك مَنْ يقوم بعمل تحويطة على يد شيخ معالج لمثل هذه الأمور. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الأطفال يضحكون قبل أن يتعلموا الكلام، وحصر العلماء تاريخ الابتسامة الأولى للطفل في المدة ما بين الأسبوع الأول أو الثاني من حياة الطفل قبل الضحك، بدليل أن تاريخ الضحك يتراوح ما بين ثلاثة أسابيع وستة أشهر40. وقد اشتهرت في بعض مناطق المجتمع الريفي عبارات حول ابتسامة الطفل الرضيع بأنه يضحك (يبتسم) لأن الملائكة تلاعبه ونحن لا نراها، وذلك لأن العيال أحباب الله والملائكة دائمًا حولهم41.
وإذا وقع الطفل ليلاً يرش بماء بسكر في المكان نفسه لحماية الطفل من أذى القرين، كما أن رش الماء بعد فعل أو حدث ما يعني إبعاد هذا الحدث، والتعوذ منه، وكذلك إبعاد الأرواح الشريرة والموت عن هذا الطفل، وتعتمد ممارسات أخرى على المياه كعنصر (حوض مياه، أو زير به ماء) وتردد الأم سبع مرات: «وحياة مين بناه وعلاه تأخذ نكده وتعطيه صفاه»، ثم تذكر الله وهي تحمل الطفل وتردد «الكلب النباح أخذ الشر وراح».
ويعتبر تأخر الحبو والمشي لدى الطفل من دواعي القلق عند الأم، فإذا تأخر الطفل في الحبو بعد الشهر الخامس فإنها تلجأ للممارسات الشعبية، وعلى سبيل المثال؛ تربط رجليه بنوع من الخوص على باب جامع، وأول مَنْ يخرج من الصلاة من الجامع عليه أن يفك هذا الرباط وتُسمى هذه العملية بـ «فك القيد»، وتكون قد وضعت بعض الحلوى (عادةً حمص) بين أرجله فتأكل منها وتوزعها على الناس، وتُكرر هذه الممارسة ثلاثة أسابيع حتى يسير. ومن الممارسات الأخرى، تلجأ الأم لوضع طفلها في (قُفّه) ويمسك بأذنيها الأولاد والكبار ويدورون به على المنازل المجاورة وهم يرددون بعض المأثورات الشعبية42.
ومن المعتقدات الشعبية التي كانت شائعة حتى بداية القرن العشرين أن القروية التي يموت أطفالها في سن مبكرة ورزقت طفلاً جاوز السن التي تكثر فيها أمراض الطفولة التي تقضي على ذريتها، فإنها تزف ابنها بعد تجاوز فترة الخطر، فتدهن وجه الولد سلاقون ويلبسونه طرطورًا من ورق أخضر وأحمر وفيه ريش الفراخ، ويركبونه حمارًا بالمقلوب، أي يواجه مؤخرة الحمار على غير العادة، ثم يمسك بيديه قرصًا من روث البهائم الجاف، وتشوه هيئته وملابسه ويدورون به البلد والصبيان خلفه يغنون (يا أبو الريش انشاالله تعيش)، ويطوف الموكب حول القرية ثلاث مرات على الأقل، وتُسمى بزفة أبو الريش43.
ويبدو هذا التقليد على غرابته مشابهًا لركوب الملدوغ أيام الجاهلية الحمار في وضع معكوس ليبرأ من دائه الذي ينتقل إلى الحمار باعتقادهم، والتقليد في عمومه يتضمن الاستعانة بالحيوان على داء يصيب الإنسان. ولم تكن هذه الضروب من المعتقدات شائعة في مصر والبلاد العربية فحسب، بل هي ظاهرة انتشرت في كثير من بقاع العالم ولا سيما أوروبا. وتصور لنا جميع هذه العادات على غرابتها مدى تسلط فكرة ثوب المرض والعافية على العقائد الشعبية44.
يوجد طبقًا للمعتقد الشعبي الطفل المكبوس: وتعني الكبسة في اللغة الاقتحام على الشيء، وتعني دخول المرأة الحائض أو غير الطاهرة على النفساء، فيزرق جسد الطفل ويختنق، ويعالج الطفل بجلب خرزة «الكباس» ويتم حمامه من على هذه الخرزة. أو تقوم الأم بجمع سبعة «حبات» طحين من سبعة بيوت من بيوت الجيران، وبخاصة الذين تزوجوا ضراير، ويصنع منها «شراكة» من الخبز، ويطبخ العدس بعد تنقيته على هيئة سليقة ويحمم الطفل بجزء من هذه السليقة، وتُقوّر الشراكة ويمرر الطفل منها سبع مرات، ثم يمرر من فتحة «مدرقة» الأم سبع مرات، ويُمنع الآخرون من تقبيله، وتوضع عليه خرزة «خضرم» وهي خرزة الكباس، ويقال عندئذ: «لا كباس ولا نعاس ولا وجع في الرأس»، وهذا يعني إعادة إنتاج الطفل المكبوس بهذه المعتقدات ليعود سويًا من جديد. أما الطفل المُبدّل45، فيعتقد الناس في الأوساط الشعبية أن الطفل هو من أولاد الإنس قد جرى استبداله بأحد أولاد الجن، ويطلق ذلك بالذات على الطفل الدائم الصراخ، والذي يتألم دائمًا لأسباب غير مفهومة46، ويُعالج بحمله إلى قبور الأنبياء والصحابة والأولياء لينال بركتهم وإعادته إلى حالته الطبيعيَّة، كما يُعالج بأن يُحمم بمقدار من الماء يعادل وزن المصحف، ويرشق الماء على سلاسل حجرية دون أن يصل إلى الأرض، أو تحمله امرأة بلغت سن اليأس إلى سيل أو نبع مجاور دون أن تكلم أحدًا في طريقها، وتغطسه في الماء ثلاث مرات لحظة رفع آذان صلاة الجمعة؛ ويُعزى التبديل إلى أن الداية لم تذكر اسم الله عليه عند توليده.
وهناك الطفل الملموس: وهو الذي تلمس الداية أعضاءه التناسلية لمعرفة جنسه فيصرخ ويعالج برقية. أما الأطفال التوأم الذين ولدوا بخلاص واحد، فتعتقد الريفيات أنهم عند النوم روحهم تصبح قطط، وتنادي الأم في الجيران مَنْ عنده قطة يتركها، وإذا قام أحدهم بضرب قطة، فإن الطفل يصرخ في السرير وهو نائم، والدراسات الميدانية أفادت بالكثير عن غرابة المعتقد الشعبي في علاقة التوأم بالأرواح والقطط والتجوال والعودة، ولهم في ذلك آراء ونظريات امتزجت بالخرافة والخيال إلى حد بعيد47.
تدريب الطفل على القدرات المختلفة:
الأسرة هي أهم عامل في نقل التراث الشعبي إلى الطفل، وهي تتفوق في ذلك على كافة وسائل ومؤسسات التنشئة الاجتماعية الأخرى، خاصةً في المجتمعات التقليدية. ومن بين أفراد الأسرة تُعَدّ الأم الشخصية الأولى صاحبة الدور الجوهري في توصيل التراث إلى الطفل الذي هو كل شيء في حياة والديه، يقول شابرول: «المصري يعرف أكثر منا معنى العواطف الطبيعية، فأطفاله هم كل شيء في حياته، وهم مصدر كل سروره وفخره وآماله، ولربما كانت أحاسيسه أكثر وأقل تنوعًا، لكنها أكثر نفاذًا وحقيقية، وهو يدين بذلك إلى براءة عاداته وكذا إلى بساطة تقاليده».
إن عملية التربية ونعني بها توصيل التراث الثقافي إلى الطفل لا تتحدد بحدود زمنية معينة، وإنما هي تتم بشكل مكثف في سنوات العمر الأولى، ولكنها تظل مع ذلك مستمرة طوال العمر، بحيث يتم امتصاص القيم والمعايير ونماذج السلوك الاجتماعي امتصاصًا كاملاً. ولا تتم التربية على نحو واحد أو بوسيلة واحدة أو وسائل بعينها، ولكن الأسرة والمجتمع المحلي بوجه عام يُسخر كل ما لديه من إمكانيات لتحقيق هذا الهدف العزيز، فتتوصل الأسرة إلى ذلك بالقدوة أولاً، وبالتعويد والتدريب المتكرر، وبالأوامر والنواهي المباشرة والمتفاوتة القوة، وبقص الحكايات وإنشاد الأغاني، وإلقاء الأمثال والحكم، والاشتراك في المناسبات والطقوس الاجتماعية العامة والخاصة.
والقيمة الأساسية التي تحرص الأسرة على غرسها في نفس الطفل هي قيمة احترام الوالدين والكبار بصفة عامة، وبديهي أن استقرار هذه القيمة في نفوس الأطفال تسهل ما يلي ذلك من وصول تأثير سبل التنشئة الأخرى إلى أعماقهم، على أن هذا الحرص الكبير على تربية الطفل يمكن أن يتعرض لبعض الصور غير السوية أو مظاهر التطرف من تدليل أو قسوة.
ومن الموضوعات التربوية ذات الأهمية الفولكلورية الواضحة، الشخوص التي تستخدم لتخويف الأطفال، إذ تعرف كل الثقافات الشعبية عددًا من الشخوص والهيئات التي تخيف بها الأطفال، وهي تستعمل للأغراض التربوية لإبعاد الطفل عن أماكن معينة، أو تخويفه من ممارسة فعل، أو سلوك معين، أو إصدار قول معين... إلخ. ومن هذه الشخوص في الثقافة الشعبية المصرية: الكائنات الخرافية كالعفريت، وأبو رجل مسلوخة، والسلعوة، والبعبع، والحيوانات كالكلب والذئب والثعلب. ومن ذلك أيضًا أشخاص ووظائف معينة في المجتمع، وهي تُستدعى للتخويف إما لأنها رمز للسلطة والبطش كالعسكري، أو لما تحدثه من ألم شديد يفزع منه الطفل كالطبيب وإعطائه الحقنة...إلخ48.
تمثل الحكاية الشعبية التي تنقل بها معرفة الأجداد والآباء خبرتهم إلى الأبناء والأحفاد «شفاهةً» حول الخوارق والأساطير الخرافية التي تنتمي في مجملها إلى عالم الخيال واللاواقعية حين يجمعونهم في الأماسي أو أوقات الفراغ، الممثلة الأدائية الحقة المستوعبة لقيم الطفولة والمتجهة إليها، هي الفاعلة في ترسيخ المعتقدات الشعبية الخاصة بالكبار لدى صغارهم، في حدود وعيهم واعتباراتهم العمرية والسلوكية، بشكل متعمد منهم أو غير متعمد – طبقًا للعادة السلوكية أو القولية – فيما بين الكبار وأطفالهم. وخاصةً إذا ما تقمص الوالدان شخصية أطفالهم والنزول بالمستوى العقلي في خطابهم إلى مستواهم عند مخاطبتهم حتى يسهل على الطفل استيعاب رسائلهم الممثلة في الحكايات أو غيرها؛ التي يهدف الوالدان من خلالها بث قيم سلوكية مرغوبة أو النهي عن تلك السلوكيات والقيم غير المرغوب فيها49.
فيصبح الطفل في هذه المرحلة مع تطوره النفسي والجسماني والعقلي والثقافي، طفلاً كان، أو إنسانًا ناضجًا هو المتلقي والمؤدي في الوقت ذاته لكافة أشكال الممارسات والسلوكيات التي تحمل بطياتها دلالات اعتقادية متنوعة طبقًا لما يجابهه من سلوكيات ومواقف اجتماعية مختلفة ومتنوعة، والتي قد تلقى قبولاً ودعمًا من أهله وأقاربه وأصدقائه في حالة كونها تتفق ومعتقداتهم وثقافتهم بما يدعم وجودها ويؤيدها ويعمل على استمراريتها داخل بيئتها، أو تلقى رفضًا أو توبيخًا أو شكلاً من أشكال الضبط الاجتماعي الذي قد يصل الأمر فيه إلى حد الطرد من الجماعة عندما يختلف معها في معتقداتها؛ بما يهدد من كيانها ويضعف من قوتها بين الجماعات المحيطة بها داخل المجتمع الكبير50.
كما تحمل الحكاية فوائد تربوية وتعليمية تهدف إلى تحقيق غايات أخلاقية واجتماعية، فالطفل في الحكاية الشعبية قد يكون نفسه بطلاً، وهو في جميع الأحوال متلقٍ ذكي لكل محمولات الحكاية، وقد يتمثلها في سلوكه اليومي وحياته المعاشة، كمناصرة قوى الخير على الشر التي تحاول أن تهدم قواعد الخير والمحبة، كما توحي بذلك بعض عناصر الحكاية الشعبية مثل حكايات: (أمنا الغولة، الجنيات الثلاث، والحيوانات المختلفة سواء الأليفة منها أو المتوحشة)، وهذا هدف تعليمي وأخلاقي نجده في كل حكاية إيجابية الملامح، مثل: قصة (الشاطر حسن، الأقزام السبعة، المصباح السحري، السندباد، الثلاث معزات، ألف ليلة وليلة، ست الحسن والجمال، الندَّاهة)، إلى جانب بعض القصص النبوي51.
وتتدرج الحكايات حسب النوع والسن والهدف من الحكاية في اختيار نوع الحكاية للطفل، مع الأخذ في الاعتبار أهمية توافر عنصري التشويق والإثارة مع احتواء كُلّ حكاية على بعض القيم والمُثل العُليا التي يرغب الملقي للحكاية غرسها وبثها لدى المتلقي «الطفل».
تفسير العالم المحيط للطفل:
في هذه المرحلة يبدأ تفسير أصل الطفل له، أو بيان الكبار المحيطين به المصدر الذي حصلوا منه عليه، فهناك طائر أو حيوان أو إنسان أو كائن ما «أحضر» هذا الطفل إلى البيت، قد يكون الضفدعة، أو الغراب، أو العصفورة، أو الثعلب، أو الداية. ويعتقد أحيانًا أن كل الأطفال موجودون في مكان معين (في بئر معين، أو تحت شجرة، أو فوق جبل، أو أمام مسجد... إلخ) وأن هناك شخصًا معينًا هو الذي يحضرهم للأسرة52.
أما فيما يرتبط بالحكاية الشعبية وما تتضمنه من معتقدات شعبية يتم بثها عبر الحكايات إلى الأطفال، فتمثل الحكايات الشعبية التي تنطوي على عناصر التشويق والإثارة بالنسبة للقوى غير المنظورة وكيف تصور له الملائكة ذات الدلالة الخيرية والأشياء الجميلة، والعفاريت التي تُشَبَّه وتمثل بالأشياء القبيحة ذات الدلالة الشريرة في الحكاية. فنجد مثلاً: الأم التي تخوف طفلها عندما يبكي بقدوم العفريت، أو أنها سوف تؤذيه إن لم يكف عن البكاء. وفي حالة قيامه بأفعال طيبة ومحمودة تخبره بأن الملائكة سوف يحبونه لكونهم يحبون الأطفال الطيبين53.
وتتدرج معرفة الأطفال بالملائكة والعفاريت بارتقائهم العمري وما يتم بثه لهم من حكايات مختلفة توضح لهم أن الملائكة أجسام نورانية ترتدي ملابس بيضاء، وأن الملائكة مخلوقة من نور، وهي رسل الله إلى الأرض، أما العفاريت أو الجن فيسكنون تحت الأرض، وهناك بعض الأفعال التي يجب تجنبها من الأطفال حتى لا تظهر لهم العفاريت مثل: (عدم الكلام في الحمام، أو سكب المياه السخنة في الحمام... إلخ).
كما توجد بعض الممارسات التي قد تؤصل لهذه الأفكار الاعتقادية لدى الأطفال، وخاصةً إذا ما كانوا عنصرًا أساسيًا في مثل هذه الممارسة التي لا يمكن إتمامها بدون الطفل، مثل: قيام بعض المشايخ (الدجالين والمشعوذين) من استخدام الأطفال صغار السن للاستفادة منهم في فتح المندل في حالات السرقة، أو للاستدلال على أماكن كنوز ما، أو لمعرفة الحظ أو البخت لكونهم ليسوا ماكرين وطاهرين أشبه ما يكونون بالملائكة54.
ألعاب وأغاني الأطفال:
يشكل اللعب حاجة أساسية من حاجات الطفل، إذ لا يمكن أن ننظر إلى الطفل ونشاطه الطبيعي بمعزل عن اللعب والحاجة إليه، بل بات من المؤكد أن هذه الحاجة وضرورتها تأتي الأولوية ضمن سلم الحاجات الأساسية للطفل، يقول الأديب البلغاري بوسيليك «بلا قصص وبلا ألعاب، فإن شمس الحياة ستغيب عن عالم الطفل، وبذلك ستتقوض أركان حياته، فالحكاية مثلها مثل حليب الأم».
وذلك لأن ممارسة اللعب تشكل أساسًا لطاقة الطفل، وسمة بارزة في شخصيته وطبيعته الطفولية التي لا يمكن أن تسير وتنمو بشكلها الطبيعي دون ممارسة اللعب وإشباع الحاجة إليه55. وعلى الصعيد الثقافي يصبح الطفل مستعدًا في مرحلة الطفولة المبكرة لسماع الأناشيد والحكايات التي يتم من خلالها بث بعض من المعارف والقيم الخاصة بالطفل داخل الأسرة، والمعتقدات التي يُحتَكَمُ إليها56.
بعد أن تتطور عمليات نمو الطفل نسبيًا تظهر ألعاب الأطفال وأغاني الأطفال بشكل أولي بسيط وعلى لسان الأم أولاً، فهي أول مَنْ يردد لوليدها الأغاني، ومعها تبدأ أولى محاولات اللعب وبتطوره تتطور قدراته على الغناء واللعب، ويكتسب من خلالهما سبيله إلى أطفال الأسرة الآخرين، ثم أطفال الجيران والمدرسة بعد ذلك57.
1) ألعاب الأطفال:
من القضايا الأساسية ذات الأهمية البالغة في حياة الطفل، وفي نشاطه، وأفعاله، وفي مجمل عملياته العقلية والذهنية والانفعالية والإدراكية، وغيرها من المسميات التي تأخذ مساحة واسعة وأساسية في العمليات التربوية والتعليمية بشكل عام، وفي بنية ثقافة الأطفال بشكل خاص، هي قضية (اللعب). إذ أن اللعب بمجمل فاعليته واتجاهاته، وإفرازاته، يشكل ظاهرة اجتماعية، ثقافية، غريزية، انفعالية بارزة، بل هي النشاط الأبرز والأعمق في فاعلية وأفعال الطفل الواقعية والخيالية58، والألعاب هي أول مدرسة اجتماعية يدخل إليها الطفل، ومن خلالها يجتاز أولى تجارب حياته59.
الألعاب الشعبية ضرورة أساسية من ضرورات الطفولة، تصاحب الطفل منذ بداية تكون القدرات الحركية عنده، وتتطور معه تبعًا تطور قدراته الجسمية والنفسية والاجتماعية، فهي بذلك حاجة طبيعية لديه، لا تحتاج إلى تربية معينة لتعويده عليها أو جذبه إليها، وربما فقط لتنظيم ممارسته لها، ويتم هذا التنظيم بشكل تلقائي عادة من خلال التفاعل مع أمه في البداية، ثم مع رفاقه بعد ذلك60.
والألعاب الشعبية بصفة خاصة متنوعة تنوعًا كبيرًا، فمنها الألعاب الصغيرة والكبيرة، ومنها الفردية والجماعية، والهادئة والكثيرة الحركة، ومنها الداخلية (مكان مغلق) والخارجية (مكان مفتوح). كما أنها متدرجة، ففيها ما يصلح لكل الأعمار والقدرات. وهذا التنوع الكبير يلبي شرط العمومية والانتشار، ففيها المناسب لكل اتجاه ولكل قدرة ولكل مرحلة عمرية. ولا تحتاج الألعاب الشعبية لمعدات خاصة أو أدوات رياضية معقدة، ولا تحتاج لملاعب خاصة، وإنما يمكن تدبيرها بأبسط الإمكانيات وبما هو متاح في البيئة المحلية، وفي أي مكان متوفر أمام الطفل61.
والسمة الهامة الأخرى في الألعاب الشعبية أنها لا تتطلب مسبقًا أية استعداد خاص أو مهارات معينة في مَنْ يود ممارستها، بل هي التي تربي المهارات وتهذب الاستعدادات، وعلى ذلك تتسم بالبساطة إذ بوسع أي فرد أن يفهمها وأن يؤديها، لأن القوانين التي تحكمها سهلة ميسورة وبسيطة، وهذه الخاصية تجعلها في متناول الجميع فلا يشعر أحد بعجزه إزاءها، فهي تهدف إلى إظهار المهارة وسرعة البديهة وأحيانًا القوة، فتشد الأطفال إلى ممارستها، وتحقق لهم بذلك قدرا من الإشباع هم في حاجة طبيعية إليه62.
2) أغاني الأطفال:
أغاني الأطفال هي أقدم أنواع الأغاني الشعبية على الإطلاق وأوسعها انتشارًا، وتتشابه فيما بينها إلى حد بعيد من حيث النغم والمضمون بين الثقافات على امتداد العالم، وهي من أغنى المصادر التي تحفظ لنا بقايا معتقدات وممارسات ومناسبات لم يعدّ لها وجود في عالمنا المعاصر. وتتميز أغاني الأطفال الشعبية بوضوح ارتباطها الاجتماعي، فهي تعبير حي واضح عن المجتمع، وقد كشفت الدراسات السابقة لأغاني الأطفال عن صفة الاستمرار لها عبر الزمن، على نحو يمكن أن يمتد عبر مئات السنين، وهي تشبه في ذلك أغلب عناصر التراث الشعبي المتصلة بالطفل.
وتتميز أغاني الأطفال من الناحية الشكلية بأن الإيقاع هو الذي يلعب الدور الحاسم فيها، وهذا يفسر لنا طبيعة العلاقة الوثيقة بين أغاني الأطفال والألعاب الشعبية، وكذلك بين أغاني الأطفال والرقص الشعبي. ويمكن تقسيم أغاني الأطفال من حيث المضمون إلى أربع فئات64:
الفئة الأولى (التعامل مع الكبار): هي تلك الأغاني التي تتردد في أثناء التعامل بين الطفل والكبار المحيطين به، خاصةً الأم، وتنتمي إلى تلك الفئة أغاني المهد، وأغاني ملاعبة وهدهدة الطفل، والأغاني ذات المضمون التربوي بصفة عامة.
الفئة الثانية (التعامل مع البيئة): هي تلك الأغاني التي تتردد من خلال تعامل الطفل مع البيئة، وخاصةً البيئة الطبيعية المحيطة به، فالطفل يغني لكثير من الظواهر والمتغيرات الطبيعية التي تلفت نظره أو تخيفه أو تعجبه أو تفاجئه... إلخ. فهو يفرح للمطر، ويغني للقمر، ويغني للشمس وهو يرمي إليها بسنته التي سقطت. كما يغني للحيوانات والطيور المعروفة.
الفئة الثالثة (الإيقاع واللعب): هي تلك الأغاني التي تنشأ نتيجة العلاقة الوثيقة بين الإيقاع واللعب، فتنشأ أغاني اللعب، وأغاني الرقص، والأغاني التنافسية... إلخ.
الفئة الرابعة (التعامل مع المجتمع): هي تلك الأغاني التي تنشأ نتيجة التفاعل بين الطفل والمجتمع المحيط به في مناسبات العادات الشعبية المختلفة في مراحل دورة الحياة (كأغاني السبوع، ...)، والمناسبات التي ترتبط بمرور العام وتتابعه (كأغاني الأعياد، ورمضان، ... إلخ).
وأوضحت بعض الدراسات أن الغناء الجماعي يجعل الطفل متعاونًا مع مَنْ حوله ومتكيفًا مع المجتمع لأن شخصية الطفل تذوب مع الجماعة فيتوحدون حسيًا ووجدانيًا وفكريًا وثقافيًا، كما أن الغناء الفردي يغرس في الطفل الاعتماد على النفس والشعور بالمسؤولية65.
والواقع أن اندماج الطفل مع الجماعة مستمعًا تارة ومغنيًا تارة أخرى الأغنيات الشعبية المتنوعة، فهذا يؤدي إلى جودة النطق وحسن الأداء، وتهذيب مخارج الألفاظ، ويحافظ على اللغة وطابع ولون الموسيقى الذي يستمد إيقاعه من إيقاع الكلمة، فالأغنية للطفل متعة مفيدة، وفائدة ممتعة، ووسيلة لقضاء وقت فراغه، وقد تقدم له قيمة معينة، أو تعلمه معلومة، بل قد يلجأ بعض الأطفال للغناء بصوت مرتفع عندما يسيرون في مكان مظلم، وذلك ليرفعوا من روحهم المعنوية وليتغلبوا على شعورهم بالخوف بشغل أنفسهم بالغناء، كما أن الغناء يشعرهم بأنهم لا يسيرون بمفردهم، وأن هناك مَنْ يرافقهم السير، وبهذا تقل رهبتهم ويقاومون الخوف الذي اجتاح نفوسهم، وعليه فقد عبرت أغنيات الأطفال الشعبية عن إحساس الطفل الحقيقي، وهي ترسم صورة واضحة للبيئة التي يعيش فيها، وصورة صادقة عن الانفعالات النفسية له، وعن ميوله وطبائعه66.
خاتمة:
تتوارث المعتقدات الشعبية من جيل إلى جيل، قد يتم ذلك في أغلب الأحيان عن وعى وعن إدراك ولا يمكن في أغلب الأحوال تحديد طريقة الانتقال هذه بدقة كاملة لأن شروطًا وعوامل لا حصر لها تتدخل في هذا الانتقال، وبالتالي تتشرب الأجيال الجديدة المعتقدات الشعبية من خلال عملية التنشئة الاجتماعية عن طريق الأم ومن خلال المشاركة الفعلية في حياة الجماعة. والواقع أن هناك الكثير من المعتقدات الشعبية في المجتمع الريفي التي تقتنع بها الأمهات وتتعامل من خلالها مع أبنائها، حيث أن نوع العلاقة التي تنشأ بين الأم والطفل وطريقة معاملتها له عامل هام يدخل في تشكيل شخصية الطفل67.
فنجد أن الطفل يتلقى في تنشئته الاجتماعية مجموعة من القيم والمعتقدات تكون سائدة في المجتمع الذى يعيش فيه، حيث نجد أن هذه المعتقدات تكون عبارة عن مجموعة من الأفكار والتي تُحدد ما هو حسن مقبول وما هو سيء مرفوض، وهى متفق عليها بين غالبية أعضاء المجتمع ويولونها احترامًا عميقًا، كما أنهم يحرصون على استمرارها وتوارثها، وبذلك فإنها تعطى للحياة معنى سواء في حياة الناس كأفراد أو جماعات، ويمثل الوالدان بطبيعة الحال القوة الأولى المباشرة في التنشئة التي تمارس تأثيرها على الطفل منذ ولادته، ويظل تأثير هذه القوة قائمًا حتى مرحلة متأخرة من العمر، بل وقد يظل يؤثر في سلوك الفرد طيلة حياته68.
الهوامش
1. عبد اللطيف حني، سهام سلطاني، "عادات الاحتفال بدورة الحياة في منطقة الطارف، مرحلة الميلاد أنموذجًا: دراسة ثقافية".- مجلة الذاكرة (تصدر عن مخبر التراث اللغوي والأدبي في الجنوب الشرقي الجزائري) العدد (10) يناير 2018. ص167.
2. محمد الجوهري، "الطفل في التراث الشعبي".- مجلة عالم الفكر (الكويت)، المجلد (10)، العدد (3) أكتوبر 1979. ص15.
3. عبد الخالق محمد عفيفي، الأسرة والطفل.- القاهرة: مكتبة عين شمس، 1998. ص293.
4. عن الممارسات المتعلقة بتربية الطفل في الفولكلور في الريف المصري، راجع: أميمة منير جادو، تربية الطفل في الفولكلور المصري: دراسة حالة في محافظة المنوفية/ أطروحة دكتوراه إشراف: عبد الفتاح جلال.- الجيزة: معهد الدراسات والبحوث التربوية (جامعة القاهرة)، 1999.
5. عبد الرحيم تمام أبو كريشه، "الطفل والمعتقدات الشعبية: دراسة سسيوانثربولوجيه للممارسات الشعبية للأمهات تجاه الأخطار المحيطة بالطفل في بعض المناطق الريفية".- المؤتمر العلمي الثاني (أطفال في خطر).- القاهرة: معهد الدراسات العليا للطفولة (جامعة عين شمس)، 1994. ص152، ص154.
6. راجع: محمد الجوهري، بعض مظاهر التغير في مجتمع غرب أسوان: دراسة انثروبولوجية لأحد المجتمعات النوبية.- القاهرة: مطبعة جامعة القاهرة، 1975. ص151. محمد الجوهري وآخرون، دراسات في الأنثربولوجيا الاجتماعية للطفل والتنشئة الاجتماعية.- الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية، 1992. ص16 – 17.
7. عبد الحكيم خليل سيد، دراسات في المعتقدات الشعبية.- القاهرة: الهيئة العامة لقصور الثقافة، 2013. ص32.
8. يحيى الرخاوي، "طقوس السُّبُوعْ وجدلية الانفصال الاتصال".- متاح بتاريخ 15 يونيو 2020 (https://rakhawy.net).
9. عُلا الطوخي إسماعيل، أشرف صالح محمد، جولة في معتقدات القرية.- القاهرة: دار حميثرا للنشر والتوزيع والترجمة، 2019. ص42، ص56.
10. أشرف صالح محمد، "الملابس في المعتقدات الشعبية".- بوابة الحضارات: موقع الأهرام للفنون والآداب والتراث (مؤسسة الأهرام).- 2 أبريل 2017. عُلا الطوخي إسماعيل، الأزياء في الثقافة الشعبية: الدلالة الرمزية، البناء التشكيلي، الأصول التاريخية: دراسة في دلتا مصر.- القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2020. (س. الثقافة الشعبية، رقم 51) ص32.
11. مرفت العشماوي عثمان، دورة الحياة: دراسة للعادات والتقاليد الشعبية.- الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية، 2011. ص74.
12. مرفت العشماوي عثمان، دورة الحياة، ص74.
13. عُلا الطوخي إسماعيل، أشرف صالح محمد، جولة في معتقدات القرية، ص42، ص59.
14. ماجدة إبراهيم متولي، دراسة فنية تطبيقية للأزياء الشعبية في محافظة المنوفية.- المنوفية: كلية الاقتصاد المنزلي- جامعة المنوفية، 1994. ص173.
15. عُلا الطوخي إسماعيل، الأزياء في الثقافة الشعبية: الدلالة الرمزية، البناء التشكيلي، الأصول التاريخية: دراسة في دلتا مصر.- القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2020. (س. الثقافة الشعبية، رقم 51) ص38.
16. محمد الجوهري، "الطفل في التراث الشعبي"، ص24.
17. إدوارد وليم لين، المصريون المحدثون: شمائلهم وعاداتهم/ نقله إلى العربية: عدلي طاهر نور.- القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2013.ص52 – 53.
18. عُلا الطوخي إسماعيل، الأزياء في الثقافة الشعبية: الدلالة الرمزية، البناء التشكيلي، الأصول التاريخية: دراسة في دلتا مصر.- القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2020. (س. الثقافة الشعبية، رقم 51) ص36.
19. محمد الجوهري، "الطفل في التراث الشعبي"، ص15.
20. أميمة منير عبد الحميد جادو، تربية الطفل في التراث الشعبي المصري، ص138، ص140 – 141.
21. الأرشيف المصري للحياة والمأثورات الشعبية (www.nfa-eg.org)، تاريخ الاطلاع السبت 20 يوليو 2019.
22. أميمة منير عبد الحميد جادو، تربية الطفل في التراث الشعبي المصري، ص139.
23. أحمد السعيد يونس، الطفولة من الميلاد إلى ست شمعات.- القاهرة: كتاب اليوم الطبي يصدر عن أخبار اليوم، أكتوبر 1982. ص25.
24. فاروق مصطفى إسماعيل، "مرحلة الميلاد: الحمل والولادة".- الفنون الشعبية المصرية.- القاهرة: الهيئة العامة للاستعلامات، 1994. ص437 – 438.
25. فاروق مصطفى إسماعيل، "مرحلة الميلاد: الحمل والولادة".- الفنون الشعبية المصرية.- القاهرة: الهيئة العامة للاستعلامات، 1994. ص437 – 438.
26. محمد الجوهري، "الطفل في التراث الشعبي"، ص40.
27. عبد الحكيم خليل سيد، دراسات في المعتقدات الشعبية، ص39.
28. محمد الجوهري، "الطفل في التراث الشعبي"، ص40 – 41.
29. عبد الحكيم خليل سيد، دراسات في المعتقدات الشعبية، ص39.
30. دي شابرول، دراسة في عادات وتقاليد سكان مصر المحدثين (موسوعة وصف مصر) ترجمة: زهير الشايب.- القاهرة: مكتبة الخانجي، 1979. ص44.
31. أسامة عدنان يحيى، "علاقة السحر بالطب في الحضارات القديمة: الكتابات اليهودية والمسيحية المبكرة أنموذجًا".- دورية كان التاريخية (علمية، عالمية، مُحَكَّمة).- العدد الثاني عشر؛ يونيو 2011. ص90.
32. محمد الجوهري، "الطفل في التراث الشعبي"، مجلة عالم الفكر (الكويت)، المجلد (10)، العدد (3) أكتوبر 1979. ص29.
33. أميمة منير عبد الحميد جادو، تربية الطفل في التراث الشعبي المصري.- الجيزة: عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، 2004. ص105.
34. أميمة منير عبد الحميد جادو، تربية الطفل في التراث الشعبي المصري، ص106، ص149 – 150.
35. عن وقاية المولود من الحسد، راجع: فوزية دياب، القيم والعادات الاجتماعية.- القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2003. ص327 – 330.
36. فقد عرف المصريون القُدماء اللون الأزرق، ومدى ارتباطه بالحسد، وذلك عن طريق (عين حورس) وهي عبارة عن شعار مصري قديم، يسٌتخدم للحماية من الحسٌد ومن الحيوانات الضارة ومن المرض وهي في شكل قلادة يتزين بها الشخص، وترمز إلى القوة الملكية المستمدة من الآلهة "حورس" أو "رع"، وكانت تلك القلادة توضع أيضًا على صدر مومياء فرعون لتحميه في القبر، لتتوارث بعد ذلك داخل المجتمع المصري، وكانت تلك العين على منقوشاتهم وتوابيتهم الفرعونية. انظر: ريهام المستادي، مقال بعنوان "السر وراء الخرزة والعين الزرقاء".- سيدتي (مجلة المرأة العربية)، منشور بتاريخ الثلاثاء 17 أكتوبر 2017.
37. حمديه محمد الدمرداش، "دراسات عادات دورة الحياة بقرية الطرحة بمحافظة دمياط: دراسة اثنوجرافية وصفية"، ص727.
38. محمد أحمد غنيم، العادات والتقاليد في دلتا مصر.- الجيزة: عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، 2005. ص94.
39. راجع: إبراهيم عبد الحافظ رزق، الشعر الصوفي الشعبي: دراسة ميدانية في محافظة القليوبية/ أطروحة ماجستير إشراف: علياء شكري.- القاهرة: المعهد العالي للفنون الشعبية، 1995. ص79.
40. Charles Wilfred Valentine, The Psychology of Early Childhood: A Study of Mental Development in the First Years of Life.- London: Cleveland, Ohio, The Sherwood press, 1942. P. 99.
41. أميمة منير عبد الحميد جادو، تربية الطفل في التراث الشعبي المصري، ص176.
42. أميمة منير عبد الحميد جادو، تربية الطفل في التراث الشعبي المصري، ص149.
43. سعد الخادم، "مصادر بعض التقاليد الشعبية".- مجلة "المجلة"، العدد (36) السنة الثالثة، ديسمبر 1959. ص36.
44. عُلا الطوخي إسماعيل، الأزياء في الثقافة الشعبية: الدلالة الرمزية، البناء التشكيلي، الأصول التاريخية: دراسة في دلتا مصر.- القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2020. (س. الثقافة الشعبية، رقم 51) ص39.
45. راجع: فارس خضر، العادات الشعبية بين السحر والجن والخرافة.- القاهرة: مجلة الإذاعة والتلفزيون، 2008. ص65 – 77.
46. محمد الجوهري، "الطفل في التراث الشعبي"، ص28.
47. فاروق مصطفى إسماعيل، "مرحلة الميلاد: الحمل والولادة".- الفنون الشعبية المصرية.- القاهرة: الهيئة العامة للاستعلامات، 1994. ص438.
48. محمد الجوهري، "الطفل في التراث الشعبي"، ص42 – 44.
49. عُلا الطوخي إسماعيل، أشرف صالح محمد، جولة في معتقدات القرية، ص60 – 61.
50. عبد الحكيم خليل سيد، دراسات في المعتقدات الشعبية، ص50.
51. عُلا الطوخي إسماعيل، أشرف صالح محمد، جولة في معتقدات القرية، ص61.
52. محمد الجوهري، "الطفل في التراث الشعبي"، ص20.
53. عبد الحكيم خليل سيد، دراسات في المعتقدات الشعبية، ص51.
54. عُلا الطوخي إسماعيل، أشرف صالح محمد، جولة في معتقدات القرية، ص62.
55. فاضل الكعبي، اللعب وأثره في ثقافة الطفل.- تونس: كنوز للنشر والتوزيع، 2015. ص15.
56. عبد الحكيم خليل سيد، دراسات في المعتقدات الشعبية، ص49.
57. محمد الجوهري، "الطفل في التراث الشعبي"، ص17.
58. فاضل الكعبي، اللعب وأثره في ثقافة الطفل، ص5.
59. محمد الجوهري، "الطفل في التراث الشعبي"، ص17.
60. راجع: عبد الرحمن مسامح، "الدور التربوي للألعاب الشعبية".- مجلة المؤثرات الشعبية، السنة (11) العدد (41) يناير 1996. ص23 – 32.
61. - محمد الجوهري، "الطفل في التراث الشعبي"، ص48 – 49.
62. محمد الجوهري، "الطفل في التراث الشعبي"، ص49.
63. محمد الجوهري، "الطفل في التراث الشعبي"، ص44 – 45.
64. محمد الجوهري، "الطفل في التراث الشعبي"، ص45 – 46.
65. راجع: عبد الحميد توفيق زكي، "أطفالنا والتراث على طريق الموسيقى الشعبية في مصر والخارج".- الملتقى القومي للفنون الشعبية (17 – 22 ديسمبر) 1994.
66. راجع: إبراهيم محمد بعلوشة، بحث حول الفن الشعبي وأثره في التكوين النفسي للطفل.- القاهرة: وزارة الإعلام (الهيئة العامة للاستعلامات)، 1983.ص11. محمد عبد الوهاب عبد الفتاح، "الألحان الشعبية وتربية الطفل موسيقيًا".- مجلة الفنون الشعبية.- القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، العدد (20)، 1987. ص67. أميمة منير عبد الحميد جادو، تربية الطفل في التراث الشعبي المصري، ص182.
67. راجع: السيد عبد العاطي، علم الاجتماع الحضري بين النظرية والتطبيق: مشكلات وتطبيقات.- الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية، 1987. (ج2/ ص460). محمد مصطفى مياسا، الاتجاهات الوالدية في التنشئة وارتباطها بشخصية الأبناء في المستويات الاجتماعية الاقتصادية المختلفة (أطروحة ماجستير)/ إشراف: سيد محمد عبد العال، فرج عبد القادر طه.- القاهرة: كلية الآداب (جامعة عين شمس)، 1979. ص35.
68. راجع: هدى محمد قناوي، الطفل تنشئته وحاجاته.- القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، 1991. ص48 – 56.
• المراجع العربية:
- إبراهيم عبد الحافظ رزق، الشعر الصوفي الشعبي: دراسة ميدانية في محافظة القليوبية/ أطروحة ماجستير إشراف: علياء شكري.- القاهرة: المعهد العالي للفنون الشعبية، 1995.
- إبراهيم محمد بعلوشة، بحث حول الفن الشعبي وأثره في التكوين النفسي للطفل.- القاهرة: وزارة الإعلام (الهيئة العامة للاستعلامات)، 1983.
- أحمد السعيد يونس، الطفولة من الميلاد إلى ست شمعات.- القاهرة: كتاب اليوم الطبي يصدر عن أخبار اليوم، أكتوبر 1982.
- إدوارد وليم لين، المصريون المحدثون: شمائلهم وعاداتهم/ نقله إلى العربية: عدلي طاهر نور.- القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2013.
- أسامة عدنان يحيى، «علاقة السحر بالطب في الحضارات القديمة: الكتابات اليهودية والمسيحية المبكرة أنموذجًا».- دورية كان التاريخية (علمية، عالمية، مُحَكَّمة).- العدد الثاني عشر؛ يونيو 2011.
- أشرف صالح محمد، «الملابس في المعتقدات الشعبية».- بوابة الحضارات: موقع الأهرام للفنون والآداب والتراث (مؤسسة الأهرام).- 2 أبريل 2017.
- أميمة منير جادو، تربية الطفل في الفولكلور المصري: دراسة حالة في محافظة المنوفية/ أطروحة دكتوراه إشراف: عبد الفتاح جلال.- الجيزة: معهد الدراسات والبحوث التربوية (جامعة القاهرة)، 1999.
- أميمة منير عبد الحميد جادو، تربية الطفل في التراث الشعبي المصري.- الجيزة: عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، 2004.
- دي شابرول، دراسة في عادات وتقاليد سكان مصر المحدثين (موسوعة وصف مصر) ترجمة: زهير الشايب.- القاهرة: مكتبة الخانجي، 1979.
- سعد الخادم، «مصادر بعض التقاليد الشعبية».- مجلة «المجلة»، العدد (36) السنة الثالثة، ديسمبر 1959.
- السيد عبد العاطي، علم الاجتماع الحضري بين النظرية والتطبيق: مشكلات وتطبيقات.- الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية، 1987.
- عبد الحكيم خليل سيد، دراسات في المعتقدات الشعبية.- القاهرة: الهيئة العامة لقصور الثقافة، 2013.
- عبد الحميد توفيق زكي، «أطفالنا والتراث على طريق الموسيقى الشعبية في مصر والخارج».- الملتقى القومي للفنون الشعبية (17 – 22 ديسمبر) 1994.
- عبد الخالق محمد عفيفي، الأسرة والطفل.- القاهرة: مكتبة عين شمس، 1998.
- عبد الرحمن مسامح، «الدور التربوي للألعاب الشعبية».- مجلة المؤثرات الشعبية، السنة (11) العدد (41) يناير 1996.
- عبد الرحيم تمام أبو كريشه، «الطفل والمعتقدات الشعبية: دراسة سسيوانثربولوجيه للممارسات الشعبية للأمهات تجاه الأخطار المحيطة بالطفل في بعض المناطق الريفية».- المؤتمر العلمي الثاني (أطفال في خطر).- القاهرة: معهد الدراسات العليا للطفولة (جامعة عين شمس)، 1994.
- عبد اللطيف حني، سهام سلطاني، «عادات الاحتفال بدورة الحياة في منطقة الطارف، مرحلة الميلاد أنموذجًا: دراسة ثقافية».- مجلة الذاكرة (تصدر عن مخبر التراث اللغوي والأدبي في الجنوب الشرقي الجزائري) العدد (10) يناير 2018.
- عُلا الطوخي إسماعيل، أشرف صالح محمد، جولة في معتقدات القرية.- القاهرة: دار حميثرا للنشر والتوزيع والترجمة، 2019.
- عُلا الطوخي إسماعيل، الأزياء في الثقافة الشعبية: الدلالة الرمزية، البناء التشكيلي، الأصول التاريخية: دراسة في دلتا مصر.- القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2020. (س. الثقافة الشعبية، رقم 51)
- فارس خضر، العادات الشعبية بين السحر والجن والخرافة.- القاهرة: مجلة الإذاعة والتلفزيون، 2008.
- فاروق مصطفى إسماعيل، «مرحلة الميلاد: الحمل والولادة».- الفنون الشعبية المصرية.- القاهرة: الهيئة العامة للاستعلامات، 1994.
- فاضل الكعبي، اللعب وأثره في ثقافة الطفل.- تونس: كنوز للنشر والتوزيع، 2015.
- فوزية دياب، القيم والعادات الاجتماعية.- القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2003.
- ماجدة إبراهيم متولي، دراسة فنية تطبيقية للأزياء الشعبية في محافظة المنوفية.- المنوفية: كلية الاقتصاد المنزلي- جامعة المنوفية، 1994.
- محمد أحمد غنيم، العادات والتقاليد في دلتا مصر.- الجيزة: عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، 2005.
- محمد الجوهري، «الطفل في التراث الشعبي».- مجلة عالم الفكر (الكويت)، المجلد (10)، العدد (3) أكتوبر 1979.
- محمد الجوهري، بعض مظاهر التغير في مجتمع غرب أسوان: دراسة انثروبولوجية لأحد المجتمعات النوبية.- القاهرة: مطبعة جامعة القاهرة، 1975. ص151. محمد الجوهري وآخرون، دراسات في الأنثربولوجيا الاجتماعية للطفل والتنشئة الاجتماعية.- الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية، 1992.
- محمد عبد الوهاب عبد الفتاح، «الألحان الشعبية وتربية الطفل موسيقيًا».- مجلة الفنون الشعبية.- القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، العدد (20)، 1987.
- محمد مصطفى مياسا، الاتجاهات الوالدية في التنشئة وارتباطها بشخصية الأبناء في المستويات الاجتماعية الاقتصادية المختلفة (أطروحة ماجستير)/ إشراف: سيد محمد عبد العال، فرج عبد القادر طه.- القاهرة: كلية الآداب (جامعة عين شمس)، 1979.
- مرفت العشماوي عثمان، دورة الحياة: دراسة للعادات والتقاليد الشعبية.- الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية، 2011.
- هدى محمد قناوي، الطفل تنشئته وحاجاته.- القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، 1991.
- يحيى الرخاوي، «طقوس السُّبُوعْ وجدلية الانفصال الاتصال».- متاح بتاريخ 15 يونيو 2020 (https://rakhawy.net).
- Charles Wilfred Valentine, The Psychology of Early Childhood: A Study of Mental Development in the First Years of Life.- London: Cleveland, Ohio, The Sherwood press, 1942.
• الصور:
- الصور من الكاتب