المرأة والأطعمة النباتية في المطبخ المتوسطي: دراسة أنثروبولوجية بمجتمع محلّي، طبّق الخُبِّيز أنموذجا
العدد 63 - عادات وتقاليد
مقدمة
لعبت المرأة على مرّ التاريخ الحضاري في مجتمعات حوض البحر الأبيض المتوسط دوراً ريادياً في تشكيل العادات الغذائية وصناعة الطعام والدواء عن طريق النباتات والجذور والثمار، حيث أظهر «الاختصاصيون في ميدان الصيادين جامعي الثمار أن جامعات الثمار غالباً ما كن تسهمن في تأمين الغذاء أكثر من الصيادين الذكور، وكانت استقلاليتهن في الإنتاج تنعكس تكافؤا أعلى في المكانة» (شعبان، 2004، صفحة 114)، وقد يتبادر في أذهاننا أن أدوار نساء اليوم ليست سوى امتداد لأدوارهن التي لم تتبدل منذ ملايين السنين إلى عصرنا، كتربية وحماية أفراد الأسرة ورعايتهم الطبية وتلبية احتياجاتهم الضرورية، كما هي «العادات الغذائية، وإلى يومنا هذا، لا تتغير بسهولة، وعلاوة على ذلك، يجب توّفر مهارة لطبخ بعض النباتات من دون استعمال القدر. من الممكن إذن أن تكون عادة طبخ جزء مهم من الطعام، وجعله مفهوماً أكثر تأثراً ممّا قد يتصور، ومن المؤكد أنها قد أثرت في التطور البدني والعقلي والاجتماعي» (تيليون، 2000، صفحة 46).
نستعرض في هذه المقالة دور المرأة في الأرياف والبوادي والمدن الجزائرية في طبخ وجبة غذائية، مكونة من النباتات (تسمى بالعامية الحَشَاوّشْ أي الحشائش) تعرفنها جيلاً بعد جيل في المجتمع المحلّي، وتُسمى بـ «الخُبِّيز أو الخُبِّيزى»، نسبة لنبتة الخَبَّازِي وتنصيبها ملكة للنباتات التي تؤلفها والاسم العلمي للصنفين المتوفرين، «أتى على ذكرهما الدكتور جان باتيست شوميل عام 1712: الخبيز البري «مالفا سلفيستريس» و«مالفا برفيفلورا» ذات الأزهار الصغيرة البنفسجية» (J B, 1712, p. 700)، حيث تسمى باللغة البربربة «أمجير»، وفي المغرب الأقصى بـ «البْقولة» أو «البقيلة والبقلة1 والتوله» في المشرق (الأردن وفلسطين، مصر، والعراق وسوريا..). ومن تعدّد تسمياتها والطبقات الاجتماعية التي تؤلفها نستشف أن مصطلحات «خُبِّيزا وخُبازى وخبيزة وخبّاز» بمثابة تصغير لكلمة «خُبز»، التي تمثل ربما كناية عن ورقة الخبيز التي تنتهي بحمل بذور صغيرة تشبه شكل الخبز المدوّر أو تعود تسميتها لإضافة فتات الخبز الجاف أو دقيق الشعير أثناء الطهّي.
قمنا بجرد مكونات الوصفة النباتية وفنيات طبخها وتوضيح فوائدها الغذائية والصحية من وجهة -نظر عينة البحث-، بتطبيق النظرية الأنثربولوجية الوظيفية من منظور برونسلاوف مالينوفسكي (Bronislaw Malinowski)، الذي يعتمد على المُعايشة وملاحظة سلوك وعادات الناس بالمكوث معهم لفترة طويلة، والاستعانة بتخصص التاريخ البيولوجي الذي يهتم «بظواهر كالتغذية والجنس ومواقف الإنسان من الجسد ومن الموت والأمراض، فإننا ندرس في الواقع ردود فعل الإنسان أمام الضغوط الطبيعية، وبذلك يبدأ التاريخ بوضع بعض الروابط مع البيولوجيا، ويمكن أن نتكهن أنها ستكون أكثر أهمية في المستقبل، لأن ما تقدمه البيولوجيا للتاريخ هو نتائج أبحاثها، وهي مصدر هام وغني بالمعلومات التي أهملها المؤرخون إلى اليوم، نظراً إلى عدم قدرتهم على تناول الجسد بالدرس» (لوغوف، 2007، صفحة 227).
تعد نبتة الخبيز من النباتات القطفية2، ذات الأهمية الطبية والغذائية المعتبرة، منذ العصور البربرية واليونانية والرومانية القديمة ولا نملك تحديداً تاريخياً لاستخدامها على وجه الدّقة سوى ما استحضرته بعض المصادر التاريخية عن اليونان والرومان «دون أن يكونوا أطباء بالضرورة، كما أنها استعملت بكثرة وصرامة في المجال الطبي، وممّا لا شك فيه أن هيزيود (Hésiode) قبل القرن 8 ق م يعطينا أول المعلومات المتعلقة بالنبتة، إذ سَخِر هذا الفيلسوف والشاعر اليوناني من الحمقى الذين لا يعرفون ما لديهم من ثروة موجودة في نبتتي الخبيز (Malva) وأذن الفيل/القلقاس (Arum) واعتبرهما في الأصل نبتتين غذائيتين، ووفقًا لبلوتارخ، تمّ تقديم الخبيز والبرواق ( Asphodèle) في معبد أبولو، في ديلوس، كهدية تذكارية، مع عينات من المواد الغذائية البدائية، والمنتجات الطبيعية البسيطة الأخرى» (Ducourthial, 2003, p. 318)، وثاني فيلسوف بعد هيزيود «هو أرسطوفان الذي أثار استهلاك الخبيز بدون مدح في التعبير عن الفقر الذي أجبر الرجال على تناوله بدل الخبز» (MIGUES, 2004, pp. 169 - 182)، كما ذكرها هوميروس بأنها «نباتات حافظت على البعد الأسطوري، وبعد قرنين فيما بعد، تمّ العثور على الخبيز كنبات أسطوري اعتبره الفيثاغورثيون نباتاً رمزياً مقدساً بسبب ميلان أزهاره نحو الشمس» (Paul-Victor, 1999, p. 614)، ورغم ما تقتضيه دراستنا من توضيح لتاريخ استعمال هذه النبتة سواء لأغراض دينية أو طبية أو غذائية، إلا أننا نفضل الاكتفاء بهذا القدر لعل وعسى أن نفرد لها بحثاً خاصاً في المستقبل يتقصى أصل اعتماد الإنسان البدائي على النباتات، وأهم العلماء المشهورين في الكتابات الطبية حول النباتات والعقاقير.
قمنا برصد السلوك الغذائي النباتي في المجتمع المحلّي منذ 2018 بإنجاز بحوث إثنولوجية وإثنوغرافية حول مختلف «الأطعمة النباتية البرية» والأسباب التي جعلت النساء تقبلن عليها، فهل كانت مناسبات ترحيبية لقدوم الربيع ليكون القربان «طعاماً نباتياً»3، بصفة عامة لتبيان دوره في حياة الإنسان وربما بسبب ندرة أطعمة كـ اللحوم والبقول (القطاني)، أو لعلاقته بتاريخ الأطعمة الأولى منذ فجر البشرية إلى الحضارات التي غزت شمال إفريقيا (كـ البيزنطيين الوندال والرومان...) وانخرطت في صناعته الطبقات الدنيا من سُلم التراتب الاجتماعي.
دفعنا الفضول المعرفي للبحث عن وصفة طبق «الخبيز» ومعرفة الأسباب التي جعلتها تعرف رواجاً محلياً ووطنياً، وبالأخص في الغرب والوسط الجزائري، أملاً في الوصول لمعلومات حول تاريخ المطبخ الجزائري القديم ودور المرأة في تنويع النشاط الغذائي الأسري وأسبابه؟، فهل هو العجز عن الصيد أو عجز في الحصول على اللحوم؟ أم أنها قدرة على المعرفة بالفوائد الطبية والغذائية لهذه النباتات؟، وهل أقبل أفراد المجتمع المحلّي على هذا الطبق تلبية لحاجات بيولوجية؟ أم استجابة لعاداته ودوافعه السوسيو ثقافية مع البيئة؟.
أولا: أهمية البحث:
نبع اشتغالنا بدراسة التراث الشفوي المتعلق بالطبخ والطعام والأكل، من اهتمام أكاديمي في تسجيل تراث ثقافي مادي يستحق العناية، نظراً للدراسات الضئيلة في هذا المجال، حيث نقلته النساء في البوادي والأرياف بمعرفة وخبرة في تصنيف فوائد النباتات الغذائية والفطريات والأزهار والجذور الطبية والسامة ولكن لم يتم تدوينه، وتماماً كما جرى تربية الحيوانات المتوحشة قامت المرأة بتربية المنتجات النباتية في حديقتها وضمتها لمائدة الغذاء، حيث كان لا يخلو كل بيت من بستان (Jardin) يبعد عنه بمسافة عشرة أمتار أو أقل، تَسْهُل العناية به ومراقبته، وفي ذات السياق كانت المرأة على دراية جيّدة بأصناف كثيرة من النباتات البرّية والأعشاب والعقاقير الطبية، التي أدمجتها ضمن الوصفات المطبخية، حسب درجة الاهتمام والتكلفة والمذاق.
تعتبر «وصفة طبق الخبيز» في نظرنا كـ وثيقة تدّلل على الطبقة الاجتماعية، كما يمكن أن نعيد تحضيرها للحصول على تجربة مباشرة، وبإحساس يُحاكي ما شعر به السكان القدامى. ونسعى في ذات الوقت لتوضيح طبيعة الخيارات الفكرية التي تسبق ضغوطات البيئة في توجيه سلوك الإنسان وفي مجالات هامة تتعلق بحياته، كـ اهتمامه بـ«الزراعة التي أحدثت انقلاباً ثقافياً لا يعادله انقلاب في تاريخ البشر، إنما نشأت عن خيار فكري بالدرجة الأولى، والجماعات النيوليتية الرائدة في المشرق العربي، لم تعدّل استراتيجيتها الغذائية نحو الاعتماد المتزايد على الزراعة من أجل تلاؤم الجماعة مع وسطها الطبيعي، بل من أجل تلاؤمها مع نفسها» (السواح، 1998، صفحة 176).
أهداف الدراسة:
اهتم العديد من الباحثين الإثنولوجيين بدراسة الشعوب البدائية وعاداتها الغذائية، فأمكنهم البحث من خلال استرجاع الكثير من الوصفات المطبخية التي كانت طيّ النسيان (مثال: مطبخ الإنكا، المصريون القدامى، والعراق، والهند وإفريقيا...)، لذا نأمل في تسجيل مكونات «طبق الخبيز»، كـ وصفة لها تاريخ عريق في الثقافة المتوسطية المغاربية، تناقلتها الأجيال المتعاقبة، ونرغب مستقبلاً في تركيز البحث على النباتات الموجودة في مجال الدراسة، والمتعلقة بالمطبخ، ومحاولة توضيح إن كان الهدف من تناولها هو التداوي والشفاء أم لمواجهة الجوع والفقر الذي شهده المجتمع في فترات تاريخية يمكن للمبحوثات الإفصاح عنها، عبر سرد بعض ذكرياتهن وتجاربهن وتصوراتهن لتوريث هذه المعارف والأفكار والتقنيات.
منهجية البحث الإثنوغرافي:
انطلقنا في الشق المنهجي عبر المراحل الثلاث للأنثروبولوجيا في مفهومها الأكاديمي حسب التعبير الشتراوسي بداية بـ الاثنوغرافيا اليومية، التي تعنى بالدراسة الوصفية الدقيقة لأسلوب حياة أفراد المجتمع بمُساءلة النساء والرجال حول طبيعة النباتات البرية واختلاف أشكالها وأهميتها، لذلك كانت الملاحظة تقنية ضرورية في التحقيق الاثنوغرافي، بالتنقل بين البوادي والحقول رفقة النسوة كـ استراتيجية أساسية لتوثيق خصائصها وتوصيف قيمتها الطبية من وجهة نظرهم، ثم ثانياً بـ المرحلة الاثنولوجية التي تحلل وتناقش ما تمّ التوّصل إليه في المرحلة السالفة الذكر بتركيب ثلاثي: بيئي يتناول إيكولوجيا الجماعة المحلية وتاريخي تعاقبي يتقصى تاريخها الحي وحوادثها الرئيسية ومنهجي لتفسير نمط التقنيات والمواقف والمؤسسات المتعلقة بمجتمع الدارسة لنصل أخيراً للمرحلة الأنثروبولوجية التي تقودنا نحو محاولة التعميم بنظرة توليفية على المعرفة الشاملة حول الإنسان منذ بداياته الأولى إلى زمننا الحالي.
الجنس | السن | الحالة الاجتماعية | مستوى التعليم | الطبقة الاجتماعية | كيفية التعلم | مدة المقابلة | عدد مرات طبخ طبق الخبيز/سنة | |
م1 | أنثى | 37 | عزباء | جامعي | متوسطة | الأم والخالات | 55 د | 07 |
م2 | // | 40 | متزوجة | ثانوي | متوسطة | أم الزوج | 45 د | 08 |
م3 | // | 41 | متزوجة | متوسط | متوسطة | أم الزوج | 43 د | 09 |
م4 | // | 47 | مطلقة | ابتدائي | فقيرة | الأم والخالات | ساعة 20 د | 08 |
م5 | // | 57 | متزوجة | أمية | متوسطة | أم الزوج | ساعة وربع | 09 |
م6 | // | 61 | متزوجة | ابتدائي | متوسطة | أم الزوج | 45 د | 09 |
م7 | // | 65 | أرملة | أمية | فقيرة | أم الزوج | ساعة ونصف | 08 |
م8 | // | 67 | متزوجة | ابتدائي | متوسطة | الجارات | ساعتين | 07 |
م9 | // | 75 | أرملة | أمية | فقيرة | أم الزوج | ساعة ونصف | 04 |
م10 | // | 88 | أرملة | أمية | متوسطة | أم الزوج | ساعتين | 03 |
الجدول 01
استعنا بتقنية المقابلة غير الموجهة المجراة مع النساء اللواتي كنا نلتقي بهن يومياً على اختلاف مناطقهن بمساعدة والدتي التي لعبت دور المخبر مع بعض الأقارب ويعود لهن الفضل في إعداد هذا البحث (مليكة، زهية، الخضراوية، أم السعد، حليمة)، وقد شملت العينة نساء كثيرات من بلديات ولاية الشلف5: الزبوجة، تنس، سيدي عبد الرحمن، سيدي عكاشة، أبو الحسن، غبال، تلعصة، بوزغاية، وتاجنة، تاغزولت، عين حمادي، المرسى البنايرية والزبوجة، كما توضح الخريطة 01، وهي بيئة طبيعية معروفة بتنوع غلافها النباتي ومناخها المعتدل، وبقربها من البحر الأبيض المتوسط، كما تتراوح جغرافيتها الطبيعية بين الجبال (سلسلة جبال الونشريس والظهرة) والسهول والمنخفضات والمستنفعات.
أنجز البحث في الفترة الزمنية الممتدة ما بين أكتوبر 2018 إلى أفريل 2019، مع عينة النساء اللواتي منحن لنا فرصة مرافقتهن في قطف النباتات البرية التي تكوّن الطبق الغذائي، والتعرف على مختلف النباتات والحشائش بخصائصها وتسمياتها المحلية، والمساهمة في تحضير أطباق الخبيز وإعدادها وتذوقها ومشاركتها مع أفراد كثيرين (أصدقاء ومعارف)، وخلصنا لعينة من 10 نساء تتوفر فيهن الشروط المطلوبة من خبرة ومعرفة، كما سمحن لنا بزيارتهن أثناء إعداد الأطباق على مدار فترة إنجاز البحث، وتم حصر خصائص العينة في رقم الجدول01.
اثنوغرافيا الطعام النباتي بين الندرة والوفرة:
عرف إنسان العصر الحجري القديم الذي يمتد لـ 8 آلاف سنة ق م كل أصناف النباتات فصنع منها وصفات غذائية متنوعة، سواء لضرورات اقتصادية أو صحية أو أمنية، وتتكون من النباتات العشبية والدرنية وأوراق الأشجار والفواكه البرية والجذور...وغيرها، ونعتقد أن هناك وصفات غذائية تمَّ الاحتفاظ بها في الكتب والوثائق التاريخية، في حين تم تناقل أخرى شفوياً عن طريق التلقين المطبخي والطبي، لكن «من الصعب التثبت من امتلاك إنسان العصر الحجري القديم لأعشاب المداواة أو لمخزون من الأدوية، لأن الأعشاب على عكس الأشياء المصنعة من الأحجار، تتحلل ولا يتبقى منها ما يدّل على استخدامها، ومع ذلك فقد تبين في عصرنا الحالي أن الحضارات المعزولة ما زالت تمارس ما يمكن تسميته بتقنية العصر الحجري، وتعرف هذه الحضارات الأعشاب وتستخدمها كمطهرات ومسكنات الألم» (كاتي و هارولد، 2001، صفحة 15)، على غرار ما تم تسجيله عن القبائل الأمازونية والهنود بأمريكا والميلانيزية في شمال استراليا والبوشمن والبانتو في أفريقيا... حيث تؤكد مختلف الدراسات الإثنولوجية والأنثروبولوجية على الأهمية البالغة التي عرفتها المحاصيل الزراعية النباتية في تعاملاتها اليومية والاقتصادية وفي علاقتها مع المناخ وما يعتريه من جفاف، طبع حياتهم وجعل اقتصادهم اقتصاد تقشف.
يشير تيوبالد فيشر أستاذ فرانز بواس في «مقالة مطوّلة له حول دور شجرة النخيل شمال إفريقيا وغربي آسيا، وتصف هذه المقالة طرق الأهليين في زراعة هذه الشجرة، وتحضير أطباق الطعام منها، وقدراتها الحافزة. وهو يحدد العلاقات التجارية المتوالدة عن انتشار النخيل ويعين الجزيرة العربية كنقطة انطلاق محتملة» (لوي، 2007، صفحة 105)، فمن الناحية الاقتصادية نعتقد أن الإنتاج الكبير للمواد الغذائية وسهولة نقلها وارتفاع دخل الفرد، كلها عوامل لها أثر عميق في تطور الغذاء وتبدّل عادات الشعوب البدائية في تناوله، رغم أن بعض الدراسات توحي أن الإنسان القديم كان يأكل من أجل العيش، كما يقول أبقراط المعروف بصناعة الطب «إنما نأكل لنعيش ولا نعيش لنأكل» (أصبعي، ب، ت، صفحة 50)، حيث كان الإنسان لا يفكر في نوعية الطعام بل فيما يستسيغ ذوقه ويتمسك به.
حتّمت مختلف الظروف البيئية والاجتماعية والثقافية على سكان شمال إفريقيا في العصور القديمة ابتداع العديد من الأطعمة النباتية والزراعية، لكن «ليس لدينا معلومات عن الخضروات. ولعلها كانت من طعام أهل المدن خصوصاً، لأن بساتين البقليات المحدثة عند أسوار المدن كانت تساعد على سدّ الاحتياجات، وكذلك الحال بالنسبة للحدائق التي لم تكن تمتد أبداً إلى أبعد من ضواحي المدن، ومع ذلك فإن الاستهلاك المحلي لم يكن كافياً ليستنفد ما تنتجه مغارس الزيتون التي تحيط ببعض المدن، وعلى الخصوص منها ليبتيس الكبرى (Leptis La grande)، «ويسوغ الاعتقاد أن بعضاً من الأهالي كانوا يقتنون الزيت للطبخ والاستنارة» (أكسل، 2007، صفحة 10).
يبدو أن «تاريخ القحوط والمجاعات في المغرب معروف نسبياً بفضل مجموعة من الدراسات التي أعادت بناءها من الناحية الكرونولوجية، وبينت علاقتها بالأوبئة، ورصدت نتائجها الديموغرافية والاقتصادية والسياسية، كتلك التي أنجزها مثلا بيرنار روزينبزجي وحميد التريكي، ومحمد الأمين البزاز، وجمال لكراكز» (حبيدة، 2018، صفحة 81)، وكذا بحوث جامعية جزائرية نستحضر منها دراسة مزدور سمية: المجاعات والأوبئة في المغرب الأوسط 588ه-927م-1192ه-1520م، ودراسة لخضر العربي حول واقع الفلاحة في المغرب الأوسط على العهد الزياني (633 ه-1235م، 962-1554) التي يتعرض فيها للأمراض والصحة والطعام والنظام السياسي.
يرجع إنتاج المجتمع المحلّي للأطعمة النباتية وتطويعها في المطابخ المتوسطية والأفريقية في أحد جوانبه عن الإكراهات البيولوجية أو العيش في ظل نظام اجتماعي شديد القسوة أو حصار مفروض من قوة عسكرية غازية، مثلما ورد ذكره عن ليون الإفريقي حول الحصار الذي ضُرب على تلمسان «من طرف أبي يعقوب يوسف ثاني ملوك بني مرين الذي بنى مدينة أخرى، شرق مدينة تلمسان، ودام الحصار سبع سنوات، واستفحل الغلاء إلى أن بلغ ثمن كيل (روجيو) من القمح ثلاثين مثقالا (...) فلم يطق السكان تحمل مثل هذه المجاعة واشتكوا إلى الملك، فأجابهم بأنه قابل أن يطعمهم لحمه لو كان يكفي لإعالتهم جميعا، إذ يعده بخسا بالنسبة لولائمهم، فأحضر خمسة أو ستة من أعيان الشعب وأرسلهم إلى مطبخه ليشاهدوا غذاءه لذلك اليوم، فكان عبارة عن مزيج من لحم حصان وحبوب الشعير كاملة، وورق ليمون وأشجار أخرى ليزداد حجمه» (ليون الأفريقي، 1983، الصفحات 17-18)، أو فقه النوازل مثل ما كتبه الونشريسي في مؤلفه المعيار المعرب حيث «لمّحت النوازل إلى العديد من الحوائج التي قد تصيب المحاصيل الزراعية في المغرب ومنها السيول والجفاف والقحط بسبب قلة الأمطار أو انعدام سقوطها، وكذلك الصر (أي البرد الشديد) علاوة على الآفات والحشرات الضارة وأخطرها الجراد والفراش» (كمال السيد، 1996، صفحة 64)، وما تسببه من خسائر للفلاحين.
مسّت المجاعات والأوبئة المغرب الأوسط ما بين 1192-1520 وقسنطينة في فترة تنحصر ما بين 1804 و1870 وغيرها من المناطق والأقطار، لكن في ذات الوقت يوجهنا الواقع المعيش للسكان وطبيعة الأطعمة التي يتناولونها وإدراجها ضمن العوائد والتقاليد الشعبية كدليل على أصالتها وقدمها وما يتناولونه اليوم لا يعدو أن يكون متأثراً بالثقافات الكولونيالية، حيث عمل الاستعمار منذ 1830 على تحطيم الفلاحة وحرق المحاصيل وسلب الأراضي الزراعية وإجبار الأهالي للهجرة نحو الأراضي الجبلية والصحاري كرّدة فعل تجاه سياسته الاستعمارية، على سبيل المثال «هجرة سكان الشلف سنتي 1898-1899، هجرة سكان برج بوعريريج سنتي 1909 و1910، ثم هجرة تلمسان أواخر 1911» (غانم، 2000، صفحة 29)، وقد بررت بعض الأطروحات أسباب تلك الهجرات إلى الأزمة الاقتصادية، بـ «اجتياح الجراد الذي أتلف المحصول الزراعي خلال الفترة 1908-1910. الضرائب الثقيلة التي كان يدفعها السكان للإدارة. تنازل الفلاحين عن أملاكهم، ماشيتهم لصالح المعمرين، وبعض التجار الجشعين» (غانم، صفحة 35).
تغاضت تلك الدراسات عمداً عن ذكر السبب الموضوعي المتمثل في النظام السياسي الاستعماري المكرّس لسياسة التقتيل والتنكيل والتضييق الذي نال جزءً هاماً من السكان والجزء المتبقي أفنته الأمراض والمجاعات والزلازل والفيضانات هذا من جهة. ومن جهة أخرى ربما ترجع لتأثير الانفجار السكاني وجمود الإنتاج الفلاحي الذي ترتب عنه تقلص المساحات المزروعة وفقدان قطعان الماشية، مما أدّى لانهيار أجور الفلاحين المشتغلين في القطاع الفلاحي، وافتقار النظام الغذائي للناس موازاة لذلك، وبالتالي أجبر العديد من الأسر لتناول المزروعات النباتية ومزجها بالحشائش البرّية، والتي نفترض أنها سابقة لظهور الزراعة منذ فجر التاريخ مع إدماجها في علاج الجوع والأمراض كـ الحمى الغديرية (أم مُلدم) والحصبة والتيفوييد والأمراض الصدرية والطاعون، ونظراً لعدم الاهتمام بالطب والأطباء، انشغل السكان بطب الأعشاب والعقاقير والعلاج بالحمامات والتدليك وترويض النفس على الصيام، الأمر الذي يجعلنا نعتقد أن وصفة الخبيز قديمة جداً في تاريخ المجتمع المحلّي، كما أنها صمدت لفترات طويلة بسبب ظروف اقتصادية جعلته يتبنى حلولا ظرفية لكن مهما كان فإن «أي غذاء جديد حتى وإن استطاع الصمود تحت ضغط الحاجة أو تحت تأثير المجاعة، فهو لا يقدر على التجذّر في المنطقة إذا لم يكن يستسيغه الذوّق العام» (لوغوف، صفحة 250).
لقد ساهمت الأزمات الاقتصادية والإيكولوجية في ظهور أطعمة تدبيرية، حيث تقل المحاصيل والإمدادات، كما حصل في العهد الاستعماري بولاية الشلف، ممّا اضطر السكان للبحث عن الجذور والنباتات وسميت تلك الفترة بـ عام اليبسة والمسغبة، فلجأوا لأكل النباتات والفواكه المجففة وصناعة الأطعمة من الشعير والقمح أو بقاياها كـ «القرشالة والكسكسي بأنواعه بـ دقيق البلوط والزعفران والحلحال والحمّوم والخروب» (القمح المخمر الذي يتم طحنه وصنع كُسْكُس الحَمُّوم وسمي نسبة لسواد لونه)، والخرطال «التالغودا (تاغُّودا) والبكبوكة (البڤوڤة)، والقرنينة ونبات الدّاد (الأشخيص) والقلقاس والمولوخية»، ولا بأس أن المعرفة بالنباتات وبخصائصها الغذائية والطبية قد مكنت النساء لاكتساب خبرة في مواجهة الكثير من الأزمات، وهي- في نظرنا- سبل مقاومة فعالة لها جذور تاريخية قديمة.
الخبيز ومكانته في النظام الغذائي:
تكمن أهمية العمل الميداني في تشخيص الكثير من الالتباسات والاختلافات في تسمية مختلف النباتات وتباينها من منطقة لأخرى، واختلاف عددها لتشكيل طبق الخبيز، حيث أن سكان الجبال يضيفون أو ينقصون بعض النباتات بناء لما هو موجود في بيئتهم، وكذلك هو الحال بالنسبة لسكان سفوح الجبال أو الهضاب والسهول، كما تبين الصعوبات التي واجهتها النساء في الحصول على النباتات المقصودة إلا بعد قطع مسافات طويلة وقضاء زمن أكبر، لذلك يرضخن لأمر الواقع فيستبدلنها بنباتات بستانية، فيتم إضافة البصل والثوم بدل الكراث (البورُّو) أو الحامض والليمون بدل نبات الحميضاء، وقد يتم إضافة نباتات جديدة يتم اكتشافها حديثاً، وتتأكد أهميتها الغذائية والطبية بالملاحظة والتجريب، وهناك مناطق جغرافية تكتفي بنبتة الخبيز وقليل من نبات السلق مثل البلديات القريبة من الولاية الشلف وغليزان أو «طبق البُقول» في المغرب التي يصفها المؤرخ المغربي محمد حبيدة بقوله «ماكلة البقول» «كل نباتات الفصيلة الخبّازية ذات الأوراق العريضة والزهور الملينة. شكلت البقول في أوقات الخصاصة أساس ما يأكله الناس لخداع الجوع. في هذا الصدد نقرأ إخبارية الإفراني عند معرض الحديث عن قحط عام 1580-1579 وقع غلاء عظيم حتى عرف ذلك العام بعام البقول، وجدير بالإشارة أن الأزمات الغذائية ارتبطت في ذاكرة الناس الجماعية بالنعوت التي التصقت بأعوام الجوع، إما لكثرة استهلاك نبتة من النباتات البرية، وإما لشيوع ظاهرة من الظواهر القحطية » (حبيدة، صفحة 90).
أمكننا التعرف على مختلف النباتات في مجال الدراسة، بمشاركة المبحوثات عملية القطف، وقد لمسنا ارتفاع مستوى خبرتهن بالتلقين والتعليم الشفوي طردياً مع كثرة الارتياد والمواظبة السنوية في صناعة الوصفة منذ بداية فصل الربيع إلى غاية الفترة التي حددتها المبحوثات 6-7-9-10 بقولهن «ناكلوا الخبِّيز والسلق حتى يخرج الفول» «نأكل طبق الخبّيز والسلق إلى أن ينضج نبات الفول»، ومن عادة النساء أنهن يهتدين لقطف الحشائش والنباتات بعد سقوط الأمطار الأولى وبروز أوراقها (05 وريقات) وتتوقفن حينما تصير الأوراق والسيقان صلبة (مَعَسْلَجة)، حيث تقول م8/67 سنة «عندما يصبح الخبيز عصياً على الطبخ، لأنه يحتسي كل الماء ويصبح غليظاً، صلباً في ملمسه، وغير صالح للأكل».
تستعين النساء بحاستي اللمس والذوق في التمييز بين النباتات من شكل الأوراق والسيقان والجذور وتتبادلن تلقين الخبرة لنساء أخريات، حيث يتم الفحص بعناية وتدقيق، ولمسنا أن معظمهن تعتبرن خبيرات بشكل الأوراق فمنها الدائرية والمسننة واللحمية، وفصائلها ومشتقاتها المنجلية والنجمية والخيمية والثومية والصلابة (الطرية والعصية) ومن حيث الكثافة والندرة...أو شكل الجذور منها العسلوج (ساق صلبة وقاسية، غصن) أو اليرغور (ساق طرية ورطبة)، كما تميزن التشابهات بين النباتات المنتمية لنفس الفصيلة بالتسمية والشكل والحجم والرائحة والذوّق أو تشبيهها بشكل مألوف (أوراق كأذني أرنب، أرجل قط، أسنان الأسد، لسان الطير...)، أو ربطها بحيوان ما (رزيمة الغراب، بصلة الذئب، حميضاء البقر، لسان الثور، حشيشة الحنش، مرارة البقرة، وذنين الأرنب، بصلة الفار، ذنب الخيل...)، وهذا يدّل على العلاقة بين الحيوان والنبات، سواء لشكلها أو غير ذلك، ونعتقد أيضاً أن التسميات المقرونة بالحيوانات قد تكون مرتبطة بتاريخ الأساطير البربرية والإغريقية القديمة، كما لاحظنا خبرة النساء6، في البحث عن النباتات في الحقول البعيدة، كأنهن يملكن خرائط نباتية لأماكن توزيعها ونموها حسب سقوط الأمطار أو انحصارها، ممّا دفعنا للسؤال عن كيفية الاهتداء لأماكن نمو النباتات المقصودة؟ ومن علمهن ذلك؟، فكانت أجوبتهن كالتالي:
تعرف المبحوثات 1 و2 و3 وجود النباتات من خلال الإخباريات المتداولة بين النساء كون النباتات الفلانية موجودة في المكان كذا، فبعضها موجود في بساتين التفاح والعنب، وأخرى في الوديان ومجاري المياه ومنها ما هي موجودة في الأراضي الملحية والرطبة وأخرى في المناطق الجبلية والقاحلة...وغيرها وكانت أجوبة أخريات: م4/47 سنة «هناك نباتات تنمو في الوديان وهناك التي تنمو في الأرض الزراعية، وتعلمنا البحث عنها عن طريق تعليم الجدات والخبرة»، وم 8/ 67 سنة «هناك حشائش تنبت في أماكن المياه والأرض الجرداء ومنها ما ينبت في الأرض المالحة»، م 10/88 سنة «هناك حشائش تحب الماء وهناك التي تنمو في الأماكن الحجرية ومنها ما ينمو قرب المنازل لكن الآن الناس يرمون فضلاتهم ولم نعد نقطفها كما أننا تعلمنا البحث عن النباتات بالتنقيب والبحث المستمر عنها وبالتالي أصبحت لدينا الخبرة».
يتراوح زمن البحث عن النباتات بين 03 ساعات فما فوق، وتجتهد النساء في تنقلاتهن من منطقة لأخرى، ما يؤكد اقتران نمو النباتات بسقوط الأمطار على أماكن دون غيرها وبطبيعة التربة وخصوبتها التي وإن قدمت محصولاً وفيراً هذا العام، فسيؤدي ذلك إلى إجهادها مع مرور الزمن وهو ما يرغم الإنسان على الهجرة لمناطق أخرى كضرورة زراعية ورعوية.
وصفة طبق الخبيز النباتي:
يقول لودفيج فيتجنشتاين Ludwig Wittgenstein إن تنفيذ وصفة الطعام، تماماً مثل اتباع قاعدة ما «لا يضمن إنتاج طبق جيد من الطعام بشكل أتوماتيكي، هناك قدر كبير من المعرفة المفهومة ضمناً يتم الحصول عليها من الخبرة، وتكون ضرورية بشكل جوهري لبلوغ النجاح، ولا يمكن أن تجدها في وصفة طعام، ومع ذلك فلو كنت تريد أن تطهو طبقاً من طعام ما، فإن كتابا لوصفات الأطعمة يكون أفضل من مقالة عن علم الطهي لماذا؟، لأن وصفات الطعام رغم أنها محدودة ومختزلة فإنها عملية» (جيا مبيترو، 2014، صفحة 08)، وهذا هو حال وصفة الخبيز ولدى تذوقنا لأطباق المبحوثات، اكتشفنا اختلاف المذاق من طبق لآخر ومن منطقة لأخرى، فمنها الطيب والحلو، والحلو اللاذع، والحلو الحامض، وغيرها وأطباق أخرى وصفتها الطباخات بالفاشلة (جارّي أي لم يترك ليجف من الماء أو ڤارّس أي الخبيز الذي يُصنع من النباتات غير الطرّية (صلبة) وصار بعيد الانهضام عسير النفاذ في العروق، أو يقال ماشي مْعَصَّبْ أي لم يتم تحضيره بشكل جيد ومنقوص من المكونات الضرورية أو الصَامط أي بلا مذاق وفاقد للملوحة، وداير كالتراب أي يشبه مذاق التراب، أو قول داير كالزبل، أي يشبه البراز رائحته كريهة أو قارص وهو كثير الحموضة أو المَسَوْس أي بلا ملح).
تفضي المقارنة البسيطة لاختلاف طبيعة الأطباق (من حيث اللوّن والشكل والذوّق) إلى ما يشبه المنافسة والمقارعة في الامتحانات المطبخية المتكررة التي تجزيها معارفهن وخبراتهن، كما أن متوسط زيارتهن القطفية لجمع النباتات تزداد طردياً، كلما كانت المبحوثات أقلّ عمراً (متوسط سبع مرات في مجال الدراسة)، وفي علاقة مع الظروف الصحية للمرأة والعمرية والأسرية والبيئية والخبرة، فعلى سبيل المثال كلما كانت المرأة مسنّة، قلّت زياراتها لجمع النباتات نظراً لقلة نشاط المسنات وعدم قدرتهن على التمييز بين النباتات لضعف البصر والنسيان (انظر الجدول 01)، وقد بررت لنا م9/74 سنة وم10/88 سنة سبب قلة نشاطهما بسبب الشيخوخة وأنهما كانتا عادة ما تصحبن بناتهن اللواتي تزوجن أو زوجات أبنائهن اللواتي فضلن الاستقلال بأسرهن الجديدة، وهما تجهدان نفسيهما في سبيل صنع هذا الطبق الذي يمثل لديهما الدواء والشفاء للنحول والضعف يعتري جسديهما، كما لاحظنا أن النساء الأرامل والمطلقات والعازبات، هن أكثر إقبالاً على عملية القطف من النساء المتزوجات اللواتي عادة ما يتحركن بصحبة أم الزوج أو ذكور الأسرة.
تتردّد المبحوثات من 01 إلى 08 على الحقول لقطف الحشائش، تزامناً مع الخير الوفير الذي أتى به ربيع 2018، على حدّ تعبير م 6/61: «إن قدوم الربيع، هي فرصة جيدة من أجل الخروج للاستجمام برفقة النساء والأبناء أحيانا والزوج، وفي ذات الوقت العودة بطعام العشاء أو الفطور من الطبيعة»، حيث أن النساء اللواتي يقطن في المناطق الريفية أو الجبلية، هن أكثر خبرة ودراية بمسائل الطبخ ووصفاته العجيبة. فالخبرة تلعب دوراً هاماً في توريث معارف القطف والتحضير، التي يظهر أنها باتت مفقودة بسبب عوامل كثيرة جعلت من وجبة الخبيز طبقاً منبوذاً ومرتبطا بثقافة الفقر والعوز، وبسبب انتقال المجتمعات إلى النمط الغذائي الحيواني.
مكوّنات طبق الخبّيز:
توصي المبحوثات في إنتاج «وصفة الخبّيز»، بتسجيل مختلف الفصائل النباتية التي حافظت على تسمياتها المحلية في المجال الجغرافي للبحث، واجتهدنا في ذكر ما يقابلها في الكتب العلمية وفي أقطار أخرى (حصرنا حوالي 28 نبتة انظر معجم النباتات)، كما تعذر علينا ذكر كل أسمائها نظراً لاختلافات كثيرة في التسمية من نطاق جغرافي لآخر (جبلي، سهلي، منخفض، واد...) ومن موطن لآخر (بلدية أو ولاية أو بلد)، مع أن مكوّنات الطبق النباتي تقل أو تزيد وتُستبدل بالخضروات المنزلية باختلاف المناطق الجغرافية والعوامل البيئية، ويصح القول أن الوصفة الحالية مفتوحة على كل النباتات التي يثبت أنها مفيدة، وما جمعناه فيها هو كما يلي:
1. الخبيز أو الخبيز الحرّ: يُعزى أنها كانت معروفة لدى الإغريق والرومان كما سبق ذكره، هي نباتات «الخبازى، الخبيزة وعندنا يسمى المجير وبالأمازيغية أمجير، أبكولا، تيبي، وعند ابن البيطار، الخبازى وعند الأنطاكي أما ابن سينا فلم يتعرض له وذكر الغساني أنه الخبازى. يعرف عند العامة بفاس بالبّقول» (حليمي، 1997، صفحة 179)، وهو صنفان: أنثى وذكر فـ الأنثى ذات الأوراق البنفسجية والمستعملة في الطبخ أمّا الذكر7، فيستعمل لأغراض علاجية بحتة وطعاما للحيوانات، حيث أوراقه وأزهاره كبيرة الحجم ودائرية، وهو الذي أتى على ذكر فائدته الطبية حديثاً الباحثون (Ajeet Singh & Navneet) واستخدامه «على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم لعلاج أمراض عديدة، اعتاد الناس صناعة دواء من أجزائها لعلاج الدمامل والجروح المتقيحة والمتعفنة، وكذا التورمات كما استخدم ككمادات أوراق ساخنة، وكشاي منشط للأعصاب ومهدئ لآلام الحيض واستعين بأوراقه وجذوره لتنظيف الجروح، وضد السعال والتهاب الشعب الهوائية وكغسول للشعر وتنعيمه وضد القشرة واستعمل مشروبه لمساعدة المرأة للتعافي بعد الولادة، ومنافع بذور الخبيزى لعلاج السعال وحروق المثانة» (Navneet, 2017, p. 247). وقد سبق لنساء العينة استعماله للأمراض المذكورة لكن بطرق بدائية تغلب عليها المعرفة العامية، حيث تلتقي النسوة في مناسبات متعددة كالزواج والختان أو المرض أو الوفاة ليبدأن الحديث المسترسل عن استعمالات الأعشاب والنباتات البرية الصحية وغيرها لعلاج أمراض مستعصية (السكري، الضغط، القولون العصبي، الشقيقة، الأمراض الجلدية والصدرية...)، كما تميزن بين الأعشاب (عقاقير مستخلصة من نباتات، جذور وسيقان جافة، وأشجار معمرة) والحشائش (نباتات فصلية).
2. القرنينة: تسمى كذلك بـ الخرشف البرّي، تنمو في المناطق البور القاحلة وفي المناطق والأقاليم الترابية الدافئة والمعرضة للشمس، تُستهلك كـ سلاطة بمزجها بالبيض والسمن، كما تطبخ جذورها وأوراقها بعد تنقيتها من الأشواك باللحم والدجاج في مختلف مناطق الجزائر بوصفات متنوعة، وهي غير مكلفة مادياً وتستعمل للعلاج حسب أقوال المبحوثات، لأنها تحتوي على بروتينات نباتية مفيدة في علاج أمراض الجهاز الهضمي والروماتيزم والإمساك، وتقرحات المعدة والأمعاء والتهابات الأعضاء التناسلية عند نقعها في الماء الدافئ.
3. جرنيس الجرجير: يسمى القرنينوش في مناطق الونشريس وفي المغرب بـ الروكا، منه البستاني والبري، فالجرنيس أو الجرنيز أو الزرنير بالعامية وهو الجرجير بالفصحى. حيث يتمتع بشعبية هائلة بين عامة أفراد مجال الدراسة، ولاحظنا إقبال الناس بمختلف مستوياتهم الاجتماعية على قطفه أو شرائه و تناوله كـ مقبلات شهية وزهيدة السعر، تقول م05/57 سنة «كانت أم زوجي تقول لي أن الجرجير نافع في معالجة الطحال والكبد ومشاكل الهضم ونافع لغزارة الحليب لدى المرضعات».
4. اليُسْرِي: هو نوع من الجرنيس أو الجرجير، ينتمي للفصيلة النجمية، أظهرت المبحوثات طبيعة التشابه المتقارب بين القرنينة والجرنيس واليسري ما يعني أنها نباتات من نفس الفصيلة.
5. الحليبة8: تسمى التفاف أو التيلفاف ومعروفة بـ الهندباء (أو الشيكوريا)، وهي نبات عُشبي حولي ينبت في الأراضي البور، يبلغ ارتفاعه حوالي 10 سم، يفرز مادة بيضاء حليبية، مذاقها حلو ممزوج بالمرارة، هي تشبه نوعاَ ما نبات الحلبة المعروفة لكن أوراقها أكبر، أزهارها زرقاء وهي أنواع كثيرة، حيث استخدم المصريون القدامى أوراق الهندباء السفلية «في عمل السلاطة وتستخدم جذوره كبديل للبن، ويحتوي النبات على العناصر الآتية الأنولين، فيتامين B، C، K، P، والأوراق والجذور، مدر للبول ومسهلة» (عبد العال، 2006، صفحة 52).
6. الحميضاء: باللغة العامية حميضة النصارى ذات الأزهار الصفراء، وهي من فصيلة البطبطيات، تقول المبحوثات 6 و8 و9 و10 أنها نافعة للأورام والبثور ومسكنة للوجع وألم الأسنان.
7. حميضة البقر: وهي من عائلة نبات الحماض، ويظهر أنها تسمية مُرتبطة بتفضيل للأبقار لهذه النبتة، تقول م 07/67 سنة «أوراق نبات حُماض البقر تكون كبيرة ومتمددة، يأتي طبق الخبيز الذي تكون مكونة له لذيذاً، وهي نافعة حسب المبحوثتين 2 و5، لأمراض الحمى والبطن».
8. الزرودية أو الجزر البري: الخيز9 والسنفارية10 وتسمى كذلك الشقاقل، تقول م 03/41 سنة «الجزر البرّي تضيف مذاقاً حلواً على طبق الخبيز».
9. الرزيمة: هي نبتة بليس معمر وتسمى في بعض المناطق القهوانية، شيب الحرث يقال عنها أنها «البرانية عندنا، ويسميها البعض قيهوانية، رزيمة، شيب الحرث، وبالأمازيغية: ألبركنيس، لم نعثر عليها في كتب العشابين القدامى،» (حليمي، صفحة 72)، وتوصف بأنها «عشبة برّية معمرة من فصيلة المركبات، تسكن الأماكن الرطبة والأراضي الملحية، جذرها وتدي قصير يتراوح علو ساقها بين 4 و15 سم، وحيدة الضلع الذي يحمل في طرفه الأعلى زهرة واحدة، وهو عبارة عن شمراخ مزغب دقيق للغاية، وسط الزهر أصفر اللون، أمّا الأطراف فهي لسينات بيضاء اللون أو وردية، أوراقها ضمية قرصية، سميكة النصل مُسننة قليلاً، ثمراتها يابسة مطبقة وحيدة البذرة بيضوية الشكل، مذاقها يقطع المرارة» (حليمي، صفحة 72).
يُذكر أنه «في سنة 1610 فاوض ملاحون هولنديون لشراء الشاي من «مكاو» لكن الصينيين لم يوافقوا على التنازل عن«شرابهم السحري»، فأقنعهم الهُولنديون بأن الأوروبيين يملكون .نباتاً أعظم من نباتهم، ويمكنهم التبادل عليه بالشاي، وهو لسان الثور، الحمحم» (قدامة، 1986، صفحة 316)، أمَّا عن منافع هذه العشبة فـ «لم تدخل في الطبابة إلا حديثاً وأن الدراسات عنها قليلة معظمها يرجع إلى مطلع الستينيات من القرن الحالي، وهي دراسات لا زالت لم تتأكد من خصائصها الطبية، وحسب التقاليد الشعبية فإن البليس نافعة جداً للأطفال الضعاف، ومنهم من يذكر أنها مفيدة لإيقاف تكاثر الخلايا في حالة تورم الثدي، ومنهم من يعالج بزيت البليس اللثة، يعالج بها المفاصل والربو، والاستسقاء وضعف الكبد والكلى والسهاد وتورم الثدي والأمراض الجلدية، أما طريقة استعمالها، فهي تنقيع مقدار ملعقة من الزهور والأوراق من الماء تغلى لمدة 10 دقائق ليشرب منها 3 طاسات في اليوم بين الوجبات» (حليمي، صفحة 72)، وقد لاحظنا أن الرعاة والنساء والرجال في الأرياف يأكلونها مباشرة بعد نزعها وتنظيفها، حيث لها مذاق لذيذ ولطيف.
10. رزيمة الغراب: هي نبات من جنس الهندباء تنتمي للفصيلة النجمية وتسمى الطرخشقون وهو لفظ فارسي «نبات عشبي معمر من الفصيلة المركبة زهره أصفر يستعمل في الطب مليناً ومدراً للبول، ويؤكل ورقه الغض في السلطة» (عبد العال، صفحة 380).
11. بالدلاقم: هي عشبة حولية من فصيلة الحمحميات، لها تسميات عديدة في الجزائر مثل: الحمم، بوتلقم، بوكرش، الحرشة، نبات من الفصيلة الحمحمية ذات جذور وتدية وأوراقها عريضة حرشاء الملمس وساقها غليظة جوفاء، حسب المبحوثتين 9 و10 هو ملين ومطهر ونافع للمسالك البولية والكلى واستعماله كمشروب أو كطبيخ مع العسل.
12. وذنين القنينية: تسميتها مُستوحاة من شكلها فهي أوراق طويلة تشبه أذني حيوان الأرنب ويذكر أنه هو ذاته أذن الشاة أو الجدي و«لسان الحمل الخشين ولونه إلى السواد يضمد به المعدة ويشرب بالعسل للصدر والسعال» (بن حمدوش الجزائري، 1996، صفحة 46)، وحسب ابن البيطار «يسميه البربر آذان الشاة، ويسمى أيضا آذان الغزال ويسمى اللصيقي وهو نبات له ورق في صورة ورق لسان الحمل، إلا أنه أدق وأخشن ولونه إلى السواد وعليها نثار كالغبار أبيض، وله ساق في غلظ أصبع تعلو أكثر من ذراع وزهر أزرق فيه بياض من زهر الكتان مقمع يخلفه في أقماعه أربع حبات حرش تلتزق بالثياب وله أصل ذو شعب كالخربق ظاهره أسود وداخله أبيض لزج إذا قلع وحك به الوجه طري. وحسن لونه وطبيخه يشرب للسعال وخشونة الصدر، وورق هذا النبات، إذا دّق وتضمد به مع دهن الورد نفع من أورام المقعدة وسكن ضرباتها وأوجاعها، ومنه صنف ثان أصغر من الأول وأصغر ورقا وزهرته حمراء فرفيرية» (ابن البيطار، 1874/1291، صفحة 24).
13. تغيغيت: نلاحظ أنها تسمية أمازيغية م8/67 سنة «نبتة تغيغيت مُفيدة لطرد الديدان لدى الأطفال، نقوم بتغليتها في الماء صباحا ونقدمها لهم».
14. السلق: أو السبانخ هو «الحماض الجبلي قاله الشيخ داوود وصاحب منهاج الدكان» (بن محمد العلمي الحسني، 1986، صفحة 75)، تذكر م10/88 سنة أن «السلق مطلق للبطن ومنظف لجوف الإنسان وأمعائه».
15. التالما: له تسميات كثيرة على اختلاف الدول العربية: التالمة، سنان الأسد، شجرة أسنان الأسد، أسنان الأسد الشائع، أنف الخنزير، بوال، تاج الراهب، تلج جوك (من الفارسية)، تلفاف بري، خس بري، دودة الأكالة، زهرة الربيع الأيرلندية، ساعة المجنونة، سريس بري، طرخشقوق، طرخشون، طرشقون، كرة الصفراء، كرة منفوخة، كاسني صحرائي، لعشبة، هندابيا أو الهندباء كما ذكرها العالم والطبيب العربي ابن البيطار لعلاج الأورام السرطانية والغريب في الأمر أن الكثير من النساء تستعملن هذه النبتة في علاج الدمامل والأورام لحد الساعة.
16. الشنافو: هو نبات الخردل البري، قوي الرائحة، مهيج، يأكله الرعاة نيئا، لأنه نافع لطرد الديدان، حسب م10/ 88 سنة «نضع منه القليل لأن الإكثار منه في الطعام يؤدي لانتفاخ البطن، ويطرد الديدان».
17. مرارة الحنش أو حشيشة الحنش أو الأفعى: وهو الأخيون، أو قنطرون صغير، وهي نبتة موجودة بكثرة في المناطق الجبلية، تسميتها القنطورون الصغير يعتقد أنها مشتقة من القنطور (les centaures)، وهو كائن أسطوري يوناني جسمه العلوي آدمي وأرجله أرجل حصان، وقد أطلق الطبيب اليوناني ديسقوريدس (Dioscoride) على ثمرة هذه النبتة بـ رأس الأفعى، ومستعملة من طرف العينة للأمراض الهضمية، وإزالة نفخ البطن ومطردة للديدان، كما أنها تستعمل لعلاج البواسير، ويمكن أن تؤكل أوراقها قبل إخرج الزغب.
18. الطيطلان: ويسمى التيطلان ولم نجد ما يوافقه بالعربية، وهو نبات عطري يشبه نبات الكسبرة الخضراء (الدبشة)، وله مذاق حلو وحار لاذع، ونرجح أنه من الفصيلة الخيمية.
19. المشيطة: أو مشط الغول أو مشط الراعي وهو نبات من جنس فصيلة الخيميات.
20. البسيبسة أو البسباسة: من فصيلة النباتات الخيمية، (الشمر أو الشومر)، الذي يسمى كذلك حبة الحلاوة والكلخ «هو غليظ أشبه شيء برائحة البسباس، ويسمى عند النصارى صاصفارص حارة يابسة في الثانية تنفع في السحج وتعقد البطن وتقوي الكبد والمعدة وشربته في ثلاثة دراهم بدله أيضا ورق القرنفل أو نفس الجوزبوا» (بن حمدوش الجزائري، صفحة 64)، فالبسيبسة التي نقصدها، هي نبتة تشبه البسباسة أو البسباس، لكنها أصغر حجما وساقها طويلة، فهي حلوة المذاق عندما تكون فتية يمكن تناولها نيئة، وتسمى بـ العسلوج في مجال الدراسة، لها رائحة مميزة، وتعتبر كنباتات ضارة بالزراعة، حيث توجد بكثافة في حقول الفصة إذا لم تتم محاربتها بطرق علمية. كما نورد للتذكير أن البسيبسة أو العسلوج ليست نفس النبتة التي يسميها أهل أولاد نايل ( ولاية الجلفة) بـ «العيهقان أو العسلوج»، بل هي نبتة أخرى مختلفة وأن معنى كلمة عسلوج له علاقة بمميزات الطراوة والنعومة والذوق، ويقول عن فوائدها الدكتور عادل عبد العال أنه عشب «موطنه الأصلي حوض البحر المتوسط، ويستخدم كل أجزائه في أغراض المطبخ والشمر يتميز بأنه طارد للريح ومدر للبول، وحتى الآن لم نتمكن من معرفة اسم النبات قديما على وجه اليقين. ولكننا نرجح أنه كان موجودا ومعروفا ومستخدما في الأزمنة القديمة» (عبد العال، صفحة 34).
21. البُورُّو: أو الثوم البرّي والأسقورديون والكرّاث حيث يشبه الثوم البستاني، يوجد بكثرة عند سفوح الجبال والمروج الرطبة ويُذكر أن موطنه أوروبا ثم انتشر في باقي أقطار الأرض، إذ عرفه الفراعنة والإغريق والرومان ثم العرب، مذاقه بين الثوم والبصل، ويُعرف بعدة أسماء مثل: كراسي، قرط، ركل، ويذكره قدامة بأنه «بقل زراعي من الفصيلة الزنبقية، منه ما يشبه البصل الأخضر في شكله وطعمه، ومنه ما يُشبه الثوم، يعرف في المصادر العربية بأسماء كرَّاث، كُرَّس، قرط، ركل، والكراث البري يسمى الطِّيطان، ربما كانت كلمة (كراث) من الآرامية أو الآشورية، وفي الشام يسمون الكراث الصغير «براصيا» وهذا من التركية «براصة»، رغم أن النوعين من أصل واحد» (قدامة، صفحة 567).
22. عفسة السبع أو القط: نرجح تسميته القديمة «أرجل الأسد» وتسمية أرجل القط جاءت بعد انقراض الأسود الأمازيغية منذ الخمسينات من القرن 20، وهو نبات عشبيّ أوراقه مسنّنة وتشبه المنشار في شكلها، وأزهارها صفراء تميل إلى اللون الأخضر سيقانها مكسوّة بالشعيرات، تنمو بشكل خاص في منطقة جنوب أوروبا وبلاد المغرب العربيّ، وتنتشر في مناطق الجبال غالباً، وينتمي لفصيلة الورديات، لأن شكل نباتاتها يشبه الورود، ولهذه الفصيلة أيضاً قيمة غذائية وطبية مهمة، تستعمله النساء لعلاج التهابات الرحم والمعدة والأمعاء والإسهال.
23. الرّند: يسمى بـ الأمازيغية تسالت، والرند عند ابن البيطار والأنطاكي أما في بعض الدول العربية فيسمى ورق موسى، وهي شجرة معمرة مقدسة عند الرومان، أفرز ونشر استعمالها في الوصفات المطبخية، رغم أننا لا نملك ما يوحي بالتباين والاختلاف في استعماله، حيث تضاف ورقة أو ورقتين في طبخ الحساء (الشربة، الحريرة) والتغميس والمراقي وصفات لا مجال لحصرها، وعلى حد تعبير م8 /67 سنة «نحن نستخدم نبات الرند أو الغار للطهّي في كل الوجبات تقريباً»، كما يستعمله البعض للتبخير، فتقول م10/ 88 سنة أن « نقوم بالتبخير بأوراق الرند لأنه دواء ونضيفه في الكثير من الأطعمة، لأن له مذاق لذيذ»، وكما يتم مضغه في حالات أخرى ليذهب الرائحة عن بقايا غائط الإنسان حسب قول م6/ 61 سنة.
24. المرّارّة: يسمى خس البقر أو مرارة البقر، كما تسمى الحواء والبقراء والبقيرة والحوة واليعضيد وهو نبات حولي تقتات منه الأبقار والماشية والنحل من أزهارها، له فوائد كثيرة في طرد السموم عن الجسم ونافع للحمى وأمراض الكبد ومفيد في طبق الخبيز حيث تقول م8/67 سنة «نضع ورقة أو ورقتين، فهي جيدة في الوصفة».
25. الثوم البستاني: لاحظنا أن المبحوثات 5 و7 و8 و9 و10 يغرسنه في حدائقهن بجانب البصل وبقوليات ونباتات درنية تقدم للاستهلاك اليومي، حيث تقول م7/ 65 سنة «أغرسه في بستاني، لأننا نتناوله كطعام ونستعمله كدواء، لأنه مفيد بالفعل والتجربة». وتقول م3/41 سنة «كنا نأكل الثوم في فصل الشتاء، حيث نضعه في الكانون ونغطيه بالرماد حتى ينضج يطلق رائحة طيبة ونأكله». وم4 /47 سنة «الثوم مفيد لضغط الدم وتعديله ومفيد لطرد الديدان من الأمعاء وغثيان»، أما م10/ 88 سنة، فتضيف كون «الثوم نافعا كمرهم لعضة الكلب ولدغة العقرب»، وفي العادة يتم إضافة الثوم عند العجز في الحصول على البُورّو البرّي، لأنه من نفس الفصيلة الزنبقية..
26. البصل: هو «بقل بصلي محوّل من الفصيلة الزنبقية «lilacées» اسمه العلمي«Allium cepa» وله أنواع كثيرة ورائحته نفاذة وطعمه متفرع من طعم الكراث، وهو معروف ومتداول في جميع أنحاء العالم ويرجع تاريخه إلى أقدم العصور» (قدامة، صفحة 57)، ولاحظنا أن المبحوثات 5 و7 و8 و9 و10 يغرسنه في حدائقهن إلى جانب الثوم وبقوليات والنباتات الدرنية، تقول م5/57 سنة «البصل مفيد لضربة الشمس وفي حالة الأنفلونزا وفي بعض الحالات نأكله نيئاً».
27. الفلفل الحار: تسميه النساء المبحوثات: الحارّ، ويضاف في الأطعمة والأشربة حسب الذوق والفصول والتعوّد والطعام، وعادة ما يوضع منه ما بين وحدة إلى ثلاثة وحدات فأكثر، فهو يضيف نكهة لاذعة للوصفة، كما يستعمل عادة لسان الطير (ساسا فيندا)، وهو أكثر تركيزا، كما يختلف تناول كميات الفلفل الحار من منطقة لأخرى، وله فوائد كثيرة منها رفع حرارة الجسم وفتح شهية الأكل، إذ يقال حسب أغلب المبحوثات «أن من يأكل الفلفل يعيش طويلاً»، حيث يجعل أمعاء الإنسان تتوسع أكثر وتتطلب رفع درجة التهام الطعام، غير أن مساوئه كثيرة وفي مقدمتها القرحة المعدية إذا أسيء استعماله.
تؤكد المبحوثات أهمية الفلفل الغذائية والطبية بأقوالهن: م3/41 سنة «الحار جيد للسعال وأمراض الصدر وضيق التنفس، وفاتح للشهية وجيد للقلب». وم 6/61 سنة «الحار يفتح الشهية ويرفع حرارة الجسم»، وم 10/88 سنة «لا يكون الطعام بدون فلفل حار، لأنه يضيف مذاقا جيدا للطعام، خاصة في فصل الشتاء والبرد، حيث يدفئ جوف الإنسان وينفع ضد أمراض الصدر والأمعاء».
28. الزياتة: لها تسميات: عشبة الماء، عشبة البئر، وشعر الغولة... وعند ابن البيطار البرشوشان، وهي نبتة مفيدة لأمراض الربو والسعال والروماتيزم، تؤكل نيئة أحياناً، وتخلط مع بقية النباتات لتضفي مذاقا حلوا لكن بكميات قليلة، تنمو في الأماكن الرطبة والمظللة وفي الأراضي الجيرية.
كيفيات إعداد طبق الخبيز:
المرحلة الأولى: تقوم النسوة بتصنيف النباتات المقتطفة ويحضرنها في أكياس مرزّمة، يضعنها في قصاع (جفان) القصدير أو الخشب، وعن طريق السكاكين تنزع الأوراق الزائدة وتنظفها من الجذور وثم تقوم تعويمها في الماء يوماً كاملاً لتغسل جيدا (مع إزالة الأشواك عن نبات القرنينة واليُسري) ثم تصنف في ربطات بحجم قبضة اليد وتربط بسيقان الخبيز، كما توضح م06/61 سنة «نقوم بربطها بسيقان الخبيز، لتكون جاهزة للتقطيع ولمعرفة كمية النباتات التي ينبغي إضافتها للقدر»، ويتم تحضيرها حسب المقادير وحجم القدر الذي توضع فيه، ولتعويض بعض النباتات البرية تستبدل بـ الثوم والبصل والفلفل الحار والليمون لإضافة النكهة المنزلية.
المرحلة الثانية: تحضير كل النباتات حسب مقدار وأهمية النبتة والمذاق والقيمة الغذائية والفائدة الصحية، في شكل رزم صغيرة يتم تقطيعها (التبقيل) في القصعة، بداية برزم نبات الخبيز الذي يتم تقطيعه من السيقان إلى الأوراق، ثم يأتي دور السلق والنباتات السابقة الذكر (انظر: صور3 و4)
المرحلة الثالثة: يتم سكب 1 لتر ونص أو 2 لتر من الماء في القدر وتسكب فيه النباتات والحشائش المقطعة قطعاً صغيرة، يتم رميها شيئا فشيئا في القدر مع التحريك المستمر بملعقة خشبية، ويضاف للخليط البصل (بمقدار بصلتين إلى أربع، ويحبذ استعمال البصل الأخضر في حالة عدم وجود نبات (البورّو)، مع إضافة الملح، وعندما تستشعر المرأة جاهزية الخليط بعصارته المائلة نوعا ما للصفرة، يتم وضع الثوم والفلفل المهروس، وعادة ما يكون لونه أحمر، لأنه يضيف لونا تزينياً على النباتات الخضراء، مع إضافة 2 ملاعق أو 3 من الزيت، لكي لا يلتصق الخليط.
المرحلة الثالثة: بعد الحصول على الخليط النباتي المائع (جاري)، ونضج أوراق النباتات وسيقانها، تضاف للوجبة الدشيشة، وهي دقيق الشعير (بالأمازيغية ثيمزين)، لنحصل في النهاية على طبق الخبيز، ليتم تقديمه على مائدة الطعام في صحن يضاف له زيت الزيتون، (يتم تزيينه في مناطق أخرى بالخضر والزيتون والفلفل...) لكننا لم نشهد ذلك في مجال البحث، ربما بسبب رغبة النساء الحفاظ على الطبق كما ورثنه عن الأجداد. (انظر الصورة رقم 5)
الخبيز وأطعمة أخرى في خانة التقاليد:
تستعيد النساء المسنات ذكرياتهن حول الظروف الصعبة التي كن يعشن فيها في أحضان الجبال وفي فترات الانتجاع نحو السهول، وعن مكونات الطعام من دقيق الشعير والألبان وبيض الدجاج والعسل وبقول ومحاصيل الأشجار المقاومة كـ الزيتون، التين، الجوز، اللوز، المشمش والإجاص والخروب، البرقوق...، ويتم تخزين وتجفيف بعضها لفصل الشتاء، وكون التكيّف في البيئة يقتضي معرفة دقيقة بكل ضروريات الأسرة لضمان بقائها ورغم ندرة الغذاء والخصاصة إلا أن مجتمعهم تمتع بالسلامة الصحية والمقاومة للأمراض وتميز بالتشارك والتضامن. ولكن بعد انتقالهم نحو السهول التي تكثر بها المستنقعات والأودية باتوا عرضة للأمراض كـ الحمى القرمزية والملاريا والأمراض الصدرية والأمعاء والمعدة، ممّا تطلب منهن البحث عن الشفاء والعلاج وساعدتهم في ذلك معرفتهن بالأعشاب والنباتات وتجاربهن على الخلطات العلاجية والوصفات المطبخية، بإعداد الأطعمة الساخنة والباردة والمعتدلة حسب تعاقب الفصول، للأطفال والنساء الحوامل والشيوخ لأنهم الأكثر عرضة للأمراض.
تعتقد النساء أن بعض الأطعمة مُفيدة في فصل الشتاء ضد الأمراض الصدرية والحمّى وتمنح المناعة للجسم: كـ «الكوّر بالفول» وهو عبارة عن كويرات تصنع بخلطة نباتية وتوابل ودقيق القمح أو الشعير، وتطبخ مع الفول الذائب. وأكلة البوربوز (خبز الشعير المحشوّ بشحم الضأن الممزوج بالأعشاب والتوابل، والمهروس والمخلوط ليتم تناوله بالأيدي، أو يستعمل زيت الزيتون بدل الشحم)، وفي فصل الشتاء يكون أساس الأطعمة مرتكزاً على النباتات البرية «الخبيز، السلّق، القرنينة، السكوم،...» كـ مقدمات لاستقبال الربيع حتى تنضج محاصيل البقول (الفول والفاصولياء والحمص والعدس...)، وفي فصل الصيف وبعد حصاد الشعير والقمح تزدان الموائد بأطباق «الكسكسي» ودقيق الشعير باللبن «الدشيشة باللبن» أو طبخ جبن الأبقار بدقيق الشعير لتسمى هذه الأكلة بـ «الدشيشة بالدهان»، وعن طريق القمح (الفرينة) وبتحميصه وطحنه وتمليحه يتم صنع الروينة، ونظراً لكثرة الخضروات في فصل الصيف لا يزال المجتمع المحلي يعرف أطباق «الشكشوكة» وهي مزيج من قطع البصل والفلفل الحلو والطماطم والثوم والبهارات، واللبن بخبز الفرن «الحارشة أو المغيص» أو «المدلوك» والسلاطة المصنوعة بالخيار والبصل والطماطم، وتستبدل هذه الأطعمة حسب المحاصيل الزراعية والفصول.
ماضي ومستقبل وجبة الخبيز:
يبدو النظام الغذائي النباتي «الذي أملته البيئة وطبيعة الاقتصاد، ناقصاً، فقيراً، هشاً، إلا أن رؤية الأمور من منظور علم الأحياء تغير الكثير من تصور هذا النظام، فالبيولوجيون يعرفون التغذية كنظام من التوازن والاستعاضة على مستوى كل وجبة، والحال أن النصوص التاريخية تعكس هذه الآلية» (حبيدة، صفحة 114)، بمعنى أن ما توفره النباتات لوحدها غير كاف من الناحية الغذائية إلا أنها مقبولة إلى حدّ ما لدى علماء التغذية الذين يوصون بالتعضيد النباتي لمواجهة بعض الأمراض كالقلب وتصلب الشرايين، ولعل تاريخ الأطعمة النباتية قديم في المطبخ المتوسطي غير أن من الصعوبة بمكان تحديد عمقها التاريخي وأصلها الجانيولوجي، ويدفعنا للقول أنها مجتمعات اعتمدت على النباتات كمصدر أساسي في الغذاء. حيث تشارك النساء في المجتمع المحلّي كل سنة فيما يشبه الاحتفالات التمثيلية بطقوسها وإكسسوارتها ومخزونها الثقافي الرمزي للتعبير عن حلقة تاريخية مستمرة وعابرة للحضارات، مؤكدة على الإدراج الاعتيادي للنباتات ضمن الحيّز الغذائي، سواء لمواجهة الانفجار الديموغرافي، أو لمكافحة انحسار المحاصيل الزراعية وفشلها في تحقيق الاكتفاء الذاتي للمجموعات والأسر، مما يجعلهم يستجيبون لعملية الإدماج المطبخي بتطويع الذوق العام وأكل النباتات وخلطها ومزجها وعجنها، وبالتالي جرى نقلها من أطعمة قحطية إلى أطعمة اعتيادية.
لكننا نتساءل اليوم عن إمكانية صناعة مثل هذه الوصفات الغذائية مُستقبلا؟ أو بالأحرى هل يستمر توريث مثل هذه الوصفات الغذائية النباتية؟ ولماذا يتم إدراجها ضمن العادات التقليدية؟.
نلاحظ أن نمو النباتات البرّية قد تأثر بشكل ملفت بفعل العوامل البشرية التي باتت تهدّد نموها بالانقراض كالتوسع السكاني والعمراني الكثيف ما أدى لتآكل الغطاء النباتي مع سوء استعمال الإسمنت والإسفلت والزيوت والمبيدات الكيميائية، ومن العوامل الايكولوجية التي ساهمت في القضاء على النباتات والعزوف عن قطفها كـ تلوث الوديان بقنوات صرف المياه ورمي القمامة العشوائية ناهيك عن بروز وصفات غذائية تستجيب للمؤثرات الاقتصادية والصناعية والإعلامية التي فرضت نفسها على المطبخ المحلّي.
كانت النساء المسنات تحملن الكثير من المعلومات والمعطيات التي عجز المجتمع عن تدوينها خاصة مع تبدل أحوال النساء في زمن العولمة، والقليل من النساء اليافعات من حصلن على جزء ضئيل مما تملكه العجائز من إرث ثقافي بات تداوله في أزمة سواء للجهل بفائدته العلمية والطبية من جهة وإعراضاً عن توارث هذه المعارف وركنها في خانة الثقافة الشعبية رغم ذلك لا تخلو سلوكاتنا الغذائية اليوم من ثقل الماضي ( كتفضيل مواد على أخرى، تخزين الأطعمة، تناول أطعمة وتحريم أخرى...).
بات المطبخ المحلّي عرضة للانتقاد والاستهجان من طرف الشباب الذي لم يتسن له مُعايشة ما ألفه الأجداد من الشدائد والمحن أعانتهم معارفهم المكتسبة على مواجهتها، وصارت الأطعمة التي تعوّد عليها الكبار غريبة عن فضاء اجتماعي يركن «طبق الخبيز» في خانة التراث المادي، ولو أن العودة لتسمية الخبيز في نظرنا فيها الكثير من التأويل لمادة الخبز الذي يحترمه أفراد المجتمع كـ نعمة من الله في بعدها الديني وتحيل بدورها لأبعاد اجتماعية وثقافية يُعاد إنتاجها بقداسة لكنها تسير نحو الزوال، بسبب ثقافة الاستهلاك الكمالي.
خاتمة:
بذلت المرأة في المجتمع المحلّي المتوسطي جهوداً جبارة في تحصيل الخبز اليومي ومكابدة العيش في فقر يتبعه اقتصاد الزهد والتقشف وكانت الوجبات الغذائية بوجه عام لا تعرف الوفرة (حيث تعتمد على الشعير والزيت)، لذا يمكن القول أنه مجتمع ظل وإلى غاية القرن العشرين يعيش على أعتاب سوء التغذية، وغالباً ما كان أفراده يموتون بسبب غلاء الأسعار والجفاف والجوع لذلك جعلتهم الظروف الاقتصادية يكرّسون جملة من العادات والسلوكيات الغذائية بعد الفشل في التوزيع العادل للقمح والشعير بدعم التدابير الوقائية لمواجهة المجاعات التي عادة ما كانت تصيب الفقراء أولاً ثم تتفشى في المجتمع كله لتعمّ الفوضى على الجميع، فيتحول البشر لكائنات لاحمة لا يصدها وازع أخلاقي أو ديني. وبالتالي يبدو أن تأثير تلك العادات الغذائية لا تزال مُتداولة ومؤثرة في المجتمعات البدوية وشبه الحضرية ولو بدرجات متفاوتة، بل يظهر أن هناك مقاومة وتمسك ملموس بالأطعمة التقشفية ومنها «طبق الخبيز» الذي يتوافق مع ما يقترحه المختصون في البيولوجيا حول التقليل من الدهون والكاربوهيدرات فمن لم يقتله الجوع يقتله الغنى والترف.
الرقم | النباتات | التسمية بالأمازيغية | الاسم العلمي والفصيلة |
1 | الخبيزة أو الخبيز (البقول) | أمجير، ثانساوث أو الهيبنصرت | نحصر نوعين: Malva Parviflora Malva sylvestris الفصيلة الخبازية |
2 | القرنينة، الكرنينة | تغذيوت thaghdiwth / تاقرنينا | Scolymus hispamais الفصيلة النجمية |
3 | الشنافو أو الخرذل | الزيطوفي، شنافو، شناهو | Sinapis فصيلة الصليبية |
4 | السلق أو السبانخ | ثبيذاس | Beta vulgaris subsp ciclaالفصيلة السرمقيات (القطفية) |
5 | بدلاقم، لسان الثور | تاحراشت، تيرجونام | Anchusa الفصيلة الحمحمية |
6 | الحليبة (التفاف) الشيكويا | الجغضيض الأثيوريزة | Taraxacum Centaurea cyanus فصيلة نجمية |
7 | حشيشة الغراب أو رزيمة الغراب أو أقراص الملك | الكسلة (من كسرة أو خبز الغراب) | Hieracium فصيلة نجمية |
8 | الحميضة أو الإكليس | تاسمنونت وتاسمومين أو الهاحماضت | Oxalis الفصيلة الحماضية |
9 | حميضة البقر/ البقيرة والحوة | هاحماضت تافونست | Rumex acetosella الفصيلة البطباطية |
10 | الجرنيز أو الجرنيس | يسمى الكركاز والشرياط | الفصيلة النجمية Eruca Sativa |
11 | مرارة الحنش أو حشيشة الحنش، الأخيون، القنطرون الصغير | إزي وزرم ، كيلوا ـ تيكوت | Echium vulgare الفصيلة الحمحمية |
12 | عفسة السبع أو عفسة القط | رجل السبع | فصيلة الورديات Alchemilla vulgaris |
13 | الزرودية (الجزر البري)، من كلمة كزر الفارسية | خيزو والشقاقل والسنفارية بالإسبانية الأندلسية | Daucus Carota العائلة الخيمية |
14 | البيبسة أو البسباس البري أو يسمى الكلخ أو العسلوج والعسلوز | أذرياس | Apiaceae الفصيلة الخيمية |
15 | المشيطة أو مشطة الغول أو إبرة الراعي أو الطرف | تجهانيد | الفصيلة الخيمية Scandix |
16 | الرزيمة | أبركنيس | Bellis Perennis فصيلة المركبات |
17 | تغيغيت | تغيغيت | لم نعرف إلى أي فصيلة |
18 | وذنين القنينة أو وذنين الجدي، لسان الحمل الكبير | أغوسين بوغيول | Plantag spp الفصيلة الحملية |
19 | البورو، الكراث، وأسقورديون | أفيراس | Alliace الفصيلة الثومية |
20 | الثوم البستاني | تيسرت،ثيسكرث، ثيشارث | Alliaria الفصيلة الثومية |
21 | البصل | ئباون | Allium cepa الفصيلة الزنبقية |
22 | التالما أو الهنذب، ضرسة العجوز والشلاظة المرة (الطرشخون) | تامزرقة والجقجيق | Taraxacum الفصيلة النجمية |
23 | تيطلاّن | يشبه الكزبرة الخضراء، نبات بري حلو المذاق | الفصيلة الخيمية |
24 | الرّند أو الغارّ | تاسلت | Laurus nobilis الفصيلة الغارية |
26 | اليسري | نوع من الجرنيس | الفصيلة النجمية |
27 | الفلفل الحارّ | دا فلفل | Capsicum الفصيلة البذنجانية |
28 | الزياتة/ الساق الأحكل وعشبة الماء /البرشوشان | قنجيت، رفرف، رجايفة | Adiantum capillus-veneris الفصيلة الديشارية |