فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
67

الثّابت والمتحوّل في طقوس الغذاء أثناء الضّيافة في المجتمع التّونسي: مقاربة أنثروبولوجيّة

العدد 36 - عادات وتقاليد
الثّابت والمتحوّل في طقوس الغذاء أثناء الضّيافة  في المجتمع التّونسي: مقاربة أنثروبولوجيّة
كاتب من تونس

تشمل الطّقوس مختلف الأحداث الاستثنائيّة واليوميّة، وتجمع بين ثنائيّات عديدة. فهي جادّة وصارمة ورسميّة أحيانا، وأحيانا أخرى تبدو مُقولبة وروتينيّة(1). وتتضمّن الطّقوس والممارسات الاجتماعيّة المقترنة بها جملة من المعاني والرّموز الثّقافيّة التي تستوجب تأويلها(2)، لذلك فإنّ دور الباحث في الانتروبولوجيا هو فكّ تلك الرّموز وفهم معانيها للكشف عن جوانب من الهويّة الثّقافيّة للمجتمع. فالطّقوس إذن تعبّر عن القيم والمعاني والمعتقدات السّائدة في مجتمعات معيّنة، وتقوم بمهمّة دمج الفرد بطريقة أشدّ إحكاما في الكلّ الاجتماعي(3). وعليه فهي «تسنّ شكل العلاقات الاجتماعية... وتخوّل للنّاس معرفة مجتمعهم المخصوص»(4)، وتنهض بدور هامّ في الحفاظ على الهويّة والتعبير عنها وهو ما يمكّن من مقاومة الضّغوط الخارجيّة(5) النّاتجة عن التّثاقف. وفي الحقيقة فإنّ كلّ الأشياء التي تحدث في طقس ما تبدو وكأنّها منفصلة عن مجرى الحياة اليوميّة، وهو ما يخلق بعدا جديدا يتميّز باستثنائيّة أو حدّيّة(6) Liminality بمعنى أنّ أحداث الطّقوس لها حدّ تبدأ منه وحدّ آخر تنتهي إليه، وهي بذلك تكون خارجة عن البنيات الطّبيعيّة للأحداث.

فالطّقوس ليست ظواهر ساكنة بل هي متحوّلة تتأثّر بالسّياق التّاريخي وبمختلف التّغيّرات التي تطرأ على المجتمع(7)، سواء أكانت مادّية أم معنويّة ورمزيّة مرتبطة بها بفعل التّثاقف.

وتعدّ الضّيافة ظاهرة اجتماعيّة ومؤسّسة عامّة تقترن بها جملة من الطّقوس والنّواميس تشمل الأعراف التي تُلزم المضيف باستقبال الضّيف وحمايته وتوفير الإقامة والمأكل له(8). وهي ظاهرة كونيّة تعود إلى المجتمعات «البدائيّة». وقد تخيّرت عيّنة تطبيقية تمكّن من التعرّف إلى طقوس الغذاء في الضّيافة في المجتمع التّونسي منذ بداية القرن العشرين إلى أيّامنا الرّاهنة، واستجلاء مختلف التّحوّلات التي طرأت عليها. وعليه فقد فصلنا بين الضّيافة اليوميّة والاحتفاليّة. وميّزنا داخل كلّ صنف منهما بين الضّيافة التّقليديّة والضيافة الحديثة، وجعلنا ثمانينات القرن العشرين فاصلا بينهما، وذلك في علاقة ببداية تأثير العولمة وانخراط المجتمع التّونسي فيها(9).

ولإنجاز هذا المبحث اعتمدنا العمل الميداني، وتخيّرنا منهج الوصف المكثّف والمقاربة التّأويليّة. ويستهدف الوصف المكثّف(10) مختلف الممارسات والطّقوس المرتبطة بالغذاء أثناء الضّيافة سواء أكانت يوميّة أم احتفاليّة، حتّى نتمكّن من رؤية ما يراه أفراد المجتمع موضوع الدّراسة، والاعتقاد في ما يعتقدون والإحساس بما يحسّون والتّفكير في ما يفكّرون فيه(11). أمّا المقاربة التّأويليّة فتهدف إلى فهم المضامين الثّقافيّة للطّقوس ومعانيها وفكّ رموزها(12).

الأغذية المقدّمة إلى الضّيوف

في الضّيافة التّقليديّة:

بعد استقبال الضّيوف من قبل المضيف ودعوتهم إلى الجلوس، تُقدّم إليهم الأطعمة. وتختلف الأطعمة المُقدّمة إلى الضّيوف من الضّيافة التّقليديّة إلى الضّيافة الحديثة، ومن الضّيافة اليوميّة إلى الضّيافة الاحتفاليّة. وتختلف كذلك حسب الأوساط الحضريّة والرّيفيّة، وحسب الانتماء الاجتماعي للمضيف والضّيف. فالأطعمة المقدّمة إلى الضّيوف في المجتمعات البدويّة والريفيّة بالبلاد التّونسيّة أثناء الضّيافة التّقليديّة اليوميّة تكون على مراحل، ويتمثّل أوّلها في الحليب الطّازج أو الرّائب أو اللّبن والتّمر أو بعض الغلال المجفّفة على غرار التين أو العنب (13). ويرمز الحليب أو اللّبن إلى السّلام نظرا إلى لونه الأبيض. أمّا التّمر أو الغلال الجافّة الأخرى فترمز حلاوتها إلى التفاؤل والفأل الحسن. وإن لم تكن هذه الأغذية متوفّرة فتُقدّم إلى الضّيوف كسرة «الفَطِيرْ»(14) وزيت الزّيتون والعسل. وإذا كان المضيف بدويّا في الصّحراء فإنّ أوّل ما يُقدّم إلى الضّيوف لبن النّوق الطّازج(15)، والتّمر إن كان متوفّرا، ثمّ يقدّم له كسرة «المِلّة»(16)، وزيت الزّيتون. وما يميّز أغلب هذه الأغذية المقدّمة إلى الضّيوف أنّها منتجات محليّة، وتتماشى وخصائص الوسط الطّبيعيّ ونمط العيش السّائد. وتجدر الإشارة إلى أنّ مختلف هذه الأطعمة تقدّم إلى مختلف الضّيوف بغضّ النّظر عن انتمائهم الاجتماعي. ويتمّ الالتجاء إلى مثل هذه الأطعمة وخاصّة منها «كِسْرَة الفَطِيْر» أو «كِسْرَة المِلَّة» عند قدوم ضيوف غير مُرتقبين لأنّها سريعة التّحضير. أمّا في المناطق الحضريّة فتُقدّم إلى الضّيوف أنواع من الحلويّات أو الفواكه الجافّة وبعض المشروبات على غرار العصائر.

وبعد هذه الأطباق سريعة التّحضير يُقدّم الشاي إلى الضّيوف(17)، الذي يعدّ من المشروبات الرّئيسيّة التي ليس بالإمكان الاستغناء عنها، أثناء الضّيافة التقليديّة اليوميّة والاحتفاليّة، وقد ورد في أغنية صينيّة(18) تعود إلى القرون الوسطى وتُدرّس في المدارس الصّينيّة أنّ الإنسان يحتاج في حياته اليوميّة إلى سبعة أشياء رئيسيّة، منها الشّاي والملح والزّيت والأرز والصّويا والخل وحطب الوقود(19). وللشّاي رمزّية اجتماعية وثقافيّة لأنّه مرتبط في أذهان النّاس «بالجماعة والأنس والضيافة...»(20) وبالاحتفالات الشّعبيّة (21). فارتباط الشّاي بالجماعة والأنس يتطلّب عدم التّسرّع في إعداده وتحضيره. لذلك فمن الأفضل طهيه على نار الحطب أو الفحم، والحرص على أن تكون النار هادئة حتّى يُطبخ شيئا فشيئا. وارتباطه بالضّيافة يجعله سمة من سمات الكرم وعلامة من علامات الحفاوة والاستقبال. واقترانه بالاحتفالات الشّعبيّة يجعله عنوانا للفرح والبهجة(22).

وبعد الشّاي يُقدّم إلى الضّيوف الطّبق الرّئيسي المتمثّل في الكسكسي(23)، وهو من الأطباق الواجب حضورها أثناء الضّيافات التّقليديّة سواء أكانت يوميّة أم احتفاليّة، لأنّه الطّعام بامتياز (24). ويُعدّ بطرق متنوّعة تختلف من فئة إلى أخرى وفق إمكاناتها الماديّة وعاداتها ونمط عيشها وطبيعة المناسبة في حدّ ذاتها. ففي المجتمعات الرّيفيّة والبدويّة إذا كان كلّ من الضّيف والمضيف ينتميان إلى الفئات الميسورة يكون الكسكسي ب «المِسْلاَنْ» وهو ما يستوجب ذبح ضأن أو ماعز أو مجموعة منها حسب عدد الضّيوف، لأنّه يقتضي أن تكون الذّبيحة تامّة غير مجزّأة إلى قطع صغيرة من اللّحم، وإنّما مقسّمة فقط إلى جزأين متساويين، ويكون موضع القصّ الضّلعة الثّالثة من الخلف، بحيث يكون جزء منه مقترنا بالألية والفخذين حتّى الضّلعة الثّالثة، والجزء المتبقّي منه مقترنا ببقية الأضلع والكتفين(25). وتُقسّم الذّبيحة إلى نصفين لأنّ أغلب أواني الطّبخ لا يمكنها احتواء الذّبيحة تامّة. وتجدر الإشارة في هذا السّياق إلى أنّه من عادات العديد من المجتمعات العربيّة، تقديم أطباق من الطّعام إلى الضّيوف تحوي ذبائح تامّة، مثل العجول(26) والقعدان(27) شريطة أن تكون صغيرة السّنّ. وإذا كان المضيف ينتمي إلى عليّة القوم فقد يتكوّن الأكل المقدّم إلى الضّيوف من عدّة أطباق، وهو ما نجد له صدى في بعض المصادر الإخباريّة، فقد ذكر أحد الرّحّالة الأنقليز أنّ العشاء الذي دُعي إلى حضوره لدى أحد شيوخ قبيلة تكوّن من عدّة أطباق، ومنها أوان كبيرة مملوءة بالكسكسي يتطلّب حملها أربعة أشخاص(28). وقد ذكر الحسن الوزّان المعروف ب «ليون الإفريقي» في بداية القرن السّادس عشر أنّ الأكل الذي قُدّم له عندما كان في زيارة أحد الأمراء بناحية درعة بجنوب المغرب الأقصى وهو في طريقه إلى تومبكتو يتركّب من «لحم الغنم شواء وطبيخا ملفوفا في مرقّقات من العجين المتناهي في الدّقّة تشبه شريطات (لازانيا) قليلا إلاّ أنّها أمتن منها وعجينها أغلظ. ثمّ أحضروا الكسكسي والفتات وألوانا أخرى من الأطعمة...»(29).

وإذا كان المضيف فقيرا، فانّه يسعى في الغالب إلى إكرام ضيوفه وإن التجأ إلى استعارة ذّبيحة من جيرانه. وإذا كان عدد الضّيوف محدودا وينتمون إلى فئات اجتماعيّة شعبيّة، يكون الكسكسي بلحم الدّجاج المتوفّر لدى أغلب العائلات الريفيّة، أو بالقديد وهو اللّحم المجفّف. وقد جرت العادة أن يترك الفقراء من البدو والرّيفييّن القليل من الدّقيق والزّيت والقديد جانبا لا يُمسّ بأي حال من الأحوال تحسّبا لقدوم ضيف غير مرتقب، وهو ما يسمّى في بعض الجهات بالجنوب التّونسي عصيدة الضّيف(30)، وفي بعض الجهات الأخرى من البلاد عشاء الضّيف(31). وإن كان المضيف فقيرا ولا يملك أي طعام يُقدّمه إلى ضيفه، تلتجئ ربّة البيت عند قدوم ضيف إلى جاراتها الميسورات ليعطيهنّ ما يمكن به أن تُكرم ضيف زوجها(32).

أمّا في الأوساط الحضريّة فغالبا ما يُقدّم الكسكسي باللّحم لتوفّره في الأسواق بدكاكين القصّابين. وعلى غرار الميسورين من البدو وسكّان الأرياف، يُقدّم الميسورون من الحضّر أطباقا متعدّدة، وهو ما نجد له ذكرا في بعض المصادر الإخباريّة، من ذلك أنّ الطّعام الذي قُدّم للقنصل الفرنسي بالرّباط بالمغرب في عهد لويس الرّابع عشر تكوّن من ثمانية أطباق كبرى(33). وتكوّن الطّعام الذي قُدّم إلى القنصل الإيطالي بطنجة بالمغرب الأقصى في 1876 من ثلاثة وعشرين طبق(34).

وذكر الرحّالة الأوروبي، كلارك كنّدي () ClarkK، أنّ الطّعام الذي قُدّم له عندما أُستضيف من قبل أحد شيوخ سليمان بشمال شرقي البلاد التّونسيّة في 1845 تركّب من مفتّحات تكوّنت من شورباء «شُرْبَة» ومرق من الخضر واللّحم، أمّا الطبق الرئيسي فتكوّن من الكسكسي، في حين تكوّنت التحلية من بعض الحلويّات(35).

وبالرّغم من أهمّيّة الأبعاد الماديّة للضّيافة التّقليديّة اليوميّة المتمثّلة في المأكولات والمشروبات التي تُقدّم إلى الضّيوف فإنّها تستوجب توفّر جوّ نفسيّ ناجم عن أريحيّة المضيف واستعداده للبذل والعطاء وإكرام ضيفه، وهو ما يعكسه المثل الشّعبيّ التّونسي التّالي: «قِشْرْ مِنْ بِشْرْ خِيِرْ مِنْ كَبْشْ مِنْ قفْرْ وْعَاطِي أَكْتَافَهْ للزّرِيبَهَ»، ومعناه أنّ أبسط طعام يُقدّم إلى الضّيف من مضيف فقير وبشوش أفضل من أن ينحر له مضيف بخيل كبشا وهو كظيم وعبوس.

وللكرم مكانة هامّة في المجتمعات العربيّة بصفة عامّة، فهو يسبق بقيّة القيم بما فيها الشّجاعة (36). وبالرّغم من الأهميّة القصوى التي يُوليها المجتمع التّونسي لإكرام الضّيف، فإنّ على الضّيف أن يكون ذا خلق ومتواضعا ويأكل أيّ نوع من الطّعام يُقدّم إليه، وأن لا يبالغ في طلباته(37). وهي عادات تختلف من مجتمع إلى آخر، فعادات المجتمع القرغيزي مثلا، تمكّن الضّيف من تقديم شكوى بمضيفه في حالة عدم إكرامه، بتهمة المعاملة غير اللاّئقة، وغالبا ما يُغرّم المضيف(38).

وقد جرت العادة أن يُقدّم إلى الضّيوف أثناء الضيافة الاحتفاليّة التقليديّة وخاصّة أثناء حفلات الزّفاف والختان، وزيارة الزّوايا، الطّبق الرّئيسي فقط المتمثل في الكسكسي ب «المِسْلانْ» أو باللّحم. وتختلف نوع الذّبيحة باختلاف جهات البلاد ففي المناطق الشّماليّة يغلب على الذّبائح البقر والضأن، وفي المناطق الوسطى الضّأن وفي المناطق الجنوبيّة الماعز والإبل، وذلك في علاقة بالتّوزيع الجغرافي لقطعان الماشية بالبلاد (39).

وفي ما يتعلّق بالضّيافة التّقليديّة الاحتفاليّة ذات الصّبغة السّياسيّة فسنولي اهتماما خاصّا بضريبة «اللَّحَّمِيَّة»، وهي ضريبة مفروضة على القبائل وسكّان الأرياف بالبلاد التّونسيّة في العهد الحديث، أي مفروضة على الجماعات التي يقوم اقتصادها على تربية الماشية. ويُطلق عليها كذلك ضريبة «الضِّيفَة» أو «المُونَة»(40). وتهدف هذه الضّريبة إلى توفير مؤونة «المْحَلّة» (جهاز عسكري)، عندما تتنقّل لاستخلاص ما على سكّان القرى والقبائل من مطالب للبايليك(41)، أو لإخضاع القبائل المتمرّدة. وتشمل هذه الضّريبة حيوانات اللّحم بمختلف أصنافها(42) والحبوب والسّمن والعسل. وقد بلغ مجموع مصاريف «الأمْحالْ» (ج. محلّة) بين شتاء 1185 ه 1771 م.، وشتاء 1191 ه 1778 م. من الأغنام ما قدره 19167 رأسا(43). وبما أنّ من واجب المضيف توفير الأعلاف لدواب الضّيف، فقد فُرضت على الأهالي ضريبة أخرى تُعرف بضريبة «العَلْفَة»(44)، وتتمثّل في توفير الأعلاف لمختلف الدّواب المشاركة في المحلّة.

ومن وجهة نظر علم الاجتماع السّياسي، تعدّ ضريبة «اللّحَّمِيّة» وضريبة «العَلْفَة» شكلا من أشكال اعتراف المجتمع المحلّي بالسّلطة المركزيّة المتمثّلة في «المْحلّة» ومن يتولّى قيادتها سواء أكان «الباي» أم ولّي عهده. وعليه فإنّ التّهرّب من أداء هذا الواجب يُعدّ تمرّدا على السّلطة المركزيّة وعدم الاعتراف بها، وتتمثّل عقوبتها في نهب «المْحلّة» مخازن حبوب القبائل الرّافضة دفع ما عليها من مؤونة، ومصادرة قطعان ماشيتها(45). وبالرّغم من أنّ هذه الضّيافة مفروضة على السّكّان المحلّيين فإنّها ترمز إلى التّصالح بين العسكر والقبائل. وتهدف إلى التّخفيف من حدّة التّوتّر بين السّلطة المركزيّة وتحديدا المؤسّسة العسكريّة «المحلّة» ذات الطّابع الزّجري، والمجموعات القبليّة والقرويّة التي تعبر مجالها طريق المحلّة(46). خاصّة وأنّ العلاقة بين القبائل والسّلطة قائمة بالأساس على دفع الضّرائب، وهو ما يبدو واضحا من خلال وثائق الأرشيف الوطني التّونسي وتحديدا الدفاتر الجبائية. وبما أنّ الضّيافة غالبا ما تكون مرتبطة بتبادل الهدايا فقد جرت العادة أن يقدّم القيّاد ومشايخ القبائل هدايا إلى الباي أو إلى وليّ عهده، وفي المقابل يردُّ الباي أو وليّ عهده بتقديم هدايا إليهم تُعرف بالإحسان، إلى جانب تجديد الثقة فيهم(47)، وحتّى عامّة السّكّان كان بإمكانهم تقديم الهدايا إلى الباي. وفي نفس الإطار كان مفروضا على السّكّان المحلّيين وخاصّة منهم سكّان القرى والقبائل استضافة موظّفي الدولة عندما يكونون بصدد أداء مهامهم وتوفير الغذاء لهم والعلف لدوابّهم.

وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الطّرق المتّبعة في استخلاص الجباية من السّكّان المحلّيين وخاصّة من القبائل وسكّان القرى والأرياف لا تميّز البلاد التّونسيّة فقط وإنما كذلك بقيّة المغارب(48). وليس الفترة الحديثة من تاريخ البلاد التّونسيّة فحسب وإنّما كذلك الفترات التّاريخيّة السّابقة. وهي ممارسات تواصلت بعد حصول البلاد على استقلالها ولكن بطرق مختلفة. فعند زيارة ممثّلي السّلطة سواء أكانوا رؤساء أم وزراء أو ولاّة أو موظّفين سامين، لمختلف جهات البلاد كانت تقام لهم ضيافات من قبل المنتسبين المحلّيين إلى الحزب الحاكم وخاصّة منهم رؤساء الشّعب الدّستوريّة الذين كانوا يتولّون تنظيمها، حيث كانوا يفرضون على السّكّان وخاصّة البسطاء منهم المساهمة في «الضِّيفَة» بتوفير الخرفان أو العسل والسّمن واللّبن والتّمر من النّوع الرّفيع، ويمكن أن تكون المساهمة بمبلغ مالي. وفي الغالب كانت تُقدّم أثناء هذه الضّيافات العديد من الأطباق أهمّها الكسكسي ب«المِسْلانْ»، ولحم الضّأن المشويّ أو المصليّ. ومثل ضريبة «اللّحَّمِيّة» ترمز هذه الضّيافات كذلك إلى اعتراف السّكّان بالسّلطة المركزيّة وتأكيد ولائهم لها.

في الضّيافة الحديثة:

تتمثّل التّجديدات التي عرفتها الأغذية المقدّمة إلى الضّيوف أثناء الضّيافة الحديثة في تغيير طريقة طبخ الأغذية، وتعدّد الأطباق:

طرأت العديد من التّغييرات على طرق الطّبخ وتحديدا طّبخ اللّحم الذي يعدّ أساس الضّيافة، فبعد إن كان اللّحم المسلوق يحتل المرتبة الأولى في أصناف الطّبخ من حيث اللّذّة والقيمة الغذائيّة(49)، فقد تراجعت مكانته في الموائد الفاخرة وعُوّض باللّحم المصليّ Le rôti أو المشويّ(50) Le grillé، اللّذين أصبحا علامة على التّطوّر والرّقيّ، وأكلات الضّيافات الحديثة اليوميّة والاحتفالات بامتياز(51). بالرّغم من أنّهما كانا طبيخا مميّزا للفئات الشّعبيّة(52)، ومرتبطين بالتّنقّل وعدم الاستقرار لأنّهما ليسا في حاجة إلى أوان تكون واسطة بين الطّعام والنّار. وفي هذا الإطار يرمز اليوم لحم الشّواء بالنسبة إلى الفقراء إلى نوع من الارتقاء الاجتماعي(53). فأطباق اللّحوم المشويّة والمصليّة أصبحت من الأطباق التي تُقدّم إلى الضيوف الذين ينتمون إلى الفئات العليا من المجتمع. ومن الطّرق المستجدّة في طبخ اللّحم إلى جانب الصّلي والشّي الإنضاج بواسطة البخار. ويبدو أنّ هذا التّحوّل في أصناف الطّبخ لا يهمّ فقط المجتمع التّونسي وإنّما هو تحوّل عام يشمل مختلف الشّعوب(54).

أمّا في ما يخصّ الأطباق المقدّمة إلى الضّيوف فقد أصبحت متعدّدة وأكثر تنوّعا من الضّيافة التّقليديّة، سواء أكان المضيف من الفقراء أم من الميسورين. وتتكوّن الأطباق من المقبّلات والأطباق الرّئيسيّة والتّحلية التي تعقب الطّبق الرّئيسي. وتختلف أنماط إعداد المائدة وتقديم الأطباق أثناء الأكل، ومنها: النمط الروسي حيث تُقدّم الأطباق الواحد تلو الآخر، وتكون البداية بالمقبّلات ثم الطّبق الرّئيسي ثمّ التّحلية، وهذا التّتالي يجعل الكلّ يأكل من نفس الطّعام(55). والنّمط الفرنسي حيث تُقدّم كلّ الأطباق معا بما فيها المقبّلات والطّبق الرّئيسي والتّحلية، وعلى الضّيف أن يختار أيّا منها ليأكله. وهذا النّمط الأخير هو الأكثر انتشارا في المجتمع التّونسي لأنّه الأقرب جغرافيّا وثقافيّا. وتشمل المقبّلات الشّوربة باللّحم أو بالسّمك، وأنواعا متنوّعة من السّلطات(56). أمّا الأطباق الرّئيسيّة فأصبحت أكثر تنوّعا ومنها الكسكسي ب«المِسْلانْ» أو باللّحم أو بأنواع معيّنة من السّمك والأرز والمقرونة وأنواع متعدّدة من المرق مثل الفصوليا «اللّوبيا» والجلبّان والكمّونيّة، وغيرها، وأطباق تتكوّن من لحم الضّأن أو السّمك أو الدّجاج المشويّ أو المصليّ، و«البْرِيكْ» و«الطّاجِينْ»، ويبقى الكسكسي من أهمّ هذه الأطباق وأكثرها انتشارا. وتتكوّن التّحلية من أنواع مختلفة من الحلويّات أو الفواكه والغلال أو المشروبات الغازيّة أو العصائر.

ويبدو أنّ ترتيب الأطباق المقدّمة إلى الضّيوف يختلف من شعب إلى آخر ومن ثقافة إلى أخرى، إذ يمكن أن تكون البداية بالأطباق المالحة، أو بالفاكهة أو بألذّ الأطباق على غرار اللّحم وثمّة من يترك ذلك إلى نهاية الأكل حتّى يشبع وعندها يصبح بالإمكان التّلذّذ بذلك أكثر(57). وتكون الأطباق أكثر تنوّعا وتعدّدا واللّحم أكثر توفّرا في حالة انتماء الضّيف والمضيف إلى الفئات العليا من المجتمع. وتُعطى أهميّة بالغة إلى البعد الجمالي عند تقديم الأطعمة إلى الضّيوف وهو ما من شأنه أن يُشبع حاسّة البصر، وهو جانب يبدو شبه غائب في الضّيافة التّقليديّة وخاصّة في الأوساط الرّيفيّة، والحضريّة الفقيرة.

ولئن كان استقبال الضّيوف والترحيب بهم ودعوتهم إلى الجلوس وخدمتهم من قبل الضّيف واجبا مقدّسا أثناء الضّيافة التّقليديّة سواء أكانت يوميّة أم احتفاليّة في مختلف أنحاء البلاد التّونسيّة، فإنّ الوضع لم يعد كذلك أثناء الضّيافة الحديثة وخاصّة الاحتفاليّة منها. حيث أصبح بإمكان المضيف وتحديدا في الأوساط الحضريّة الميسورة التّخلّي عن واجب استقبال الضّيوف والاعتناء بهم وخدمتهم، والالتجاء إلى أعوان يقومون بواجب الضّيافة بالنّيابة عنه، أو إلى ما يسمّى بالمائدة السّويسريّة للخدمة الذّاتيّة، بمعنى أن الضّيف يخدم نفسه بنفسه، فهو الذي يتولّى ملء الأطباق بالطّعام وحملها إلى مكان جلوسه على الطّاولة. وهي من الأساليب المعتمدة في المطاعم الفاخرة وفي النّزل من الأصناف الرّفيعة.

أمّا بالنّسبة إلى الضّيافة الحديثة ذات الصّبغة السّياسيّة فقد تواصلت خلال العهد النّوفمبري نفس الممارسات التي كانت سائدة في العهد البورقيبي بل ازدادت انتشارا. وخاصّة في المناطق الرّيفيّة والقرويّة، وأصبحت إقامة الضّيافة من المهام المناطة بعهدة رؤساء الشّعب الدّستوريّة التّابعة لحزب التّجمّع الدّستوري الدّيمقراطي. وتعكس إقامة هذه الولائم والضّيافات مدى ولاء الجهات إلى السّلطة القائمة. ومن غاياتها التّغطية على الأوضاع الاجتماعيّة والاقتصاديّة المتردّية لجهاتهم، وهي ممارسات كانت منتشرة في أغلب جهات البلاد. وبعد ثورة 17 ديسمبر 2010 تواصل هذا الصّنف من الضّيافة، وأصبحت أكثر انتشارا بفضل تعدّد الأحزاب والمناسبات التي تقام فيها، من ذلك المشاركة في المؤتمرات السّياسيّة للأحزاب، وفي المسيرات، والاعتصامات السّياسيّة وأهمّها اعتصام الرّحيل(58) بباردو، المعروف كذلك باسم اعتصام «الرُّوزْ بالفَاكْيَة» بمعنى الأرزّ بالفواكه الجافّة. وهذه التّسمية نسبة إلى نوع الغذاء الذي وفّره المشرفون على تنظيم هذا الاعتصام للمعتصمين. كما أنّ بعض الضّيافات كانت مرتبطة بالانتخابات سواء أكانت تشريعيّة أم رئاسيّة، واتّخذت أشكالا أخرى منها توزيع الأغذية من قبل الأحزاب والمرشّحين للانتخابات على فئات من النّاخبين وخاصّة منهم الذين ينتمون إلى الفئات الفقيرة. وهي ممارسات تستثمر الموروث الثقافيّ المتمثّل في الإطعام وما يتميّز به من قداسة لغايات سياسيّة تتمثّل في التّأثير على النّاخبين، وكسب أصواتهم. فالإطعام إذن يتحوّل إلى أداة للسّيطرة والتّوجيه والتّأثير على رأي النّاخبين. وتتأسّس هذه الممارسات من النّاحية الأنتروبولوجيّة على نوع من الحيلة المزدوجة والواعية بين الطّرفين: فالأحزاب أو الأفراد المرشّحون للانتخابات هدفهم من وراء تنظيم موائد الإطعام الجماعي كسب أصوات النّاخبين. أمّا النّاخبون وخاصّة منهم الذين ينتمون إلى الفئات الشّعبيّة فيرون في هذه الموائد وليمة وفرصة لتناول غذاء جيّد ووفير دون مقابل مادّي. ويُمكّن النجاح في الانتخابات المرشّحين من سلطة، قد يستغلّونها لاستعادة ما أنفقوه من أموال وأكثر من ذلك (59). ويبدو أنّ مثل هذه الممارسات شائعة في الثقافة السّياسيّة للعديد من البلدان التي تتلمّس طريقها نحو الدّيمقراطيّة.

ومن مظاهر التّجديد الأخرى التي طرأت على الضّيافة الحديثة اليوميّة والاحتفاليّة وخاصّة في الأوساط الحضريّة، منافسة العديد من المشروبات للشّاي، بحيث لم يعد المشروب الوحيد المرتبط بالاحتفالات الشّعبيّة والمميّز لطقوس الضّيافة. ومن أهمّ هذه المشروبات القهوة والمشروبات الغازيّة وخاصّة منها الكوكا كولا والفانتا، والعصائر بمختلف أصنافها سواء أكانت طازجة أم معلّبة. وتعدّ الخمور من أهمّ المشروبات المستجدّة التي أصبحت تلقى رواجا أثناء الضّيافة الحديثة الاحتفاليّة وكذلك اليوميّة لدى الأوساط الحضريّة الميسورة وخاّصّة لدى الفئات الشّبابيّة. واللاّفت للانتباه تزايد استهلاكها يوما بعد يوم، وتقليد الطّقوس المرتبطة بشربها، وهي ممارسات تعكس الغزو الثّقافي الغربي للمجتمع التّونسي والمجتمعات العربيّة بصفة عامّة.

ومن ملامح الضّيافة الحديثة الاحتفاليّة تزايد الاهتمام بالجانب الترفيهي وخاصّة بالنّسبة إلى الشّباب، مثل الغناء والرّقص والألعاب، وهو ما قلّص كثيرا من قيمة الأطعمة المُقدّمة والطّقوس المرتبطة بها. وفي هذا الإطار يمكن أن نشير إلى تزايد الضّيافات التي تُعقد في الملاهي اللّيليّة، وفي المطاعم الفاخرة حيث تقام حفلات الغناء والرّقص، كما أنّ حفلات الختان والزّواج ومختلف أعياد الميلاد تكون مصاحبة بالغناء والرّقص، وقد يلتجئ بعض الميسورين وخاصّة في الأوساط الرّيفيّة إلى إقامة حفلات زفاف أو ختان بالجمع بين الطّرق الحديثة في تنظيم الاحتفالات، والطّرق التّقليديّة التي أصبحت مكلفة مادّيّا على غرار تنظيم مسابقات الخيل، وبعض الألعاب البهلوانيّة التي يؤدّيها الفرسان، وتجهيز الهودج «الجِحْفَة» الذي تُنقل فيه العروس من بيت والديها إلى بيت زوجها، ودعوة فرق الفنّ الشّعبيّ.

طقوس الغذاء أثناء الضّيافة

غسل اليدين والبسملة والأكل باليد اليمنى:

من الطّقوس المرتبطة بالغذاء أثناء الضّيافة، غسل اليدين قبل الشّروع في الأكل مع وجود بعض الاختلافات بين الضّيافة التّقليديّة اليوميّة والاحتفاليّة. ففي الضّيافة اليوميّة التّقليديّة يقوم المضيف أو أحد أولاده بإحضار حوض من النّحاس وإبريق مملوء بالماء ومنشفة، ويصبّ الماء على أيدي الضّيوف وهم جالسون في أماكنهم. أمّا في الضّيافات الاحتفاليّة فغالبا ما يُكلّف شخص من أقرباء المضيف بصبّ الماء على أيدي الضّيوف، وأحيانا يتمّ توفير الماء والصّابون والمناشف بجانب الضّيوف وعليهم غسل أيديهم قبل الأكل. ويبدو أنّ لطقس غسل اليدين أهمّية قصوى لأنّ الأكل وخاصّة في الأوساط البدويّة والريفيّة كان يتمّ في الغالب بالأيدي، دون استعمال الملاعق والشّوكات والسّكاكين. وهي ممارسة عدّها بعض الرّحّالة الأوروبّيين مقزّزة وتنمّ عن التّخلّف ويمكن أن تتسبّب في نقل بعض الأمراض على غرار فيروس الالتهاب الكبدي. وبعد الانتهاء من غسل اليدين وقبل الشّروع في الأكل يذكرون اسم اللّه، وهو ما نجد له صدى في أقوال الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم «أدنُ منّي فسمّ اللّه وكل بيمينك، وكل ممّا يليك»(60). ومن الطّقوس المتّبعة في الضّيافة التّقليديّة اليوميّة لدى العديد من المجتمعات العربيّة أن يكون المضيف هو أوّل من يقول بسم اللّه بصوت مرتفع وأوّل من يبدأ الأكل وفي ذلك دعوة الضّيوف إلى الشّروع في الأكل(61). ويجب على المضيف أن يواصل الأكل ولا ينتهي منه إلاّ بعد انتهاء ضيوفه(62)، وعليه كذلك حث الضّيوف على مزيد الأكل، وفي ذلك رفع للحرج عليهم.

أمّا عن كيفيّة الجلوس حول الطّعام المُقدّم إلى الضّيوف فتختلف من وسط اجتماعيّ إلى آخر، ففي المجتمعات البدويّة والريفيّة يجلس الضّيوف في الغالب على فُرش مبسوطة على الأرض في شكل حلقات. وتُعطى للجلوس أهمّية بالغة ويُرفض رفضا باتا الأكل في أيّ وضع آخر. أمّا في المجتمعات الحضريّة فأحيانا يجلس الضّيوف على الأرض ويشكّلون حِلَقا حول موائد أو طاولات ذات قوائم قصيرة، وأحيانا أخرى يجلسون على كراس حول طاولات ذات قوائم مرتفعة. وتؤكد بعض الدّراسات التي اهتمّت بالشّرق الأوسط أنّ تعويض الموائد التي توضع على الأرض مباشرة بالموائد المرتفعة الأكثر فخامة يأتي في إطار التأثير التركي أثناء القرنين السّادس عشر والسّابع عشر، وذلك في علاقة بالتّوسّع التّركي. أمّا انتشار استعمالها في مجتمعات الشّرق الأوسط، وفي أغلب المجتمعات المغاربيّة فكان أثناء القرن التّاسع عشر(63). وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى تعدّد التّأثيرات الثّقافيّة التركيّة في مجال الغذاء بالبلاد التّونسيّة التي أصبحت في سنة 1574 إيالة تابعة للإمبراطورية العثمانيّة.

ومن الطّقوس الأخرى المتعلّقة بالضّيافة اليوميّة التّقليديّة والحديثة والتي يوليها الضّيوف أهمّيّة كبرى الحرص على إبقاء البعض من الطّعام في الأواني التي قُدّمت لهم، وهو ما يُطلق عليه سُنّة الضّيف. وهو طقس يشترك فيه المجتمع التّونسي مع العديد من المجتمعات العربيّة والإسلاميّة، ويرمز إلى الامتنان للمضيف، وإكرام الضّيف في آن. ومن التّصوّرات التي كانت سائدة في العديد من المجتمعات أنّ الضّيف غير الممتن سيُذهب معه كلّ ثروة الأسرة وحظّها السّعيد، وسيلازمها النّحس بعدها ولن تتمكّن من استعادة حظّها السّعيد(64). إلاّ أنّ اللاّفت للانتباه أنّ بعض الممارسات اليوميّة خارج إطار الضّيافة تتناقض مع مثل هذه الممارسات وهي إكرام الطّعام وذلك بأكله كلّه حتّى لا يُتلف. وهو ما يتّفق مع مبدأ عدم تبذير الأطعمة، والرّغبة الملحّة في الحفاظ عليها. وتبدو هذه الممارسات أكثر انتشارا في الأوساط الفقيرة التي لا تقدر على توفير الكثير من الأغذية التي يُطلقون عليها اسم «النِّعْمَة». ولهذه الممارسات أسس ثقافيّة ودينيّة وأخرى طبيعيّة. ولئن ترتبط الأسس الثّقافيّة والدّينيّة بتعاليم الدين الإسلامي التي تنهي عن الإسراف وتدعو إلى عدم التّبذير وحسن التّصرّف في الموارد، فإنّ الأسس الطبيعيّة ترتبط بالفضاء الجغرافي الذي ظهر فيه الدّين الإسلامي، والذي يغلب عليه الجفاف وامتداد الصّحارى وضيق المجالات الصّالحة للزّراعة.

ومن الآداب المتّبعة من قبل الضّيوف غسل اليدين بعد الانتهاء من الأكل. حيث يتولّى المضيف في الضّيافات التقليديّة اليوميّة أو أحد أبنائه أو أيّ شخص يكلّفه صبّ الماء من الإبريق على أيدي الضّيوف في حوض نحاسيّ. أمّا أثناء الضّيافة التّقليّديّة الاحتفاليّة فمن التّقاليد المتّبعة من قبل المضيف تكليف شخص من أقاربه بصب الماء على أيدي الضّيوف بعد انتهائهم من الأكل ويكون ذلك في أحواض نحاسيّة على مقربة من مكان تناول الطّعام. وتجدر الإشارة إلى أنّ من الممارسات المتّبعة من قبل البدو العرب في شبه الجزيرة العربيّة مسح الأيدي التي يغطّيها الدّسم في السّتار الذي يمثّل مقدّمة الخيمة أو البيت بحيث يصبح صلبا ويتقاطر منه الدّهن لكثرة ما يُمسح به من الأيدي، وتُعدّ كثرة الدّهن المتقاطر في مقدّمة البيت دليلا على كرم صاحبه(65).

ومن التحوّلات التي عرفتها الضّيافة الحديثة، التّخلّي عن الأكل بالأيدي وتعميم استعمال الملاعق، وانتشار استعمال الشوكات والسّكاكين، والطّاولات ذات القوائم المرتفعة والكراسي.

ومن طقوس الغذاء الأخرى تناول الطّعام باليد اليمنى وتجنّب استعمال اليد اليسرى، وهو ما نجد له صدى في السّيرة النّبويّة حيث يقول الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم «إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه، وإذا شرب فليشرب بيمينه، فإنّ الشّيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله»(66)، ويعدّ الأكل باليمنى جزءا من ثقافة تُميّز بين اليمين والشّمال، وتعكس «رفعة اليد اليمنى» على حدّ تعبير روبرت هيرتز Hertz (). ولذلك فهو يُقلّص من قيمة وجهة النّظر التّشريحيّة التي تذهب إلى أنّ تفوّق الأطراف اليمنى مرتبط بمعطيات فيزيولوجيّة تتمثّل في النّموّ الهام لنصف الدّماغ الأيسر الذي يثير عصبيّا وفيزيولوجيّا عضلات الجانب الأيمن. ويُؤكّد أهمّية دور التّأثيرات الاجتماعيّة والثّقافيّة (67). وهو موقف يشترك فيه روبرت هيرتز Hertz () مع العديد من الباحثين ومن أبرزهم مارسال موس Mauss (). ف «رفعة اليد اليمنى» هو نتاج تفاعل بين ما هو فيزيولوجي وما هو ثقافي(68). فالفيزيولوجيّ إذن مُلحق بالرّمزيّة الاجتماعيّة(69). ويستدلّ روبرت هيرتز على أهمّيّة المعطيات الاجتماعيّة والثّقافيّة التي تفسّر «رفعة اليد اليمنى» بوجود نسبة ضئيلة من النّاس تتفوّق عندهم اليد اليسرى، وأنّ نسبة ضئيلة ممّن يستعملون اليد اليمنى يصعب عليهم استعمال اليد اليسرى، أمّا غالبيّة الذين يستعملون اليد اليمنى فبإمكانهم استعمال اليد اليسرى لكنّهم يفضّلون اليد اليمنى لأنّها أسهل في الاستعمال. وأنّه من الممكن تدريب اليد اليسرى وترويضها ليصبح استعمالها سهلا مثل اليد اليمنى، وقد ذكر روبرت هيرتز Hertz () في دراسته بعض المهن التي تتطلّب استعمال كلتا اليدين، وعليه فهي تتطلّب تربية اليد اليسرى فنّيّا وتقنيّا تماما مثل اليد اليمنى على غرار البيانو والكمان والجراحة وغيرها(70).

إنّ التعارض بين اليمين واليسار ليس فقط فيزيولوجيّا وإنّما كذلك ثقافيّ(71). فالثّقافة هي التي ربطت التّمثّلات السّلبيّة باليد اليسرى والتّمثّلات الإيجابيّة باليد اليمنى، وهو في الأصل تناقض بين المقدّس والمدنّس(72).

وبما أنّ مسألة رفعة اليد اليمنى تمثّل جزءا من تقنيّات الجسد، وتُعدّ منتوجا مجتمعيا وثقافيا مرتبطا بالعادات والتّقاليد، فإنّ اكتسابها وانتقالها يكون عن طريق التّنشئة الاجتماعيّة وتحديدا عن طريق التعلّم، وهو ما ينطبق على مختلف تقنيّات الجسد الأخرى(73). وتُلقّن للطّفل بشكل مقصود، وكلّ تقنية تُعدّ نتيجة لتعلّم خاص مرتبط بالعديد من المعطيات على غرار السّن والجنس والوضع الاجتماعي والمهنة وغيرها(74). فالجسد إذن على حدّ تعبير مارسال موس Mauss () هو أداة طبيعيّة يتمّ تكييفها حسب «الهابتوس» أو الاستعداد الثّقافي(75). وتعدّ مسألة «رفعة اليد اليمنى»، ظاهرة إنسانية ولا تهمّ فقط الثقافة العربيّة الإسلامية.

طقوس شرب الشّاي:

يخضع الشّاي إلى العديد من الطقوس، منها: تفضيل التّونسيّين ترشّف الشاي في كؤوس صغيرة من البلّور تسمّى «كِيسَانْ طْرَابُلْسِي»، وفي ذلك إشارة إلى دور الطرابلسيّة في إدخال الشاي ومستلزماته إلى البلاد التونسيّة(76). ومن العادات المتّبعة ترتيب الكؤوس في الصينيّة، وتذوّق الشّاي من قبل القيّم عليه قبل صبّه للضّيوف(77). وصبّ الشّاي في الكؤوس بمهارة فائقة ومتعة كبيرة بحيث يُسمع للصّب صوت - ناتج عن حركة صعود الإبريق وهبوطه - شبيه بخرير المياه(78)، وتُقدّم الكؤوس إمّا فوق الصّينيّة أو ممسوكة بإصبعين من قاعدة الكأس، ويجب تجنّب مسكها من أعلاها أو تمرير راحة اليد فوقها(79) لتجنّب لمس جوانب الكأس التي تُرتشف منها.

ومن الممارسات المتّبعة في المجتمعات المغاربيّة بصفة عامّة تبجيل الضّيوف عن بقيّة الحاضرين عند توزيع كؤوس الشّاي، وتكون البداية بكبار السّن منهم. وترشّف ثلاثة كؤوس متتالية من الشّاي، وبتأنّ، وبجرعات قليلة(80). ويشترك المجتمع التّونسي مع المجتمعات المغاربيّة الأخرى في العديد من هذه الطّقوس مع أغلب الشّعوب البدويّة بالصّحراء الإفريقيّة(81). وتجدر الإشارة إلى أنّ الأواني المستعملة في طهي الشّاي وشربه تحمل العديد من الرّموز والعلامات، فالصّينيّة التي تحمل الكؤوس ترمز إلى الاجتماع والمسامرة وتجاذب أطراف الحديث، والبرّاد أو الإبريق يرمز إلى النّقاء والطّهارة والجمال، وتدلّ الكؤوس على الكرم والضّيافة(82)، وترمز حلاوة السّكر إلى التفاؤل والفال الحسن(83).

وتبدو طقوس الشّاي أكثر جلاء في الأوساط الرّيفيّة والبدويّة بالبلاد التّونسيّة مقارنة بالأوساط الحضريّة. ولئن كان الشّاي من أهمّ طقوس الضّيافة في البلاد التّونسيّة وفي المغارب بصفة عامّة، فإنّ القهوة أكثر حضورا عند العرب في شبه الجزيرة وخاصّة عند البدو منهم. ويُعدّ استمرار صوت الهاون (الجرن) الذي تُدقّ فيه البن، وتواصل اشتعال النار التي تُطبخ عليها القهوة من أبرز علامات الكرم والضّيافة(84).

ويبدو أنّ طقوس القهوة عند العرب البدو بشبه الجزيرة العربيّة أكثر تنوّعا وصرامة من طقوس الشّاي بالمغارب بصفة عامّة. خاصّة أنّ شرب القهوة اصطبغ بعادات البدو وتقاليدهم وقيمهم وممارساتهم اليوميّة لذلك أصبحت عنوانا لأكثر القيم تقديسا واحتراما في المجتمع، وهي الكرم والشّجاعة. فعادات البدو العرب وقيمهم استوعبت القهوة وأضحت إحدى الأسس التي ترتكز عليها، وهو ما يقوم دليلا على قدم استهلاك القهوة وانتشاره في الأوساط العربيّة البدويّة بشبه الجزيرة في زمن كانت فيه قيمة المرء تقاس برصيده من الشّجاعة والكرم التي تعزّز سمعته ومكانته ونفوذه في المجتمع. أمّا في ما تعلّق بالشّاي بالبلاد التّونسيّة وبالمغارب، فإنّ أغلب طقوسه مرتبطة بالكرم والضّيافة، وليست مقترنة بالشّجاعة والفروسيّة، لأنّ دخول الشّاي إلى هذه المناطق وانتشار استهلاكه كان متأخّرا مقارنة بانتشار استهلاك القهوة في بلاد العرب، أي في فترة أفِلت فيها قيم الشّجاعة والفروسيّة وفقدت الكثير من قيمتها بسبب تراجع البداوة وانتشار نمط العيش المستقرّ، وتزايد قدرة السّلط المركزيّة على مراقبة مجالها الجغرافي، وإخضاع المجموعات القبليّة لسلطتها وإجبارها على الاعتراف بها ودفع الجباية، وانتشار استعمال الأسلحة النّاريّة (85).

أمّا في الضّيافة الحديثة فَقَد فقد الشّاي الكثير من طقوسه، ففي الغالب لم يعد يُطهي على الجمر وإنّما على مواقد مختلفة تشتغل بالنّفط أو بالغاز الطّبيعي أو بالكهرباء. وأصبح يُطهى في المطبخ بعيدا عن مجلس الضّيوف، وهو ما أفقده طقوسه المرتبطة بالمسامرة وتجاذب أطراف الحديث.

وعُوّضت الكؤوس «الطّرابلسي» صغيرة الحجم بكؤوس أخرى كبيرة، وهو ما أدّى إلى التّخلّي عن طبخ الشّاي ثلاث مرّات متتالية. وبتبدّل الأواني المستعملة في طبخ الشّاي وشربه فقَدت العديد من رمزيّتها.

الأكل الجماعي:

ومن الطّقوس الأخرى المرتبطة بالضّيافة التقليديّة اليوميّة والاحتفاليّة الأكل الجماعي في أوان كبيرة تسمّى القصعة(86)، وتوجد في أحجام مختلفة، ويمكن للقصعة كبيرة الحجم أن يلتفّ حولها عشرون نفرا. وهو ما من شأنه أن يقوّي العلاقات الاجتماعية(87)، ويخلق علاقة الصداقة عند إكرام الضيوف الغرباء. ويحظى هذا الطّقس بقيمة رمزيّة كبيرة تفوق بكثير كميّة الأطعمة المقدّمة إلى الضّيوف ونوعيّتها(88). ويُعدّ الطّعام أو «المَاءْ والمِلْحْ» المقدّم إلى الضّيوف نوعا من العقد المعنوي بين الطّرفين. وتشترك الثقافات السّاميّة في اعتبار رابطة الماء والملح رابطة مع الإله، وتنهض بدور هامّ في تمتين العلاقات الاجتماعيّة.

وبمفعول الماء والملح، أو الملح فقط تنشأ رابطة مقدّسة بين الأفراد تضاهي رابطة الرّضاعة، وقد ترقى إلى مستوى رابطة الدّم بفضل قوّة سلطتها الرّمزيّة. وهي تمنع المرء الذي يتمتّع برصيد من الرّجولة والشّهامة والمروءة من التّعدّي على من شاركه الطّعام حتّى ولو بعد عدّة سنوات، وقد تجعله يتخلّى عن الثّأر حتّى لأقرب النّاس إليه(89). وما يُؤكّد أهمّية الماء والملح في المجتمع التّونسي تحوّله إلى نوع من القسم «بْجَاهْ المَا والمِلْحْ إلّي مَا بِينَاتْنَا» بجاه الماء والملح الذّي بيننا، أي بسلطة الماء والملح الذي تقاسمنا أكله. وهو قسم منتشر في أغلب الأوساط الاجتماعيّة التّونسيّة وخاصّة منها الفئات الشّعبيّة، ويجعل مؤدّيه يتمتّع بالكثير من المصداقيّة.

واللّافت للانتباه أنّ مثل هذا القسم كان منشرا لدى العرب منذ القديم، فقد تعرّض الجاحظ في كتابه البيان والتّبيين إلى ظاهرة تعاقد العرب على النّار وتحالفهم على الملح(90)، وعلى الرّماد(91). وتلتقي هذه الأصناف من القسم بيمين الغموس وأخذ العهد المؤكّد الذي لا استثناء فيه(92)، والذي يقتضي إحضار جفنة فيها طيب أو رماد أو دم ويدخلون فيها أيديهم عند التّحالف(93). ويرتبط الملح والنّار والرّماد بمفاهيم الضّيافة عند العرب البدو، وترمز إلى الطّعام والأكل. فالملح يعني الطّعام مهما كان نوعه وكمّيّته. والنّار تجلب الضّيوف بفضل نورها أثناء اللّيل ودخانها أثناء النهار. وتكدّس الرّماد أمام البيوت دليل على كثرة الضّيوف، ويعكس رصيد صاحب البيت من الكرم والشّهامة(94).

إنّ العلاقة التي تنشأ بمفعول الطّعام بين الضّيف والمضيف لا تهمّ فقط الحضارة العربيّة الإسلامية، وإنّما كذلك الحضارات والشّعوب الأخرى سواء أكانت مسيحيّة أم يهوديّة أو غيرها(95)، وهو ما يجعل من هذه السّلوكات ثقافة إنسانيّة متحرّرة من الزّمان والمكان.

ويخضع الأكل الجماعي إلى العديد من الضّوابط والنّواميس والآداب، ومن أهمّها الأكل كلّ من أمامه، ومن حافة الإناء ثمّ ما يليه وليس من أمام الآخرين، وهو ما نجد له صدى في أقوال الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم «أدنُ منّي فسمّ اللّه وكل بيمينك، وكل ممّا يليك» (96). وعدم الإكثار من الحديث عند الأكل، ومن الأقوال المأثورة في هذا الإطار «لا كلامْ مع الطّعَامْ»(97). وتشترك الحضارة العربيّة الإسلاميّة في هذا السّلوك الأخير مع بعض الحضارات الأخرى على غرار الحضارة الإغريقيّة. وتتعارض فيه مع حضارات أخرى على غرار الحضارة القرغيزيّة «حيث كان الضّيوف يُعطون وقتا طويلا للاستمتاع بوجبتهم والتّلذّذ بكلّ قطعة لحم في الوقت الذي يتبادلون فيه أحاديث سارّة ويروون قصصا مثيرة وأساطير» (98).

إلاّ أنّ الضّيافة الحديثة تميّزت بالتّخلّي عن الأكل الجماعي أي الأكل في إناء واحد(99)، وانتشار الأكل الفردي ومن ملامحه تعميم استعمال الأطباق والأواني الفرديّة(100). وهي تحوّلات انتشرت في العشريّات الأخيرة بالبلاد التّونسيّة وخاصّة في الأوساط الحضريّة، وهي ظاهرة بدأت في الانتشار بالمجتمعات الغربيّة منذ القرن السّادس عشر، وذلك في علاقة بتدعّم النّزعة الفردانيّة المرتبطة بالتّحوّلات الحضاريّة من النّظام الفيوداليّ إلى النّظام الرّأسمالي(101). ويعكس الأكل الفردي انحلال الرّوابط الاجتماعيّة. وتجعل النّزعة الفرديّة من الأكل والشّرب إحدى علامات الهويّة الذّاتيّة(102)، وهو ما يعكسه المثل الشّعبي التّونسي «كُولْ عَلَى كِيفِكْ والْبِسْ علَى كِيفْ النّاسْ»(103).

وبموجب هذه التّحوّلات فقدت الضّيافة الحديثة - وخاصّة الاحتفاليّة منها وتحديدا في الأوساط الحضريّة وبعض الأوساط الرّيفيّة الميسورة - الكثير من رمزيّتها ومن طقوسها ومن أبعادها الأخلاقيّة، وأصبحت لها أبعاد اجتماعيّة جديدة بحيث لم يُعد ل «المَاءْ والمِلحْ» أيّ قيمة تذكر. وأصبحت مظهرا للتّباهي والتّفاخر بين النّاس، وموضوع تنافس في الإنفاق بين الأفراد والعائلات، والهدف من ذلك إبراز الثّراء المادّي والانتماء الطّبقي. ولئن تتشابه الضّيافة الحديثة التّونسيّة في مستوى التّباهي والتّفاخر بين النّاس مع الضّيافة التقليديّة لدى العرب البدو بشبه الجزيرة العربيّة فإنّه توجد اختلافات بيّنة بينهما. فالتّباهي والتّفاخر الذي يطبع الضّيافة التّقليديّة لدى العرب البدو بشبه الجزيرة العربيّة، هدفه الزّيادة في الرّصيد الاجتماعي للمضيف من الكرم والرّجولة والشّهامة والمروءة والنّبل، وتعزّز سمعته ومكانته ونفوذه في المجتمع(104). وتعدّ هذه الممارسات تواصلا لما كان يفعله العرب في الجاهليّة ويسمّى بالمنافرة والمعاقرة، حيث كانوا يتنافسون أيّهم يعقر بمعنى ينحر أكثر عدد من الإبل للضّيوف(105)، وهي ممارسة لا تختلف عن ممارسة البوتلاتش بين هنود أمريكا الشّماليّة. أمّا التّباهي والتّفاخر الذي يطبع الضّيافة الحديثة الاحتفاليّة في المجتمع التّونسي هدفه إبراز الثّروة وتكريس التّمايز المادّي عن الآخرين. وعليه فإنّ الضّيافة التي كانت تسود الأوساط البدويّة في شبه الجزيرة العربيّة تتحكّم فيها القيم الثّقافيّة والاعتبارات الاجتماعيّة، أمّا الضّيافة الحديثة في المجتمع التّونسي فتتحكّم فيها الاعتبارات المادّيّة والنّقديّة.

الفصل بين الجنسين والهيمنة البطريركيّة:

ومن الطّقوس الأخرى التي تخضع لها الضّيافة التقليديّة بشقّيها اليومي والاحتفالي الفصل بين الجنسين. وهي من الممارسات التي يُحرص عليها في مختلف فترات الضّيافة بما فيها أثناء تقديم الطّعام. وتُجمع الدّراسات الجندريّة على أنّ المجتمع هو الذي يشكّل الاختلاف بين الذّكورة والأنوثة أكثر من أيّ عامل آخر. ويُعدّ الفصل بين الجنسين جزءا من نسق ثقافي ديني يعتبر جسد المرأة عورة، وعليه وجب فصله عن الذّكور. ومن منظور المعتقدات الدّينيّة الشّعبيّة السّائدة في المجتمع التّونسي والعربي بصفة عامّة تعدّ المرأة مصدر الفتنة الشّيطانيّة لأنّها تُلهي عن ذكر اللّه (106). لذلك يُعدّ الاختلاط بين الجنسين خطرا على النّظام الاجتماعي. ويقتضي الفصل بين الجنسين جندرة الفضاءات، بحيث يصبح الفضاء الخاص خاصّا بالمرأة والفضاء العام خاصّا بالرّجل. وما إقصاء المرأة عن الفضاء الخارجي إلاّ لمراقبتها وتسهيل السّيطرة عليها.

وفي هذا الإطار تُعدّ الضّيافة في الثّقافة العربيّة قيمة ذكوريّة بامتياز، لأنّ الكرم علامة على الانفتاح وفعل موجّه نحو الآخر الذي في الغالب يكون غريبا. لذلك فهو فعل يتعارض مع القيم التي تنبني عليها الأنوثة في مختلف الثّقافات وخاصّة في الثّقافة العربيّة، وأهمّها الحياء والسّتر والعفّة. وهو ما حال دون اتّصاف المرأة بالجود والسّخاء والكرم. لأنّه ليس بإمكانها الانخراط في علاقة مع الغريب. وعليه فقد أصبح البذل والعطاء والكرم من صفات الرّجل، والبخل والتّقتير من الرّموز المحمودة في المرأة والملتصقة بها، لأنّ البخل رمز الانغلاق على الذّات والعفّة والحصانة(107). ولهذه الاعتبارات القيميّة أُقصيت المرأة من عالم الكرم والضّيافة.

ويخضع إعداد الأطعمة والمشروبات واستهلاكها(108) أثناء الضّيافة التقليديّة سواء أكانت يوميّة أم احتفاليّة إلى سلطة النّظام البطريركي والهيمنة الذّكوريّة.

ففي ما يتعلّق بالأطعمة، تظهر النّزعة البطريركيّة في تحمّل المرأة مشاق إعداد الأغذية التي تُقدّم إلى الضّيوف وطبخها. لأنّ الضّيافة التّقليديّة اليوميّة والاحتفاليّة كانت تقام في محال المضيف وتخضع إلى النّظام البيتي الذي يخصّ المرأة بإعداد مختلف الأطعمة وطبخها(109). كما يستأثر الرّجال بأطيب أنواع الأطعمة على غرار الكسكسي ب«المِسْلاَنْ»، وقطع اللّحم كبيرة الحجم. لقد جرت العادة أن يُقدّم المضيف إلى ضيوفه من الرّجال أثناء الضّيافة التّقليديّة اليوميّة أو الاحتفاليّة الكسكسي ب«المِسْلاَنْ»، وهو من الأطعمة التي تقدّم إلى الضّيوف الذين ينتمون إلى الفئات الميسورة والذين يتمتّعون برصيد من الرّجولة والشّهامة والمروءة. ومن الممارسات المتّبعة أثناء الضّيافة التقليديّة اليوميّة تولّي المضيف قطع لحم «المِسْلَانْ» من بعضه باعتماد يديه وتوزيعه على الضّيوف. وإذا كان الطّعام المقدّم إلى الضّيوف أثناء الضّيافة التقليديّة الاحتفاليّة يتكوّن من الكسكسي واللّحم، فإنّ اللّحم ينقسم إلى فئتين، وهما: الذّكر والأنثى، اللحم الذّكر يتكوّن من القطع كبيرة الحجم ويُطلق عليها كذلك اسم «كُسْرَة» ويوزّع على الضّيوف من الرّجال، أمّا قطع اللّحم الأنثى فهي من درجة ثانية أصغر حجما من النّوع الأوّل، وتوزّع على الضيوف من النّساء والأطفال(110). ومن التّقاليد المتّبعة في تناول اللّحم تركه إلى نهاية الأكل للتّلذّذ به بعد الشّبع. وفي بعض جهات البلاد كان اللّحم يوزّع أثناء الضّيافة الاحتفاليّة بعد الانتهاء من الأكل، من قبل شخص مكلّف من قبل المضيف. لكن الطّريقة الأكثر انتشارا هي وضع اللّحم فوق الكسكسي وكلّ ضيف يكون نصيبه قطعة اللّحم التي تكون أمامه، ويحرص المضيف أو من ينوبه على ألاّ يتعدّى عدد الملتفّين حول القصعة عدد قطع اللّحم التي تحتويها(111). وهي ممارسات مرتبطة بالتّمثّلات الاجتماعيّة الخاصّة بالذّكر، التي ترى أنّ الرّجل جدير بكلّ الاحترام والتّبجيل. وتعكس أفضليّة الرّجل. وهي عادات تنتقل من جيل إلى آخر عن طريق استيعابها من قبل الإناث وإعادة إنتاجها(112).

أمّا في ما يخصّ المشروبات وتحديدا الشّاي والقهوة، فإنّ طقوس إعدادها وطهيها وشربها ترتبط ارتباطا وثيقا بالذّكورة وعليه فهي تكرّس النّزعة البطريركيّة في المجتمع التّونسي والعربي بصفة عامّة. فالشّاي يُطبخ في مجلس الضّيوف من قبل المضيف أو أحد أفراد عائلته من الذّكور البالغين، أثناء الضّيافة التّقليديّة اليوميّة. أمّا أثناء الضّيافة التقليديّة الاحتفاليّة فيتولّى هذا الأمر شخص عارف بخفايا طهي الشّاي، وهو ما يذكّرنا بالقهوة في مجالس الضّيوف بالمجتمعات البدويّة بشبه الجزيرة العربيّة. فإعدادها مقتصر فقط على الرّجال، ومن شبه المحرّم على المرأة الاقتراب من الأدوات المعتمدة في إعداد القهوة(113). ويشترط في بعض المجتمعات أن يكون القيّم على طهي الشّاي عارفا بمختلف أسراره وخبيرا بها، وأن يكون لباسه أنيقا ونظيفا وأن يستوي في جلسته بحيث يسرّ النّاظرين ويٌشوّق الجلساء وخاصّة الضّيوف إلى احتساء الشّاي. ومن الآداب المتّبعة غسل اليدين قبل الشّروع في تحضيره(114). أمّا استهلاك الشّاي فقد كان حكرا على الرّجال فقط، وكان شربه من قبل النّسوة مرفوضا، لكنّ ذلك لم يمنع بعضهنّ من شربه خفية عن أزواجهنّ(115). فالشّاي إذن كان مشروبا رجاليّا قبل أن يتحوّل منذ بداية النّصف الثّاني من القرن العشرين إلى مشروب عائليّ. ومن مشروب للأقليّة إلى مشروب شعبّي. منتشر في مختلف مناطق البلاد، ولدى مختلف الفئات الاجتماعيّة بحيث «لم يبق شايا وإنّما أصبح غذاء»(116). أمّا في ما تعلّق بالقهوة في المجتمعات البدويّة بشبه الجزيرة العربيّة، فإنّ من طقوس شربها ارتباطها الوثيق بقيم الشّجاعة والكرم والمروءة والشّهامة، فالبخيل الذي لا يكرم الضّيف، والجبان الذي يتخلّف عن الغزو، واللّئيم والذّليل يُصرف عنهم فنجال القهوة(117). ويقدّم الفنجال الأوّل إلى الرّجل الأكثر شجاعة وكرما من مجموع الحاضرين في مجلس شيخ القبيلة. وعند العودة من الغزو تحضّر القهوة ويقدّم الفنجال الأوّل إلى الفارس الذي كان أكثر بلاء في المعركة تقديرا واحتراما له(118). ويتضمّن الموروث الثّقافي العربي بشبه الجزيرة العديد من الممارسات الأخرى التي تؤكّد هذه العلاقة، ومنها تعدّد الأسماء الرّمزيّة لفناجيل القهوة، ومنها فنجال الثّأر(119). وتُعدّ الأغنية الشّعبيّة العربيّة «بلاّ تْصُبُّوا هالقَهْوَة» التي تؤدّيها المطربة سميرة توفيق من أبرز الأغاني التّراثيّة التي تؤكّد ارتباط شرب القهوة العربيّة بالرّجولة والفروسيّة:

بِلاَّ تْصُبُّوا هالقَهْوَة وزيدُوهَا هِيلْ

واسْقُوها للنّشَامى عَ ظْهورْ الخيلْ

والنّشامى نْلاقيهَا ونحيها

وِيلك يلّي تْعَاديها يا ويلكْ ويلْ

قهْوتْنا للأجْوادي أوّل بادي

للّي نارَه وقّادي بظلامْ اللّيلْ

والقهْوة السّمْرا ع الكيفْ لرجل السّيفْ

لرجال الحسوا بالحيفْ شالوا له شيلْ

ويعدّ هذا التّمييز بين الذّكور والنّساء في مجال الأطعمة والضّيافة بصفة عامّة، جزءا من نسق عام خاضع لاعتبارات اجتماعيّة وثقافيّة وليس فقط لاعتبارات بيولوجيّة، فالتّنشئة الاجتماعيّة(120) وتحديدا التربية التي يتلقّاها الطّفل تختلف عن البنت، والمجتمع هو الذي يفرض على كلّ جنس نسقا من المواقف يستجيب للنمط الثّقافي السّائد(121). وتكليف المرأة بأعمال معيّنة، وتخصّص الرّجل بأعمال أخرى يؤدّي إلى مزيد تعميق الفصل بين الرّجال والنّساء، وتكريس تبعيّة المرأة للرّجل. وبيّنت العديد من الدّراسات الأنتروبولوجيّة التي اهتمّت بهذا الموضوع أنّ الذّكور يعتقدون أنّهم روحيّا أعظم شأنا وأعلى مقاما من الإناث، اللّواتي يُعتبرن كائنات نجسة وضعيفة، وعليه تضلّ خاضعة ومستعبدة وتقبل غالبا المبرّرات التي يسوّغها الذّكور للحفاظ على تفوّقهم. وهو ما يفسّر جانب من الشّعور بالدّونيّة الكامن في كيان المرأة التّونسيّة والعربيّة بصفة عامّة.

ويحرص المجتمع في الحضارة العربيّة الإسلاميّة على الفصل بين أعمال الرّجال وأعمال النّساء، فصلا اجتماعيّا ورمزيّا، لتجنّب تسرّب عدوى الأنوثة إلى الذّكور(122)، لأنّ الاختلاط بينهما يؤدّي إلى اضطراب الأدوار الجندريّة واختلال النّظام الاجتماعي(123).

ولئن كانت أسس الأنظمة البطريركيّة تعود إلى الفترات القديمة فقد تواصلت في مجتمعات الحداثة وما بعد الحداثة، وما حركات الجُنوسة إلاّ دليل على ذلك.

ومن ملامح الضّيافة الحديثة اليوميّة وخاصّة الاحتفاليّة في الأوساط الحضريّة وتحديدا لدى الفئات العليا تقلّص النّزعة البطريركيّة المرتبطة بالأكل، فالأطعمة التي تُقدّم إلى الضّيوف لم تعد في أغلبها من إعداد وطبخ المرأة، وإنّما تجلب من خارج البيت من المحال التّجاريّة المختصّة في الطّبخ. ومن التّحوّلات الهامّة الأخرى في الأوساط الحضريّة هي عدم استقبال الضّيوف في محال سكنى المضيف، وإنّما تتمّ دعوتهم إلى تناول الطّعام في فضاءات عامّة مهيّأة لاحتضان مثل هذه الاحتفالات والدّعوات على غرار المطاعم والمقاهي والنّزل وغيرها من المحال المعدّة لذلك. أمّا بالنّسبة إلى الأوساط الرّيفيّة والفئات الاجتماعيّة المتواضعة في الأوساط الحضريّة فغالبا ما يستقبلون ضيوفهم في محال سكنى المضيف. وما يلفت الانتباه أنّ الأطعمة التي تجلب من محالّ من خارج البيت أو يتمّ استدعاء الضّيوف إلى تناولها خارج البيت في المطاعم والنّزل وغيرها من المحال، هي في غالب الأحيان من إعداد طبّاخين رجال. والمعروف على الصّعيد العالمي أنّ أمهر الطّبّاخين من الرّجال، وأنّ أغلب رؤساء الطّباخين من الرّجال. ومن هنا نتبيّن التّضاد المتمثّل في تولّي الرّجال مهمّة الطّبخ في المطاعم الكبرى، ورفض أغلبهم القيام بذلك في بيوتهم(124).

كما أنّ طهي الشّاي لم يعد حكرا على الرّجال بل أصبح بالإمكان طهيه من قبل النّسوة ولم يعد مشروبا رجاليّا فقط، وإنّما أصبح مشروبا شعبيّا، بمعنى أنّه لم يعد شربه ممنوعا على المرأة، ولم يعد يُكرّس الهيمنة الذّكوريّة والنّزعة البطريركيّة في المجتمع التّونسي. وتكمن أهمّيّة مختلف هذه التّحوّلات في دورها الكبير في تقليص الكثير من الرّوابط الاجتماعيّة البطريركيّة المرتبطة بالأكل.

ومن التّحوّلات الأخرى التي تهمّ الضيافة الحديثة اليوميّة والاحتفاليّة وخاصّة في الأوساط الحضريّة وبعض الأوساط الرّيفيّة الميسورة هي التّخلّي التّدريجي عن الفصل بين الجنسين والاختلاط بين الذّكور والإناث. وهي تحوّلات لا تهمّ فقط المجتمع التّونسي وإنّما مختلف المجتمعات الأخرى وخاصّة منها مجتمعات بلدان الشمال. وهو ما يعكس تراجع البنية البطريركيّة بسبب تدعّم الحركات النّسويّة وخاصّة العمل النّقدي الضخم للهيمنة الذّكوريّة الذي تقوم به هذه الحركات(125). وما يحدّ من تأثير الحركات النّسويّة، ويؤكّد تواصل سيادة النّزعة البطريركيّة في المجتمع بالرّغم من خفوتها، بقاء المهن الأكثر انتشارا في الأوساط النّسويّة خاضعة لمنطق النّموذج التقليدي للتقسيم بين المذكّر والمؤنّث. فالرجال يهيمنون على الفضاء العام والمهن المرتبطة بالسلطة وخاصّة بالإنتاج والاقتصاد. أمّا حضور النّساء فبقي مرتبطا بالفضاء الخاص. ويعود هذا التّقسيم إلى الفترة القديمة لأنّه أمر أقرّته الحضارة اليونانيّة وهو بذلك صنيع إيديولوجيّ لصالح المجتمع البطريركي(126).

خاتمة

لئن كان جوهر الضّيافة في البلاد التّونسيّة قائما على احترام الضيف وتقديره وإكرامه ورعايته وحمايته وتوفير الإقامة والمأكل له وفق مجموعة من الأعراف والتّقاليد التي تشكّلت عبر العصور، فإنّه توجد بعض الاختلافات بين جهات البلاد وبين الفئات الاجتماعيّة وأنماط العيش الريفيّة والحضريّة.

عرفت الضّيافة بالمجتمع التّونسي العديد من التّحوّلات التي شملت كلّ من الأغذية المقدّمة إلى الضّيوف والطّقوس المرتبطة بها. وتتمثّل التّحوّلات التي عرفها الغذاء في الانتقال من أطباق تتكوّن من عدد قليل من الأطعمة وأهمّها الكسكسي، إلى أطباق تتكوّن من أطعمة متعدّدة ومتنوّعة. والانتقال من مشروبات يُهيمن عليها الشّاي إلى مشروبات متنوّعة. إلى جانب التّطوّر الحاصل في طرق طبخ الأغذية التي تتلخّص في الانتقال من المسلوق الذي ساد لفترات زمنيّة طويلة إلى المصليّ والمشويّ والنّاضج بواسطة البخار.

أمّا التّحوّلات التي عرفتها الطّقوس المصاحبة للأغذية المقدّمة إلى الضّيوف، فتتلخّص في الانتقال من الأكل الجماعي بمعنى أكل يجمع الضّيوف والمضيف في إناء واحد، إلى الأكل الفردي، ومن الفصل التّام بين الجنسين والخضوع إلى الهيمنة البطريركيّة في مجال إعداد الأطعمة والمؤاكلة، إلى التّخلّي عن الفصل بين الجنسين وتزايد الاختلاط بين الذّكور والإناث، وتقلّص الهيمنة البطريركيّة.

وتعكس هذه التحوّلات حركيّة طّقوس الغذاء في الضّيافة بالمجتمع التّونسي وعدم ثباتها، وارتباطها بالتّطوّر التّاريخي وبمختلف التّغيّرات التي تطرأ على المجتمع. وبالرّغم من هذه التّحوّلات مازالت طقوس الغذاء أثناء الضّيافة أكثر احتراما في المجتمعات الريفيّة لأنّ التقاليد تختفي تدريجيّا في الأوساط الحضريّة، وأكثر وضوحا أثناء الضّيافة الاحتفاليّة لأنّها أكثر جدّيّة وصرامة، ولأنّ سلطتها الرّمزيّة أكثر فاعليّة لأنّها تهمّ عددا أكبر من النّاس. وهي في أغلبها ممارسات ثقافيّة تشترك فيها الثّقافة العربيّة الإسلاميّة مع العديد من الثّقافات الأخرى.

 

الهوامش

1- Bloch (M.), «  Symbols, Song, Dance and Faetures of Articulation : Is Religion an Extreme Form of Traditional Authority », in Maurice Bloch, Ritual, History and Power : Selected Papers in Anthropology, London, Athlone Press, 1989, p.19- 45; Rivière (C.), « Rite », in Encyclopédie philosophique universelle II/ Les notions philosophiques, Paris, Presses Universitaires de France, 1992. p. 2278-2279.

2- Turner (V.), The forest of symbols : Aspects of Ndembu ritual. Ithaca ; Cornell University Press, 1967 ; Geertz (C.), « Deep Play : Notes on the Balinese Cockfight », in Clifford Geertz, The Interpretation of Cultures. Selected Essays, 412-453. New York : Basic Books, 1973

3- Durkheim (E.), Elementary Forms of the Religious Life, London: Hollen Street Press, 1915, p. 226 ; (Bloch, (M.), Prey into Hunter: The Politics of Religious Experience, Cambridge: Cambridge University Press, 1992, p. 74-75 ; The Routledge Encyclopedia of social and cultural anthropology, edited by Alan Barnard, Jonathan Spencer, 2nd ed., 2010, p. 619-618.

4- Douglas (M.), Purity and danger :An analysis of the the concepts of pollution and taboo. London : Routledge, New York and London,.1984. p.129.

5- Edgar (A.) and Sedgwick (P.), Cultural theory, The Key Concepts , Routledge, Taylor and Francis group. London New Yourk, 2 edition, 2008. p. 298.

6- Turner (V.), The Ritual Process, Harmondsworth Penguin, 1936 ; The Routledge Encyclopedia…, op. cit., p. 618.

7- دانيال سيبرا لوبيز، « الأشكال الاستعاديّة والمستقبليّة للطّقوس: مؤشّرات التّحوّل الاجتماعي لدى قبيلة غجريّة برتغاليّة»، ترجمة مالك أحمد عسّاف، ورد في مجلّة الثّقافة العالميّة (الكويت)، السّنة التّاسعة والعشرون، نوفمبر- ديسمبر 2012، ص. 113.

8- أيداربك كوتشكونوف، «طقوس الضّيافة في الحضارة القرغيزيّة التّقليديّة والحديثة»، ترجمة صفاء روماني، ورد في مجلّة الثّقافة العالميّة (الكويت)، السّنة التّاسعة والعشرون، نوفمبر- ديسمبر 2012، ص. 15.

9- تشمل الضّيافة التقليديّة الضّيافة اليوميّة وتنقسم إلى ضيافة مرتقبة وأخرى غير مرتقبة وهي الأكثر انتشارا، والضّيافة الاحتفاليّة التي ترتبط في الغالب بحفلات الختان «الطّْهُورْ» والزّواج «العِرْسْ» وزيارة الزّوايا، والعودة من الحجّ، وبالأحداث السّياسيّة.

أمّا الضّيافة الحديثة فنقصد بها الصّورة الجديدة للضّيافة التي تغيّرت في علاقة بحركة التّاريخ وتأثّرها بالثّقافات الأخرى في مختلف أنحاء العالم. وتشمل الضّيافة الحديثة الضّيافة اليوميّة والضّيافة الاحتفاليّة. وتتميّز الضّيافات الحديثة بشدّة تباينها

بين الأوساط الرّيفيّة والحضريّة، وبين الفئات الاجتماعيّة. وتبدو التّحوّلات أكثر جلاء في الضّيافة الاحتفاليّة في الأوساط الحضريّة. وما يلفت الانتباه أنّ الضّيافة الحديثة اليوميّة المرتقبة أكثر انتشارا مقارنة بالضّيافات غير المرتقبة. وأنّ الضّيافات الاحتفالية الحديثة أصبحت أكثر انتشارا وتنوّعا من الضّيافة التقليديّة الاحتفاليّة، فبالإضافة إلى الضّيافات المرتبطة بحفلات الختان والزّواج والعودة من الحج وزيارة الزّوايا، شملت الاحتفالات كذلك مناسبات أخرى على غرار حفلات التّخرّج والحصول على الشّهائد العلميّة وانعقاد المؤتمرات العلميّة وأعياد الميلاد وامتلاك المسكن الخاص وتدشين المشاريع الاقتصاديّة وتنظيم الاحتفالات الخاصّة من أجل الحصول على الهدايا التي تشتمل على مبالغ ماليّة هامّة تساهم في تمويل بعض المشاريع الاستثماريّة الخاصّة، وتنظيم احتفالات عامّة من أجل جمع التّبرّعات لفائدة بعض المشاريع الخيريّة. إلى جانب الضّيافات ذات الصّبغة السّياسيّة.

10- Geertz, (C.), «  La description dense : Vers une théorie interprétative de la culture », traduit par : André Mary, in Revue Enquête, anthropologie, histoire, sociologie, Paris 1998. p. 73 - 105.

كليفورد غيرتز، تأويل الثّقافات، مقالات مختارة، ترجمة محمّد بدوي، المنظّمة العربيّة للتّرجمة، توزيع مركز دراسات الوحدة العربيّة، 2009. ص. 79- 128.

11- Geertz, (C.), «  La description dense… , op. cit., p. 73-105.

12- Geertz, (C.), «  Savoir local, savoir global : Les lieux du savoir, traduit de l’anglais par Denise Paulme , Paris, PUF, 3éme éditions 2002, p. 24.

13- Shaw, Voyage de M. Shaw .M.D. dans plusieurs provinces de la Barbarie et du Levant La Haye vol. 1743 vol. I, p. 10-11 ; Valenci (L.), « Consommation et usages alimentaires en Tunisie aux XVIIIe et XIXe siècles », in Annales. Économies, Sociétés, Civilisations. 30e année, N. 2-3, 1975. p. 607.

14- «كسرة فطير»: كسرة خالية من الخميرة ولا يتطلّب إعدادها وقتا طويلا، وتشوى في الغناي أملس القاع بعد إحمائه بالنّار، وبعد أن تنضج الجهة الأولى، تقلب على الجهة الثّانية. أنظر: عبد الكريم براهمي، الغذاء واللّباس في برّ الهمامة، الهيشريّة والمكناسي نموذجا: دراسة لإنشاء جناح اتنولوجي لمشروع متحف بسيدي بوزيد. رسالة ماجستير، جامعة منّوبة، كلية الآداب والفنون والإنسانيّات، مارس 2006. ص. 76.

15- عبد الكريم براهمي، الإبل والمجال في البلاد التّونسيّة: مقاربة تاريخيّة وأنتروبولوجيّة. رسالة دكتوراه، جامعة تونس، كلّيّة العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة، جانفي 2015، ص. 244.

16- كسرة «الملّة»: كسرة من دقيق القمح يتطلّب شيّها إشعال النّار فوق الرّمال، وبعد تكوّن الجمر توضع عجينة الكسرة - بعد الضغط عليها باليد- بين طبقتين من الرمال والجمر، طبقة تفترشها وطبقة تُغطّيها، وهي بذلك ليست في حاجة إلى وسيط يفصلها عن النّار. وبعد أن تنضج تُمسح باليد للتخلّص من حبّات الرمال العالقة بها. أنظر: عبد الكريم براهمي، الغذاء واللّباس...، مرجع مذكور، ص. 77.

17- دخل الشّاي إلى البلاد التّونسية في القرن الثّامن عشر، وظلّ استهلاكه محدودا حتّى منتصف القرن التّاسع عشر، وكان انتشاره مفاجئا خلال النّصف الأول من القرن العشرين خاصة بعد الحرب الإيطاليّة التركيّة في 1911 التي أجبرت العديد من الطرابلسية على اللّجوء إلى البلاد التونسية، والذين أتوا معهم بعاداتهم المرتبطة بشرب الشّاي ومستلزمات طهيه. ويضاف إلى ذلك دور التجّار الأوروبيّين وخاصة منهم الفرنسيّين في انتشاره بالبلاد التونسيّة. لمزيد من التّفصيل يمكن الرّجوع إلى:

Valenci (L.), Fellahs tunisiens : l’économie rurale et la vie des compagnes aux 18e et 19e siècles, Mouton, Paris, Lahaye, 1977. p. 237.

18- نسبة إلى الصين تعدّ من أهمّ البلدان المنتجة للشّاي والمصدّرة له.

19- الجيلاني الغرّابي، توظيف التّراث الشّعبي في الرّواية العربيّة، نشر الثّقافة الشّعبيّة للدّراسات والبحوث والنّشر، الطّبعة الأولى، البحرين أكتوبر 2015. ص. 108.

20- محمد حبيدة، « زمن الأتاي: قراءة في كتاب « من الشاي إلى الأتاي، العادة والتاريخ» لعبد الأحد السبتي وعبد الرحمان لخصاصي»، مجلة أمل التاريخ والثقافة والمجتمع، عدد2، السنة السابعة 2000، الدار البيضاء، المغرب. ص. 174.

21- إبراهيم الحُسين، «مظاهر الحياة عند بدو الصّحراء ... طقوس واحتفاليّات اجتماعيّة»، في العربي (الكويت) عدد 673، ديسمبر 2014، ص. 49.

22- الجيلاني الغرّابي، توظيف التّراث الشّعبي...، مرجع مذكور، ص. 108.

23- يُعدّ الكسكسي أكثر الأكلات تجذّرا وانتشارا في البلاد التّونسيّة وفي كامل بلاد المغرب، لذلك يسمّى بالمغربية في بلدان الشرق العربي. ويعود إلى فترات تاريخيّة قديمة، وربّما يكون أصله بربريا خاصة وأن اللّفظة هي تحريف لكلمة «سُكْسُكْ البربرية. ويتطلّب إنضاجه قدرا، وكسكاسا وهو وعاء يحتوي قاعه على الكثير من الثّقب صغيرة الحجم التي تمكّن من مرور البخار لإنضاج محتواه، ويوضع فوق القدر. أنظر: عبد الكريم براهمي، الغذاء واللّباس في برّ الهمامة ...، مرجع مذكور، ص. 72.

24- Valenci (L.), « Consommation et usages alimentaires… », op, cit., p. 66.

25- عبد الكريم براهمي، الغذاء واللّباس في برّ الهمامة ...، مرجع مذكور، ص. 99.

26- Rosenberger (B.), « Frugalité des riches bombance des pauvres », in Qantara, magazine des cultures arabe et méditerranéenne, publication de l’Institut du Monde Arabe. Paris, n° 36, été 2000, p. 47, d’après un extrait du Kitab al-Tabikh, recueil anonyme d’époque almohade du XIII° siècle.

27- روبرت إروين، الجمل: التّاريخ الطّبيعي والثّقافي، ترجمة أحمد محمود، هيئة أبو ظبي للسّياحة والثّقافة «مشروع كلمة»، الطّبعة الأولى 2012 ، ص.80.

28- Rosenberger (B.), « Frugalité des riches … », op. cit., p. 49.

29- الحسن الوزان، وصف إفريقيا، ترجمة محمد حجي ومحمد الأخضر، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1984 – 1985، ج. 1 ، ص. 172.

30- Louis (A.), Nomades d’hier et d’aujourd’hui dans le sud Tunisien, édi. Sud. Aix-en-Provence, 1979, p. 248.

31- عبد الكريم براهمي، الغذاء واللّباس...، مرجع مذكور، ص. 109 110.

32- نفس المرجع والصّفحات.

33- Rosenberger (B.), « Frugalité des riches … », op. cit., p. 48.

34- ibid., p. 49.

35- Clark (K.), Algeria and Tunisia in 1845, Londres, 2vol., 1846, vol. II, p.25.

36- جوهّن جاكوب هس، بدو وسط الجزيرة، عادات- تقاليد- حكايات وأغان. ترجمة محمّد كبيبو، الطّبعة الثّانية للورّاق للنّشر، بيروت 2012. ص. 267.

37- Lewicka (P. L.), Food and Foodways of Medieval Cairenes Aspects of Life in an Islamic Metropolis of the Eastern Mediterranean. Leiden - Boston, 2011, p. 411.

38- أيداربك كوتشكونوف، «طقوس الضّيافة في الحضارة القرغيزيّة ...»، مرجع مذكور، ص. 19.

39- عبد الكريم براهمي، الإبل والمجال...، مرجع مذكور، ص. 154- 164.

40- الأزهر الماجري، قبائل ماجر والفراشيش خلال القرنين الثّامن عشر والتّاسع عشر (في جدليّة العلاقة بين المحلّي والمركزي. منشورات كلية الآداب والفنون والإنسانيّات منّونة، الطّبعة الثّانية 2007.

41- البايليك: تعني السّلطة المركزيّة، وهي نسبة إلى الباي. وهي المؤسّسة السّياسيّة العليا في البلاد التّونسيّة في الفترة الحديثة وتحديدا من بداية حكم البايات المراديين في 1631 إلى نهاية حكم البايات الحسينيين وإعلان النّظام الجمهوري بالبلاد التّونسيّة في 1957.

42- Lakhal (R.), Le marché de la viande à Tunis aux XVIIIe et XIXe siécle : élevage, commerce et consommation. Doctorat de l’université de Caen, France, Février 2011.p. 365.

43- الأرشيف الوطني التّونسي، دفتر عدد 1770.

44- بشير الصهال، إدارة الهوير بالبلاد التونسية خلال القرنين XVIII و XIX ( 1705- 1881)، شهادة الدراسات المعمّقة في التاريخ الحديث، جامعة تونس الأولى، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس، 2002- 2003. ص. 44.

45- Lakhal (R.), Le marché de la viande…, op. cit., 365 - 366.

46- الأزهر الماجري، قبائل ماجر والفراشيش...، مرجع مذكور، ص. 317.

47- نفس المرجع ، والصّفحة.

48- Shaw, Voyage de M. Shaw…, op. cit., p. 326 ; Lakhal (R.), Le marché de la viande…, op. cit., 375.

49- وهو ما نجد له صدى في كتابات أرسطو وفي موسوعة ديدرو(.Diderot (D ودالمبار(D’Alembert (J. L.

d’après Lévi - Strauss (K.), L’origine des manières de table, Librairie Plon, Paris, 1968, p. 402.

50- Lévi - Strauss (K.), L’origine des manières de table, Librairie Plon, Paris, 1968, p. 402.

51- عبد الكريم براهمي، «مائدة الفقراء في برّ الهمامة خلال النصف الأوّل من القرن العشرين، جدليّة الخصب والجدب: مقاربة انتروبولوجيّة». في مجلّة الثّقافة الشّعبيّة (المنامة)، عدد 29، ربيع 2015، ص. 84.

52- Lévi - Strauss (K.), L’origine des manières…, op., cit. p. 401.

53- سهام الدبابي الميساوي، « الطبخ التونسي «، في ظواهر حضارية من تونس في القرن العشرين، إشراف عبد المجيد الشرفي، منشورات كلية الآداب منوبة 1996 ، ص. 31.

54- عبد الكريم براهمي، «مائدة الفقراء في برّ الهمامة...»، مرجع مذكور، ص. 84.

55- Lewicka (P. L.), Food and Foodways…, op. cit., p. 452.

56- السّلطات: أصل التّسمية Salata من اللّغة الايطالية، أنظر:

Aubaile-Sallenave (F.), « La méditerranée… une cuisine? Des cuisines », in Qantara, magazine des cultures arabe et méditerranéenne, publication de l’Institut du Monde Arabe. Paris, n° 36, été 2000, p.33.

57- Lewicka (P. L.), Food and Foodways…, op. cit., p. 472.

58- هو اعتصام نُظّم أمام مقر المجلس الوطني التّأسيسي بباردو بالعاصمة، وفي العديد من المدن التّونسيّة الأخرى وأهمّها سوسة وصفاقس، في عهد حكومة التّرويكا. وكانت بدايته يوم 26 جويليّة 2013، بعد اغتيال السّياسي محمّد براهمي بيوم. وهو اعتصام دعت إليه العديد من الأطراف المعارضة لحكومة التّرويكا على غرار حركة تمرّد وأحزاب ائتلاف الجبهة الشّعبيّة والاتّحاد العام التّونسي للشّغل والعديد من المنتمين لحزب التّجمّع المنحلّ وأحزاب أخرى وآخرون غير متحزّبين وبعض الأعضاء المستقلّون من المجلس التّأسيسي. ودام هذا الاعتصام أكثر من شهر. أنظر:

http://nawaat.org/portail/categories/articles/politics/

59- عبد اللّه هرهار، «ذاكرة الطّعام في أسس النّظام الغذائي وعاداته» في الثّقافة الشّعبيّة، (المنامة)، عدد 11، السّنة الثّالثة، خريف 2010، ص. 126.

60- أبو داود سليمان بن الأشعث السّجستاني، سنن أبي داود، حكم على أحاديثه وآثاره وعلّق عليه محمّد ناصر الدّين الألباني، اعتنى به أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سليمان، مكتبة المعارف للنّشر والتّوزيع، الطّبعة الثّانية، الرّياض، دون تاريخ. ص. 680.

61- Lewicka (P. L.), Food and Foodways…, op. cit., p. 408.

62- Ibid., p. 409.

63- Ibid., p. 424.

64- أيداربك كوتشكونوف، «طقوس الضّيافة في الحضارة القرغيزيّة ...»، مرجع مذكور، ص. 23.

65- سعد العبد الله الصّويان، الصّحراء العربيّة، ثقافتها وشعرها عبر العصور، قراءة أنتروبولوجيّة. الشّبكة العربيّة للأبحاث والنّشر، بيروت، الطّبعة الأولى 2010. ص. 414. جوهّن جاكوب هس، بدو وسط الجزيرة ...، مرجع مذكور، ص. 292.

66- أبو داود سليمان بن الأشعث السّجستاني، سنن أبي داود ...، مصدر مذكور، ص. 679 - 680.

67- Hertz (R.), La prééminence de la main droite. Etude sur la polarité religieuse, sociologie religieuse et folklore, Paris, PUF, 1970, p. 86. 

68- دافيد لوبروتون، سوسيولوجيا الجسد، ترجمة عياد أبلال وإدريس المحمّدي، القاهرة، روافد للنّشر والتّوزيع، الطّبعة الأولى 2014 ، ص. 82.

69- نفس المرجع، ص. 39 - 40.

70- نفس المرجع، ص. 39.

71- إنّ هذا التّناظر بين اليمنى واليسرى هو تقابل بين قيم متناقضة. فالأولي وهي اليمنى ترتبط بالاستقامة والشّجاعة والحذق، أمّا الثّانية وهي اليسرى فتقترن بالقبح والانحراف والخداع. وهو ما ينطبق على كلّ الممارسات والأفعال التّي يؤدّيها الفرد، فالأفعال المحمودة تُؤدّى باليد اليمنى، والأفعال المذمومة تُؤدّى باليد اليسرى. وهو تقابل ينسحب على جوانب عدّة من الثّقافة الإسلامية على غرار استعمالات كلّ من اليد اليمنى واليسرى في الوضوء. والابتداء بالأطراف اليمنى عند ارتداء الأثواب، وبالأطراف اليسرى عند نزعها. وارتباط مصير الإنسان بموقع كتابه على اليمين أو الشّمال.

72- دافيد لوبروتون، سوسيولوجيا الجسد، مرجع مذكور، ص. 39.

73- Mauss (M.), « Les techniques du corps », 1934. Article originalement publié Journal de Psychologie, XXXII, ne, 3-4, 15 mars - 15 avril 1936. Communication présentée à la Société de Psychologie le 17 mai 1934. Un document produit en version numérique par Jean-Marie Tremblay, professeur de sociologie au Cégep de Chicoutimi. Site web:

http://pages.infinit.net/sociojmt

74- دافيد لوبروتون، سوسيولوجيا الجسد، مرجع مذكور، ص. 85.

75- Mauss (M.), Les techniques du corps, sociologie et anthropologie, Paris, PUF, 1955, p. 363- 386 ; دافيد لوبروتون، سوسيولوجيا الجسد، مرجع مذكور، ص. 79

76- عبد الكريم براهمي، الغذاء واللّباس...، مرجع مذكور، ص. 87.

77- الجيلاني الغرّابي، توظيف التّراث الشّعبي...، مرجع مذكور، ص. 106.

78- نفس المرجع، ص. 106-107.

79- نفس المرجع، ص. 107.

80- نفس المرجع والصّفحة.

81- إبراهيم الحُسين، «مظاهر الحياة عند بدو الصّحراء ...، مرجع مذكور.

82- الجيلاني الغرّابي، توظيف التّراث الشّعبي...، مرجع مذكور، ص. 108 - 109.

83- نفس المرجع، ص. 109.

84- سعد العبد الله الصّويان، الصّحراء العربيّة ...، مرجع مذكور، ص. 418.

85- عبد الكريم براهمي، الإبل والمجال...، مرجع مذكور، ص. 411.

86- وعاء كبير من الخشب ذو شكل دائري ويوجد في أحجام مختلفة، له قليل من العمق، ويبلغ قطر القصعة كبيرة الحجم حوالي المتر، وأحيانا يحتوي جانباها على عروتين متناظرتين من المعدن لتسهيل نقلها عندما تكون مملوءة بالطّعام. وتتعدّد استعمالاتها وأهمّها احتواء الطّعام وخاصّة الكسكسي أثناء الولائم. أنظر: عبد الكريم براهمي، الغذاء واللّباس...، مرجع مذكور، ص. 48.

87- SHILLING (C.), The body in culture, technology and society, 2005, p. 152.

88- Valenci (L.), Consommation et usages..., op. cit., p. 607 .

89- Aubaile-Sallenave (F.), « Le sel d’alliance », in Journ. d’Agric. Trad. et de Bota. Appl. vol. XXXV, 1988, p. 320.

90- أبي عثمان عمر بن بحر الجاحظ، البيان والتّبيين، الجزء الثّالث، تحقيق وشرح عبد السّلام محمّد هارون، دار الجيل، بيروت، د.ت، ص. 7.

91- نفس المصدر، ص. 8، أورد الجاحظ هذا البيت من الشّعر الذي فيه قسم بالملح والرّماد والنّار واللّه:

حلفت بالملح والرّماد وبالنّار وباللّه نسْلم الحلقة

92- نفس المصدر، ص.7.

93- جمال الدين أبو الفضل ابن منظور، لسان العرب، دار المعارف، القاهرة. د. ت. المجلّد الخامس، مادة غمس، ص. 3297.

94- سعد العبد الله الصّويان، الصّحراء العربيّة ...، مرجع مذكور، ص. 416.

95- Aubaile-Sallenave (F.), « Le sel… », op. cit.,

96- أبو داود سليمان بن الأشعث السّجستاني، سنن أبي داود ...، مصدر مذكور، ص. 680.

97- عبد الكريم براهمي، الغذاء واللّباس...، مرجع مذكور، ص.109.

98- أيداربك كوتشكونوف، «طقوس الضّيافة في الحضارة القرغيزيّة ...»، مرجع مذكور، ص. 22.

99- بالرّغم من تواصله في بعض الأوساط الرّيفيّة ولو بصفة محتشمة.

100- Turner (B. S.), The body and society , exploration in social theory. 3rd edition, 2008, p. 146.

101- Ibid., p. 119.

102- Shilling (C.), The body…, op. cit., p.155.

103- عبد الكريم براهمي، «الأزياء التّقليديّة للمرأة التّونسيّة: رموز وعلامات، بر الهمامة نموذجا، مقاربة أنتروبولوجيّة». في مجلّة الثّقافة الشّعبيّة (المنامة)، عدد 32، شتاء 2016، ص. 169.

104- سعد العبد الله الصّويان، الصّحراء العربيّة ...، مرجع مذكور، ص. 476.

105- نفس المرجع، ص. 470.

106- رجاء بن سلامة، بنيان الفحولة، أبحاث في المذكّر والمؤنّث، دار بتراء للنّشر والتّوزيع، الطّبعة الأولى، دمشق، 2005. ص. 24- 25.

107- أمال قرامي، الاختلاف في الثّقافة العربيّة الإسلاميّة «دراسة جندريّة»، دار المدار الإسلامي، طرابلس، 2007، ص. 254- 255.

108- Shilling (C.), The body…, op. cit., p.154.

109- Ibid., p. 161.

110- عبد الكريم براهمي، الغذاء واللّباس...، مرجع مذكور، ص. 99.

111- نفس المرجع والصّفحة.

112- أمال قرامي، الاختلاف في الثّقافة العربيّة...، مرجع مذكور، ص. 231 - 232.

113- سعد العبد الله الصّويان، الصّحراء العربيّة ...، مرجع مذكور، ص. 418.

114- الجيلاني الغرّابي، توظيف التّراث الشّعبي...، مرجع مذكور، ص. 107.

115- عبد الكريم براهمي، الغذاء واللّباس...، مرجع مذكور، ص. 87.

116- Valenci (L.), Fellahs… , op. cit. p. 237.

117- صرف الفنجال عن بعض الحاضرين في مجلس شيخ القبيلة يعني عدم سقيهم القهوة، أي أنّ السّاقي لا يناولهم الفنجال وإنّما يتجاوزهم ليسقي من يليهم. ويُعرف الشّخص الذي صُرف عنه الفنجال في اللّهجة العاميّة لبدو الجزيرة العربيّة ب « مْعَقِّبْ الفِنْجالْ «. ويعدّ صرف الفنجال من أكبر الإهانات التي قد تُلحق بالفرد. وهي تعبير عن احتقاره من قبل المجموعة التي ينتمي إليها. أنظر: سعد العبد الله الصّويان، الصّحراء العربيّة ...، مرجع مذكور، ص. 419.

118- سعد العبد الله الصّويان، الصّحراء العربيّة ...، مرجع مذكور، ص. 422.

119- فنجال الثّأر: إذا أعُتدي على فرد من القبيلة من قبل شخص ما. وكان هذا الاعتداء يمسّ من شرف القبيلة، فإنّ من واجب شيخها عقد اجتماع بمجموع أفراد القبيلة، وتحريضهم على ضرورة الأخذ بالثّأر لابن القبيلة والانتقام له، ويُذكّرهم بقيمة هذا الفعل ودوره في الحفاظ على هيبة القبيلة وسمعتها. وفي الأثناء يصبّ السّاقي فنجال قهوة، يُعرف بفنجال الثّأر. ويقول شيخ القبيلة هذا فنجال فلان الذي قام بالاعتداء، ويسألهم من يرغب في ترشّفه؟ ومن يقبل ذلك يُصبح لزاما عليه الانتقام من المعتدي والثّأر للقبيلة. أنظر: صلاح عبد السّتّار محمّد الشهاوي، «القهوة في الثّقافة العربيّة الإسلامية»، في الثّقافة الشّعبيّة، (المنامة)، عدد 11، السّنة الثّالثة، خريف 2010، ص.86.

120- بالرّغم من الدور الهام الذي تنهض به التّنشئة الاجتماعيّة فإنّ أغلب علماء الاجتماع انتقدوا نظريّات التّنشئة الاجتماعيّة حول أدوار الجنوسة، ولم يعد الجنس في نظرهم نتاجا بيولوجيّا والجنوسة مكتسبا ثقافيّا بل اعتبروا أنّ كلاّ من الجنس والجنوسة نتاجا أعيد بناؤه أو تصوّره اجتماعيّا. فمصطلح الجنس يدلّ على الفروق التّشريحيّة والفيسيولوجيّة والاجتماعيّة والثّقافيّة بين الذّكور والإناث. أمّا الجنوسة فتعني الأفكار والتّصوّرات الاجتماعيّة لمعنى الرّجولة والأنوثة، وعليه فهي ليست نتاجا مباشرا بالضّرورة للجنس البيولوجي لدى الإنسان. وعليه فإنّ المجتمع أصبح بإمكانه التّدخّل لإعادة تشكيل الجسد من التّخفيض من الوزن والوشم والختان وثقب شحمة الأذن وغيرها. وعليه فإنّ العديد من الدّارسين لموضوع الجنوسة ذهبوا إلى أنّ الهويّات الجنوسيّة والفوارق الجنسيّة مرتبطة بشكل عضوي داخل جسم الإنسان.

ولمزيد من التّفاصيل يمكن الرّجوع إلى:

Connell (R.W.), Gender and power : Society, the person and sexual politics (Cambridge, MA : Polity),1987 ; Buther (J.), Gender trouble : Feminism and the subversion of identity. London : Routledge, 1999;

وأنتوني غدّنز، علم الاجتماع، ترجمة د. فايز الصّباغ، المنظّمة العربيّة للتّرجمة، الطّبعة الاواى، بيروت، 2005، ص. 186- 190.

121- دافيد لوبروتون، سوسيولوجيا الجسد...، مرجع مذكور، ص. 128.

122- Wyke (M.), ed., Gender and the body in ancient Mediterranean. Oxford, Blackwell, 1998, p. 5.

123- أمال قرامي، الاختلاف في الثّقافة العربيّة...، مرجع مذكور، ص. 657.

124- بيار بورديو، الهيمنة الذّكوريّة، ترجمة سليمان قعفراني، المنظّمة العربيّة للتّرجمة، توزيع مركز دراسات الوحدة العربيّة، الطّبعة الأولى، بيروت، 2009. ص. 95.

125- أدّى تدعّم الحركات النّسويّة في العالم إلى خُفوت النّزعة البطريركيّة في العديد من المجتمعات مقارنة بما كانت عليه قبل قرن من الزّمن. وأصبحت الهيمنة الذّكوريّة في وضع تدافع فيه عن نفسها وتبرّر وجودها. وتعتقد الباحثة سيلفيا ولبي Sylvia Walby أنّ هذا الخفوت يعود إلى تقلّص الفجوة بين ما يتقاضاه الرّجال والنّساء من أجور في سوق العمل، وتقدّم النّساء في مجال التّحصيل العلمي. وهو ما أدّى إلى تحوّل في البنى العائليّة والبنى الإنتاجيّة، تشمل تحوّلات البنى العائليّة تأخّر سنّ الزّواج وارتفاع نسب الطّلاق، وتقلّص حجم العائلات بفضل استعمال تقنيّات منع الحمل، وتقلّص المهام المنزليّة المناطة بعهدة المرأة وتقاسمها مع الرّجل على غرار الطّبخ والتّنظيف والتّسوّق وغيرها، بحيث لم تعد المرأة حبيسة دورها البيتي التّقليدي. وتشمل تحوّلات البنى الإنتاجيّة ارتفاع نسبة النّساء المشتغلات في المهن الفكريّة وفي الإدارة العموميّة وفي مهن الخدمات الرّمزيّة على غرار التلفزة والرّاديو والسّينما والصّحافة والديكور وغيرها وفي المهن القريبة من النشاطات النّسويّة على غرار التعليم والمهن شبه الطّبيّة والخدمات الاجتماعيّة. ويمكن اعتبار تخصّص المرأة في الوظائف سابقة الذّكر امتدادا وتواصلا للوظائف المنزليّة. أنظر: أنتوني غدّنز، علم الاجتماع... ، مرجع مذكور، ص. 199، وبيار بورديو، الهيمنة الذّكوريّة...، مرجع مذكور، ص. 134 – 144.

126- أمال قرامي، الاختلاف في الثّقافة العربيّة...، مرجع مذكور، ص. 658.

المراجع باللّغة العربيّة:

دانيال سيبرا لوبيز، « الأشكال الاستعاديّة والمستقبليّة للطّقوس: مؤشّرات التّحوّل الاجتماعي لدى قبيلة غجريّة برتغاليّة»، ترجمة مالك أحمد عسّاف، ورد في مجلّة الثّقافة العالميّة (الكويت)، السّنة التّاسعة والعشرون، نوفمبر- ديسمبر 2012، ص. 113.

أيداربك كوتشكونوف، «طقوس الضّيافة في الحضارة القرغيزيّة التّقليديّة والحديثة»، ترجمة صفاء روماني، ورد في مجلّة ورد في مجلّة الثّقافة العالميّة (الكويت)، السّنة التّاسعة والعشرون، نوفمبر- ديسمبر 2012.

كليفورد غيرتز، تأويل الثّقافات، مقالات مختارة، ترجمة محمّد بدوي، المنظّمة العربيّة للتّرجمة، توزيع مركز دراسات الوحدة العربيّة، 2009.

عبد الكريم براهمي، الغذاء واللّباس في برّ الهمامة، الهيشريّة والمكناسي نموذجا: دراسة لإنشاء جناح اتنولوجي لمشروع متحف بسيدي بوزيد. رسالة ماجستير، جامعة منّوبة (تونس)، كلية الآداب والفنون والإنسانيّات. مارس 2006.

عبد الكريم براهمي، الإبل والمجال في البلاد التّونسيّة: مقاربة تاريخيّة وأنتروبولوجيّة. رسالة دكتوراه، جامعة تونس، كلّيّة العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة، جانفي 2015.

الجيلاني الغرّابي، توظيف التّراث الشّعبي في الرّواية العربيّة، نشر الثّقافة الشّعبيّة للدّراسات والبحوث والنّشر ، الطّبعة الأولى، البحرين، أكتوبر 2015.

محمد حبيدة،» زمن الأتاي: قراءة في كتاب « من الشاي إلى الأتاي، العادة والتاريخ» لعبد الأحد السبتي وعبد الرحمان لخصاصي»، مجلة أمل التاريخ والثقافة والمجتمع، عدد2، السنة السابعة، الدار البيضاء، المغرب. 2000.

إبراهيم الحُسين، «مظاهر الحياة عند بدو الصّحراء ... طقوس واحتفاليّات اجتماعيّة»، في العربي (الكويت) عدد 673، ديسمبر 2014.

روبرت إروين، الجمل: التّاريخ الطّبيعي والثّقافي، ترجمة أحمد محمود، هيئة أبو ظبي للسّياحة والثّقافة «مشروع كلمة»، الطّبعة الأولى 2012.

الحسن الوزان، وصف إفريقيا، ترجمة محمد حجي ومحمد الأخضر، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1984 - 1985، ج. 1.

جوهّن جاكوب هس، بدو وسط الجزيرة، عادات- تقاليد- حكايات وأغان. ترجمة محمّد كبيبو، الطّبعة الثّانية للورّاق للنّشر، بيروت 2012. ص. 267.

الأزهر الماجري، قبائل ماجر والفراشيش خلال القرنين الثّامن عشر والتّاسع عشر (في جدليّة العلاقة بين المحلّي والمركزي. منشورات كلية الآداب والفنون والإنسانيّات منّوبة، الطّبعة الثّانية 2007.

الأرشيف الوطني التّونسي، دفتر عدد 1770.

بشير الصهال، إدارة الهوير بالبلاد التونسية خلال القرنين XVIII و XIX ( 1705- 1881)، شهادة الدراسات المعمّقة في التاريخ الحديث، جامعة تونس الأولى، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس، 2002- 2003.

عبد الكريم براهمي، «مائدة الفقراء في برّ الهمامة خلال النصف الأوّل من القرن العشرين، جدليّة الخصب والجدب: مقاربة انتروبولوجيّة». في مجلّة الثّقافة الشّعبيّة (المنامة) عدد 29، ربيع 2015، ص. 76-93.

عبد اللّه هرهار، «ذاكرة الطّعام في أسس النّظام الغذائي وعاداته» في الثّقافة الشّعبيّة، في الثّقافة الشّعبيّة، (المنامة)، عدد 11، السّنة الثّالثة، خريف 2010، ص. 114- 127.

أبو داود سليمان بن الأشعث السّجستاني، سنن أبي داود، حكم على أحاديثه وآثاره وعلّق عليه محمّد ناصر الدّين الألباني، اعتنى به أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سليمان، مكتبة المعارف للنّشر والتّوزيع، الطّبعة الثّانية، الرّياض، دون تاريخ.

دافيد لوبروتون، سوسيولوجيا الجسد، ترجمة عياد أبلال وإدريس المحمّدي، القاهرة، روافد للنّشر والتّوزيع، الطّبعة الأولى 2014.

سعد العبد الله الصّويان، الصّحراء العربيّة، ثقافتها وشعرها عبر العصور، قراءة أنتروبولوجيّة. الشّبكة العربيّة للأبحاث والنّشر، بيروت، الطّبعة الأولى 2010.

أبي عثمان عمر بن بحر الجاحظ، البيان والتّبيين، الجزء الثّالث، تحقيق وشرح عبد السّلام محمّد هارون، دار الجيل، بيروت، د.ت.

جمال الدين أبو الفضل ابن منظور، لسان العرب، دار المعارف، القاهرة. د. ت.

عبد الكريم براهمي، «الأزياء التّقليديّة للمرأة التّونسيّة: رموز وعلامات، بر الهمامة نموذجا، مقاربة أنتروبولوجيّة». في مجلّة الثّقافة الشّعبيّة (المنامة) عدد 32، شتاء 2016. ص. 155- 175.

رجاء بن سلامة، بنيان الفحولة، أبحاث في المذكّر والمؤنّث، دار بتراء للنّشر والتّوزيع، الطّبعة الأولى، سوريا دمشق، 2005.

أمال قرامي، الاختلاف في الثّقافة العربيّة الإسلاميّة «دراسة جندريّة»، دار المدار الإسلامي، طرابلس، 2007.

صلاح عبد السّتّار محمّد الشهاوي، «القهوة في الثّقافة العربيّة الإسلامية» في الثّقافة الشّعبيّة، (المنامة)، عدد 11، السّنة الثّالثة، خريف 2010، ص. 76- 89.

أنتوني غدّنز، علم الاجتماع، ترجمة د. فايز الصّباغ، المنظّمة العربيّة للتّرجمة، الطّبعة الأولى، بيروت، 2005.

بيار بورديو، الهيمنة الذّكوريّة، ترجمة سليمان قعفراني، المنظّمة العربيّة للتّرجمة، توزيع مركز دراسات الوحدة العربيّة، الطّبعة الأولى، بيروت، 2009.

المراجع باللّغات الأجنبيّة:

Bloch (M.), «  Symbols, Song, Dance and Faetures of Articulation : Is Religion an Extreme Form of Traditional Authority », in Maurice Bloch, Ritual, History and Power : Selected Papers in Anthropology, London, Athlone Press, 1989.

Rivière (C.), « Rite », in Encyclopédie philosophique universelle II/ Les notions philosophiques, Paris, PUF, 1992.

Turner (V.), The forest of symbols: Aspects of Ndembu ritual. Ithaca; Cornell University Press, 1967 .

Geertz (C.), « Deep Play : Notes on the Balinese Cockfight », in Clifford Geertz, The Interpretation of Cultures. Selected Essays. New York : Basic Books, 1973.

Durkheim (E.), Elementary Forms of the Religious Life, London: Hollen Street Press, 1915.

Bloch, (M.), Prey into Hunter: The Politics of Religious Experience, Cambridge: Cambridge University Press, 1992.

The Routledge Encyclopedia of social and cultural anthropology, edited by Alan Barnard, Jonathan Spencer, 2nd ed., 2010.

Douglas (M.), Purity and danger :An analysis of the the concepts of pollution and taboo. London : Routledge, New York and London,.1984.

Edgar (A.) and Sedgwick (P.), Cultural theory, The Key Concepts , Routledge, Taylor and Francis group. London New Yourk, 2sd edition, 2008.

Turner (V.), The Ritual Process, Harmondsworth Penguin, 1936.

Geertz, (C.), «  La description dense : Vers une théorie interprétative de la culture », traduit par : André Mary, in Revue Enquête, anthropologie, histoire, sociologie, Paris 1998.

Geertz, (C.), «  Savoir local, savoir global : Les lieux du savoir, traduit de l’anglais par Denise Paulme , Paris, PUF, 3éme éditions 2002.

Shaw, Voyage de M. Shaw .M.D. dans plusieurs provinces de la Barbarie et du Levant La Haye 1743 .

Valenci (L.), « Consommation et usages alimentaires en Tunisie aux XVIIIe et XIXe siècles », in Annales. Économies, Sociétés, Civilisations. 30e année, N. 2-3, 1975.

Valenci (L.), Fellahs tunisiens : l’économie rurale et la vie des compagnes aux 18e et 19e siècles, Mouton, Paris, Lahaye, 1977.

Rosenberger (B.), « Frugalité des riches bombance des pauvres », in Qantara, magazine des cultures arabe et méditerranéenne, publication de l’Institut du Monde Arabe. Paris, n° 36, été 2000.

Louis (A.), Nomades d’hier et d’aujourd’hui dans le sud Tunisien, édi. Sud. Aix-en-Provence, 1979.

Clark (K.), Algeria and Tunisia in 1845, Londres, 2 vol., 1846.

Lewicka (P. L.), Food and Foodways of Medieval Cairenes Aspects of Life in an Islamic Metropolis of the Eastern Mediterranean. Leiden - Boston, 2011.

Lakhal (R.), Le marché de la viande à Tunis aux XVIIIe et XIXe siécle : élevage, commerce et consommation. Doctorat de l’université de Caen, France, Février 2011.

Lévi - Strauss (K.), L’origine des manières de table, Librairie Plon, Paris, 1968.

Aubaile-Sallenave (F.), « La méditerranée… une cuisine? Des cuisines », in Qantara, magazine des cultures arabe et méditerranéenne, publication de l’Institut du Monde Arabe. Paris, n° 36, été 2000.

http://nawaat.org/portail/categories/articles/politics/

Hertz (R.), La prééminence de la main droite. Etude sur la polarité religieuse, sociologie religieuse et folklore, Paris, PUF, 1970. 

Mauss (M.), « Les techniques du corps », 1934. Article originalement publié Journal de Psychologie, XXXII, ne, 3-4, 15 mars - 15 avril 1936. Communication présentée à la Société de Psychologie le 17 mai 1934. Un document produit en version numérique par Jean-Marie Tremblay, professeur de sociologie au Cégep de Chicoutimi. Site web:

http://pages.infinit.net/sociojmt

Mauss (M.), Les techniques du corps, sociologie et anthropologie, Paris, PUF, 1955

Aubaile-Sallenave (F.), « Le sel d’alliance », in Journ. d’Agric. Trad. et de Bota. Appl. vol. XXXV, 1988.

Turner (B. S.), The body and society , exploration in social theory. 3rd edition, 2008.

Connell (R.W.), Gender and power : Society, the person and sexual politics (Cambridge, MA : Polity),1987 .

Buther (J.), Gender trouble : Feminism and the subversion of identity. London : Routledge, 1999.

Wyke (M.), ed., Gender and the body in ancient Mediterranean. Oxford, Blackwell, 1998.

الصور

الصور من الكاتب.

1. 2 https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B7%D8%A8%D8%AE_%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A

3 Siyese.net

4 Forums.ewaaan.com

5 https://commons.wikimedia.org/wiki/File :Un_festival_c%C3%A9l%C3%A8bre_la_tradition_culinaire_tunisienne_(5238061315).jpg

أعداد المجلة