السلطة العرفية في المجتمعات التقليدية دراسة أنثروبولوجية
العدد 38 - عادات وتقاليد
من أهم السمات المميزة لمنطقة الجلفة (1) الواقعة بالوسط الجزائري وجود ما يعرف ب"جماعة الصلح" أو "الجْمَاعَة" كنوع من القضاء التقليدي وفي كونها عرفا متوارثا عن الأجداد. وقد كانت الجْماعَة من خلال أعضائها أو وسطائها كما يعرفون منذ وقت طويل المسؤول الأول على أمن المجتمع الجلفاوي وحفظ هويته ممثلة في التشكيلات القبلية الموجودة فيه، محققة بذلك مجتمعاً له خصوصيات تميزه عن باقي المجتمعات والذي يعرف بأنّه مجتمع تقليدي يهتمُّ بالأعراف ويحتكم إلى القوانين العرفية حيث يفرض على أفراده نوعاً من الرقابة الاجتماعية، إذ تتحدد سلوكياتهم وفق النظام الاجتماعي السائد فيه بكل ما يحمله من عادات وتقاليد وقيّم وتراث والتي يتم تناقلها عبر الأجيال.
وهكذا فان إشكاليتنا في هذه الدراسة تتمثل في محاولة الكشف عن حقيقة هذا التنظيم العرفي المتمثل في الجماعة، ومعرفة بنيتها وطبيعة نظامها وتموضعها في مجتمع تقليدي له نظامه الخاص به، لفهم أسباب توجه الأفراد لها وسر استمرارها رغم كل التغيُّرات الحاصلة والتحضر الذي عرفه المجتمع في الآونة الأخيرة، وهو ما أردنا التحقُّق منه في الميدان من خلال معايشتنا له باعتبارنا منتمين إليه وملاحظته عن قرب.
ومنه تساءلنا:
لماذا تعتبر "الجْمَاعة" أهم ما تتميز به منطقة الجلفة من موروث؟ ما مدى صمود هذا النوع من القضاء التقليدي وقدرته على الاستمرارية في ظل التطور الحاصل في المجتمع وأمام وجود القضاء الرسمي للدولة؟
1. أهمية الدراسة
يكتسي الموضوع أهميته ومشروعيته العلمية انطلاقا من كونه يعالج موضوعاً حساساً بالنسبة للمجتمع، وهو الأمر الذي يميز موضوعنا حيث هو موضوع أنثروبولوجي بامتياز يصل إلى عمق المجتمع الجلفاوي ويطلع على أهم خصوصياته التي تميزه، خاصة وأن الجْماعَة تصف عقلية راسخة لمجتمع طالما كان مبهماً بشكل ما ومحاطاً بنوع من الغموض. وهو محاولة لفك شيفرة المجتمع وفهم مكنوناته والسعي إلى نفض الغبار عنه في ظل التطور المتسارع للمجتمع وانتقاله التدريجي من طور البداوة إلى الحضارة وتشابك العلاقات فيه، وكذلك محاولة للتوصل إلى مجموعة النتائج العلمية التي تساهم في فهم وتفسير عقلية وطبيعة مجتمع الجلفة.
2. أهداف الدراسة
فهم طبيعة المجتمع ومعرفة الأنماط الثقافية السائدة فيه وسر الاهتمام البالغ الذي يوليه ل"الجْماعَة".
جمع أكبر قدر من المعلومات عن مجتمع الدراسة للتعرف عليه عن قرب.
إلقاء الضوء على العوامل الثقافية البارزة في مجتمع الجلفة خاصة التي تتحكم في تواجد "الجْماعَة".
3. الدراسات المشابهة
كتاب "الجلفة مرويات ووقائع" لمحمد الطيب قويدري تحدث فيه عن واقع المجتمع الجلفاوي وأشار إلى الجْماعَة في الجلفة تحت عنوان "الميعادْ" وهو من المسميات المتعارف عليها في المنطقة.
كتاب "التحقيق المتكامل في مناقب وقيم وتقاليد وتراث ونسب اولاد نايل" لمؤلفه قويسم بن الهدار وهو بمثابة موسوعة تاريخية وثقافية شاملة لمنطقة الجلفة وما جاورها مكونة من أربعة أجزاء.
دراسة قام بها الأب فرانسوا دو فيلاري وهو من الآباء البيض حول الجلفة بعنوان: "siècles de steppe jalons pour l’histoire de Djelfa" وترجم بعنوان "السهوب على مر القرون " وقد كان الحديث فيها مركزا على قبيلة أولاد نايل.
دراسة Masqueray اميل ماسكيري وهي من أهم الدراسات الكولونيالية حول الجزائر، يتناول فيها التنظيم الاجتماعي لمختلف التشكيلات الاجتماعية الكبرى في المجتمع الجزائري يلخصها في وجود عوامل ثقافية واجتماعية مشتركة.
دراسة مصطفى بوتنفوشت للعائلة الجزائرية التقليدية وبنيتها وأن أسباب تغيرها راجع الى استجابتها للحاجات الوظيفية للمجتمع.
4. تحديد مفاهيم الدراسة
الجْماعَة والوساطة: الوساطة التي نقصدها في موضوعنا هي ما تقوم به جماعة الصلح من تدخل للإصلاح بين المتخاصمين من أجل تجنب النزاع بينهم وتطوره بنية التوفيق بينهم ومراضاة الأطراف دون محاباة.
جماعة الصلح أو"الجْماعَة": لفظة محلية يطلقها سكان المنطقة على تنظيم عرفي يقيمونه للتحكيم بين الناس يتشكل من مجموعة من الأفراد المختارين يقومون بالصُّلح حيث يبذل أعضاؤها جهدا كبيرا في مجالسها لتفادي النزاعات بين العائلات عند ما تتعلق القضايا بالطلاق أو حدود الأراضي.
القانون العرفي: تمارس الجْماعة مراقبتها الاجتماعية على مختلف النشاطات والسلوكيات بواسطة "القانون العرفي" حيث تعتمد عليه في فرض سلطتها بمكافأة أو بمعاقبة كل من يخرج عن أعراف المجتمع.
القبيلة: تعرف عند سكان المنطقة بالعرش وهو أعلى وحدة في البنية الاجتماعية يرأسها الجد الأكبر وهو "سيدي نايل"، والذي أقام تجمعا في منطقة الجلفة إلاَ أنَ حدود العرش غير واضحة حيث تمتد الى المناطق المجاورة.
5. ميدان الدراسة
المجال الجغرافي الذي اعتمدناه هو منطقة الجلفة، ونؤكد على قولنا منطقة الجلفة وليس ولاية الجلفة ذلك أن التقسيم الإداري لا يأخذ في الحسبان الانتماءات القبلية في الجزائر، حيث يتجاوز عرش أولاد نايل حدود الولاية، وقد عرفت المنطقة توافد القبائل عليها واستقرارها بها خاصة أولاد نايل والسحاري وأولاد رحمان إضافة إلى التنوع الهائل والتعقيد الشديد في القبائل المتفرعة عنها وهو ما كان يشكل فسيفساء ثقافية تغني المنطقة وتثريها.
وعن سبب اختيارنا لهذه المنطقة دون غيرها فإن تبريرنا يتمثل في كوننا من أبناء المنطقة، ومنها اخترنا عرش "أولاد نايل" العرش الأم لكل العروش ثم عرش "أولاد أم الإخوة" المتفرع عنه والذي يعرف باللهجة المحلية ب «أمْلخْوة» حيث أنتمي له وأجري دراستي عن الجْماعَة فيه وإسقاطها على العروش الأخرى لأنها تقريباً نفسها واختلافها طفيف.
6. المنهج
إذا كانت الدراسة الميدانية والحقلية كما هو متعارف عليها عند الباحثين الأنثربولوجيين هي "تواجد الباحث في ميدان البحث المدروس تواجدا مستمرا يقوم الباحث خلاله بملاحظة سلوك المجتمع والاندماج فيه اندماجا يمكن عن طريقه أن يعرف بقدر الإمكان كيف يتحدث ويفكر ويشعر ويعمل كأحد أعضاء ثقافة ذلك المجتمع"(2)، فإنها لا تكون ممكنة دون المرور بالأسس المنهجية اللازمة مثل: "الملاحظة والملاحظة بالمشاركة والمقابلة والدليل والاستعمال التقني للوسائل السمعية البصرية"(3). وهو ما قمنا به حيث نزلنا الى ميدان البحث معتمدين بذلك على المنهج الانثروبولوجي وحاولنا أن نترصد أدق التفاصيل ونسجل كل ما نصادفه أو يتعلق بالجْماعَة والمجتمع الحاضن لها.
7. تقنيات جمع المعطيات
7. 1 الملاحظة بالمشاركة:
لم تكن طريقة تعاملي مع الميدان في البداية بالأمر الهين ولا الصحيح، حيث أن أول ما قمت به عند احتكاكي بالميدان هو سعيي في الحصول على أية معلومات متعلقة بالجْماعَة من أي شخص أصادفه على اعتبار أن الأفراد يتجهون للجْماعَة إذا ما اقتضت الضرورة، وكان أول ما تلقيته هو الاستهزاء تارة والإنكار تارة أخرى، و كأنهم يشيرون إلى أن هذا الموضوع لا يستحق الدراسة و هو ليس بمستوى العلم الذي يصورونه في أذهانهم، وقد عبر لي أحدهم عن سوء اختياري للموضوع منطلقا في تصوره من عدم وجود المعلومات حوله وأن الاعتماد على ما يقال ليس له علاقة بالعلم بل هو حكايات فارغة.
ومن هذه الانطلاقة المحبطة أردت أن أغير طريقة تعاملي مع الميدان خاصة وأنني لم أكن أتوقع هذه البداية. وقد توجهت للأفراد ممن يحتكمون للجْماعَة وطرحت عليهم بعض الأسئلة فيما يتعلق بالموضوع، وكنت أحيانا أفتح موضوعا للنقاش بطرح سؤال أو قول جملة تتعلق بالجْماعَة ثم أترك لهم حرية الحديث وأنا أنصت بكل انتباه وأحيانا أقوم بتدوين بعض الملاحظات عن ذلك، وقد قمت بتسجيل كل ما ألاحظه معتمدة على التذكر من جهة والتسجيل في الحين من جهة أخرى.
7. 2 المخبرون:
بإدراكي لاستحالة الحضور في الجْماعَة وجلساتها نظرا لطبيعتها الذكورية فإن الأمر تطلب وجود مخبرين يكونون بمثابة وسطاء لإمدادي بما أحتاجه من معلومات عن طبيعة الجْماعَة سواء في بنيتها أو أعضائها أو كيفية عملها. فكان ما قمت به أن توجهت مباشرة إلى والدي وطرحت عليه الموضوع وطلبت مساعدته باعتباره أحد أعضاء الجْماعَة حيث كان مخبرا بالنسبة لي، وقد أبدى استعداده التام في مساعدتي قائلا: "قوليلي واش تحتاجي من معلومات وأنا نجاوبك".
وفي إطار تحضيري للموضوع ولملمة بعض النقاط حوله قال لي والدي "الى كان تحتاجي نشوفلك صاحبي (ك.ب) راه موالف يْجَمَّعْ" وقد كان هذا الشخص من عرش "أولاد لَعْوَرْ" وهو على إطلاع واسع بالجماعة وعملها خاصة وأنه أحد الوسطاء الذين يعتمد عليهم في حل القضايا.
إن الأمر لم يكن بالسهولة المتوقعة حيث أن للميدان لغته وقواعده وهي أمور يصعب التحكم فيها رغم أنني من المنطقة، فالجْماعَة حكرٌ على أشخاص معينين ولا يمكن اختراقها وإدراك كنهها بسهولة، فمثلا كان يجب علي آخذ مواعيد مسبقة من بعض الأشخاص المعروفين في المنطقة عن طريق مخبر استخدمته كواسطة وذلك بعد أن شرح لهم طبيعة موضوعي، إضافة إلى أن البعض من أقاربي ممن يحضر الجْماعَة كوسيط وجدت صعوبة في التعامل معهم، كما أن منهم من لنا بهم علاقة فاترة ما يعني أنه لا يجب مساءلتهم أو حتى الحديث معهم.
7. 3 المقابلات:
كان لابد من إجراء مقابلات مع المبحوثين لأنهم الأكثر دراية بالميدان فهو عالمهم الذي نشأوا فيه وعاشوه بكل تفاصيله، وقد استعملنا المقابلات نصف الموجهة مع بعض المبحوثين حيث وجدنا لديهم الاستعداد والتقبل التام للإدلاء بأية معلومات حول الموضوع وكان هذا النوع من المقابلات "الذي يمثل طريقة لاستكشاف الحوافز العميقة للأفراد وسلوكياتهم"(4) مفيدا لنا كثيرا حيث كانت إجابات المبحوثين مما اعتمدناها كمقولات استدلالية في الموضوع، إذ استخدمنا الحرف الأول من اسم ولقب المبحوث للإشارة الى ما يقوله، فمثلا وضعنا الرمز (ش.م) لأحد المخبرين وهو من عرش "أولاد عيسى" عمره 55 سنة وأستاذ متقاعد من كبار الجماعة وأحد أعضائها المهمين ممن يُعتمد عليهم كثيرا في جلسات الصلح والوساطة. ولدينا أيضاً مخبر اصطلحنا على الترميز له ب(ك.ب) وهو من جماعة عرش "أولاد لعور" عمره 43 سنة ويشتغل كموظف في البلدية وقد كانت الأسئلة الموجهة له فيما يتعلق ببنية الجْماعَة ووظيفتها في المجتمع، وقد كان أيضاً ممن أمدوني بمعلومات تفيد الموضوع، وقد اعتمدنا أيضاً على المعلومات التي استقيناها من حديث (س.ج) وهو من كبار أعيان المنطقة من عرش "أولاد سي محمد" عمره 75 سنة، وأحد المهتمين بالفقه والأدب كما أنه شغل منصب مدير مؤسسة تربوية سابقاً، ساعدنا خاصة فيما يتعلق بجانب الصلح وكيف يتبناه أهل المنطقة.
استخدمنا كذلك المقابلة الجماعية التي كانت تعتمد على تجاذب الحديث بين المبحوثين والذي يدور في مجمله حول بعض النقاط التي قد تشغل بالهم فيما يتعلق ببعض السلوكيات التي يمارسها الأفراد ويكون فيها بعض التجاوز أو الخصام ما يعني تدخل الجماعة للإصلاح، وهو ما كان يهمني ويجعلني أنتبه فأحياناً أقوم بالتسجيل والاستشهاد ببعض أقوالهم وأحياناً أكون مستمعة فقط وأعتمد على ذاكرتي في استرجاع المعلومات عندما أكون بمعزل عنهم. في هذه المقابلة الجماعية أوجه بين الحين والآخر أسئلة مقصودة والتي تكون مفتوحة عادة حتى أجعل الموضوع أكثر ثراء وقابلية للنقاش مما يسهم في كشف وإبراز أمور لم تكن ظاهرة من قبل.
7. 4 وسائل التسجيل والتصوير:
وهي من بين التقنيات التي اعتمدناها لدعم بحثنا وتزويده بكل ما قد يغيب عن تسجيلنا الكتابي أو عجزت ذاكرتنا على استيعابه وتذكره، ومن خلالها اختصارنا الكثير من الوقت كما ساهمت في جعلنا نعيش نفس الميدان لعدة مرات متتالية ما جعلنا ندركه بكل ما فيه والاحتفاظ به لأطول وقت ممكن واسترجاعه وتحليله متى شئنا، ونشير إلى أننا اعتمدنا على التصوير الفوتوغرافي وبعض التسجيلات الصوتية التي قمنا بها.
8. تعريف الجْماعَة:
إن "الجَماعَة" كمصطلح ومفهوم أثار العديد من النقاشات، ويشير قاموس علم الاجتماع إلى أنها "جمع من الأشخاص المتفاعلين بصورة تعاونية...لديهم معايير مشتركة وأدوار متشابكة"(5)،
وهو الأمر نفسه الذي يشير له تعريف الجَماعَة الذي يبين أنها: "عبارة عن اثنين أو أكثر من الناس المشاركين في قيم داخلية وينسقون سلوكهم بطرق تسمح لهم أن يسلكوا وفقا لهذه القيم المشتركة"(6).
وبتوجهنا إلى ميدان الدراسة ومن خلال المقابلات التي أجريناها والمعلومات التي استقصيناها على ماهية الجْماعَة حصلنا على إجابات هي في مجملها شبه متفق عليها حيث يعرفها لنا (ش.م) وهو من أعضائها فيقول: "الجْماعَة محكمة عرفية تتشكل من وسطاء يحلون النزاعات ويفكون الخصومات" ثم استدرك قائلا: "الجْماعَة عرف ورثناه من جدودنا ولازم اللي يجَمْعُو يكونو من العرش ومستحيل يكونو اغْراب عْليه" وقد أشار ارنست غلنير في كتابه "صُلحاء الأطلس" إلى أولئك الوسطاء حيث تحدث عن طبيعة المجتمعات المغاربية التي تقوم على القبلية وتعتمد الوساطة في فض نزاعاتها، وقد أشار إلى المحكمين بالصُلحاء(7)، وهو ما بينه أحد ممن تقابلت معهم في قوله: "الجْماعَة يمثلوها صُلاح البْلاد وباش تكون الجْماعَة لازم يكون فيها الكْبير والطالب ولَعْيان (الوجهاء، الاولياء) ومول الدراهم" ثم أكمل: "باه يهدر الواحد لازم يكون بدراهمو" حيث يقصد أن بعض المواقف تتطلب وجود المال فهو ضروري خاصة إذا كان النزاع حول الأرض أو تقديم المساعدة للمتنازعين، ومما لمسته في الميدان تكون الجْماعَة عادة مكونة من كبار العرش أو الأعيان، والأعضاء وهم الأكبر سنا والأكثر احتراما وتقديرا، يقول ش.م: "لازم يكون القْدر" أي الاحترام .
وترتبط الجْماعَة بالأصل المشترك أي العرش والقبيلة وهي تشكل خاصية أساسية لأهل المنطقة وليس لها فقط، فالنسب والانتماء القبلي من المقدسات ولا يمكن المساس بها، وهذا النوع من المحاكم العرفية نجد ما يشبهه عند "القبائل"(8) يسمى "ثادْراثْ أي جمعية رؤساء العائلات...مكونة من جميع رؤساء أسر القرية الأكثر سنا واحتراما وتمثل التنظيم الاجتماعي"(9).
وتكون الجْماعَة وجهة سكان المنطقة لما لهم من ثقة مطلقة فيها حيث يقول ك.ب: "الثقة هي الصح، وحنا نْثيقوا في أي شيء يقولوه ويحكمونّا بيه، رانا عارفينهم ما يهدروش بلا ميزان" ويقصد بقوله أن أعضاء الجماعة لديهم حكمة ووجاهة في الرأي ما يجعلهم يحكمون بمراعاة تراضي الأطراف.
وبخصوص المصطلح فقد حاولت أن أستفسر عن المغزى منه فقيل لي: "نقولوا الجْماعَة على خاطر نجمعوا بعضنا باش نفرو المشاكل" أي أن كلمة "الجْماعَة" هي اسم يطلقه أهل المنطقة على المحكمة العرفية التي يقيمونها بغرض الصلح وإدارة شؤونهم، وهناك العديد من المسميات للجْماعة كما يقول ش م: "نقولولها : كبار الجماعة - ناس الميعاد - جماعة الصلح - الوسطاء... "، ورغم تأكيد أهل المنطقة على الانتساب للجد المشترك إلا أن الجْماعَة لا يمثلها إلا أفراد مختارون بفعل النسب أو المكانة أو المال أو الحكمة وهم الصلحاء حيث يقومون بدور هام على مستوى البنية الاجتماعية ويؤدون وظيفة على نطاق أوسع من مجرد فك نزاع أو إصلاح بين متخاصمين وهو محاولة إدماج المجتمع المحلي داخل النسق الديني العام بالحفاظ على كل ما يمت له بصلة من جهة ومن جهة أخرى الحفاظ على العرش من أي تهديدات أو تغيرات قد تطرأ عليه بفعل التغير الاجتماعي الحاصل.
8. 1 الجْماعَة في تراث المنطقة:
رغم أن الجْماعَة من صميم الواقع الذي يعيشه أهل منطقة الجلفة ومازالت تمارس إلى اليوم، إلاَ أنني ارتأيت أن أتوجه للتراث الخاص بالمنطقة عسى أن أجد أي شيء يوثّق لها خاصة وانها حملت على عاتقها عمليات إصلاحية كبيرة شهدها تاريخ المنطقة، إلا أنني اصطدمت بالواقع حيث لم أجد أي شيء يدل على الجْماعَة وأعمالها إلا بعض الروايات الشفوية التي لم تكن كافية، وعندما تساءلت عن ذلك ولماذا لم يتم التوثيق لها أجابني أحدهم ممن يمثل جْماعة عرش "أولاد لعور": "إذا كتبنا عالجماعة تروح وما توليش بقيمتها ويتبدل حتى معناها" حيث يقصد أن الجماعة تفقد ميزتها في كونها جماعة عرفية وأن مجرد التوثيق يجعل بالضرورة توثيق مجريات الجلسة وبالتالي تحديد المهام وما يقوم به كل عضو مما يؤدي بطريقة ما إلى التوجه نحو تنظيم له معالمه وهو ما يغير من طبيعة الجماعة الحقيقية ، وأما أحد أعضاء جماعة "أولاد أملخوة" فقد قال بأن التوثيق لم يكن ضروريا طالما أن الأعيان هم المسؤولون في الجماعة وأن هدفهم ظرفي وطارئ حسب المشكل حيث يهمهم الصلح في حد ذاته وبتحقيقه ينتهي انعقادها ولذلك فلا ضرورة للتوثيق، أما ش.م وهو أيضا من جماعة أولاد "أملخوة" ويمارس مهنة التعليم فقد قال: "جاءت في بالي فكرة وحاولت بصح ما وافقتش الجْماعَة" حيث يشير إلى أنه لقي رفضا من أعضاء جماعته ربما لنفس الأسباب السابقة وقد يكون خوفا من تحديد الأدوار أو سعيا في الحفاظ على طبيعة الجماعة، ويقول (ك.ب): "علاه نوثقو للجماعة احنا عارفينها والناس عارفتها من بكري وراها مازالت لا باس عليها"، فهو يتساءل عن ضرورة التوثيق الذي يرى بأنه غير ضروري طالما أن الذاكرة المجتمعية لأهل المنطقة كافية لمعرفة الجْماعَة، وفي الحقيقة لم يشكل الامر إزعاجا لأهل المنطقة ما دامت الذاكرة الشفوية قادرة على حفظ هذا الموروث.
9. أعضاء الجْماعَة
9. 1 كبير الجْماعَة:
يعد كْبير الجْماعَة صاحب حكمة ووجاهة في الرأي وله الفضل على الجميع، و لم يسم "كْبير" من طرف أهل المنطقة إلا لأنهم يتوسمون فيه صفات الزعامة والتميز والحكمة، وقد يكون هو كْبير العرش أي المسؤول الأول عنه ويعرف كل العلاقات العروشية والانتماء للجدود ولديه القدرة على قيادة الناس، وفي العادة يحمل "كْبير الجْماعة" هموم الجميع ما يجعله يتميز بالصبر والحنكة في معالجة الأمور فهو كما يقول (ك.ب): "قادر يحل موضوع في وقفة" أي في حينه، كما أنه يتدخل في القضايا الكبيرة خاصة إذا كانت بين عرشين ويصبح ممثلا عن عرشه، ويرى ماكس فيبر أن صاحب السلطة التقليدية لا يعتمد على قوانين محددة وإنما يكون حرا في اتخاذ القرارات المتماشية مع اعتبارات المصلحة العامة فسلطات الزعيم التقليدي مرتكزة على قداسة التقاليد(10)...
و يمكن القول أنه يعد حكيما وعادة ما يكون "بيت الكْبير" من الأماكن التي تحبذ الجماعة الالتقاء فيها للأنس ومناقشة قضايا "العرش" كما أنه يمثلهم ويتكلم باسمهم إذا ما حدث نزاع عروشي حيث يملك الفصاحة والقدرة على التعبير واللباقة(11)، وقد يكون كبير الجماعة إما بالمكانة التي يصبغها عليه أفراد المجتمع وإما بالوراثة حيث يرثها عن أبيه الذي يمثل كبير العرش أو "مقدم الزاوية" أي "شيخ الزاوية".
9. 2 الطالب (إمام الجْماعَة):
يحتل أهمية كبيرة في الجْماعَة والمجتمع على السواء فهو الإمام الذي يستشار في أمر الدين خاصة في قضايا الميراث وأحكام الزواج والطلاق فالطالب متفقه في الدين عارف بكل ما له علاقة به، ولا تكون الجلسات دون حضوره وقد يتجاوز ذلك إلى حضور طالبين في الجلسة حسب طبيعتها والموضوع الذي تعالجه، وأهمية الطالب نابعة من أهمية الدين في حياة أهل المنطقة خاصة وأن "الجْماعة" كما يقول (ك.ب): "ليها مرجعية عقدية" ويمكن أن يكون الطالب كبير جْماعَة في نفس الوقت.
9. 3 الوسطاء الآخرون:
ويقال لهم "الكْبارية" ويكون عددهم حسب طبيعة الجلسة، وإذا كان الجميع لديهم نفس الحس المشترك ونفس الروح الجماعية في الإحساس بالانتماء للقبيلة إلا أن الوسطاء مختارون بعناية شأنهم شأن "الكبير" و"الطالب" فهم قادة المجتمع وأصحاب الكلمة فيه وقد يحملون أسماء كبار العائلات في المنطقة فيقال عن أحدهم "كبير العائلة الفلانية" كما أن لهم مكانتهم الخاصة في المجتمع وعادة ما يكونون شبه دائمين في أي جلسة، والوسطاء كثيرون في المجتمع وذلك ما يجعل لكل عرش جماعته الخاصة به، وإن مرض أحد الأعضاء أو عرض له طارئ فإنه يحل محله آخر ولا يختل توازن الجْماعَة في هذه الحال.
ولكبير الجماعة الحق في اختيار الجماعة التي يرى أنها مناسبة أو استدعاء نفس الجماعة التي اعتاد العمل معها، وعادة ما يكون الوسطاء أو المصلحون يتميزون بالثراء الثقافي الخاص بأهل المنطقة، وأكثر بعدا في النظر "كما أنهم يكنون احتراما خاصا لعادات وتقاليد المنطقة، والتزاما بمبادئ ومعايير الجماعة والمجتمع على السواء"(12).
10. صفات أعضاء الجْماعَة
10. 1 العمر:
رغم أن أغلب أعضائها متقاربون في السن وعادة ما يكونون كبارًا إلا أن للشباب الحق في أن يكونوا في عضويتها، والأمر الفارق في هذه الحالة هو الشروط التي تُفرض على الشاب لقبول عضويته ضمن الوسطاء كبار السن والذين تتراوح أعمارهم كما أشار لي (ش.م): "يكون لعمر في الغالب من لَربْعين ولْهيه" أي أن أعمار الوسطاء تحدد من سن الأربعين فما فوق، ونحن نعلم أن هذه المرحلة العمرية تتطلب لغة خاصة بها كما أن انشغالاتها واهتماماتها غير الفئات العمرية الأقل(143)، وبالنسبة لقبول الشباب ضمن الجماعة أشار (ش.م): "لازم على الصغير يكون حاضر دايما مع الكبار ويعرف يجمَّع" وذلك يعني أن الحضور الدائم من شأنه أن يكسبه المؤهلات التي يتمتع بها الوسطاء الآخرون خاصة الفصاحة والإقناع "يكون يَهْدَر هَدْرة الكْبَار" كما يقول أحدهم، ويكون مطلعا على الأحكام الشرعية، وصاحب أخلاق ونزيها ويشهد له بذلك أفراد العرش، يقول (ك.ب): "تكون بلاصتو زينة كيما يشوفوا مالين العرش"، كما أن هناك أمرا في غاية الأهمية ألا وهو الهندام والمظهر الحسن كما أضاف أحدهم: "اللي يلبس الدجين ويدير الجال ما كلاه يخمم باه يحضر فالجماعة".
10. 2 الهيئة:
وتتمثل في المظهر الحسن والهندام المرتب والنظيف مما يعطي انطباعا جيدا عن الشخص وقد أكدت بعض الدراسات أن الجاذبية الجسدية لها دور مهم في الاستقطاب وتوجه الميول نحوها(14).
الأمر بالنسبة للجْماعَة ليس بهذه البساطة ذلك أن للمظهر العام دورا في غاية الأهمية حتى إن ذلك يؤثر على أدائها وتقبل الأفراد لها فمن الناحية الجسدية عادة ما يكون الوسطاء يتميزون بالطول والبسطة في الجسم والصحة الجيدة وإن كان لا يشملهم جميعا إلا أن الأغلبية تتميز بذلك ويمكن تفسير الأمر في أن هذه الصفات ربما هي التي تجعل لهم استعدادات ليصبحوا وسطاء أو أنهم الأكثر تقبلا من الناحية الاجتماعية، وهو ما تشير إليه بعض الدراسات الاجتماعية(15)، وتكتمل هذه الصفات الجسدية باللباس الذي يعد مهما للجماعة فهو يعبر عن الهوية الثقافية لأهل المنطقة ورمزا من رموزها حيث يلتزمون باللباس العربي الأصيل وهو ما قاله لي أحدهم: "اللي يحضر الجماعة لازم يلبس العربي الأصيل" ويتمثل في "القندورة، اللحفاية، الخيزرانة، البرنوس، القشابية" والقندورة نوعين قندورة عربي أو قندورة الحجر وهي معروفة في المجتمع الجزائري عموماً، وقندورة سعودي وهي التي يلبسها أهل الخليج العربي وتتميز بالطول، ويلبس أهل المنطقة عادة القندورة واللحفاية التي ترافقها دائما خاصة في المناسبات كالأعراس والأعياد، يقول أحدهم: "لازم يكون الواحد مقدود ومالي هدومو" أي معتدل القوام لباسه قصاصه لا يزيد ولا ينقص. ويمكن الإشارة إلى أنه في الفترة الأخيرة بدأ اللباس يتغير ويدخل اللباس العصري في الجماعة خاصة مع التغيرات الحاصلة في المجتمع ودخول المنتخب فيها كطرف له وزن وكلمة، إلا أن هذا التغير طفيف وغير ملفت والسبب في ذلك هو حفاظ المجتمع عليه خاصة في القرى والبلديات الصغيرة.
10. 3 الأخلاق:
تلعب الاخلاق دورا مهما في الحفاظ على تماسك الجْماعَة ومدى قبولها في المجتمع ذلك أن أخلاق الجْماعَة و قيمها مستمدة من المجتمع، وتتمثل أهمية القيم الأخلاقية في القدرة على تجسيدها في الواقع من خلال السلوك الذي يمارسه الأفراد(16)، ومن أهم هذه الصفات "الكرم" حيث على الوسطاء أن يكونوا على أتم الاستعداد للإنفاق من أموالهم إن اقتضى الأمر ذلك في سبيل الإصلاح وتقديم المساعدة، ولذلك فإننا نجد في الجْماعَة شخصا أو اثنين من أصحاب المال حيث يملكون الثروة الحيوانية من أغنام وماعز إضافة إلى امتلاك الأراضي وهو ما يسهل من تقديم الدعم أي أن "الكريم يجمعو بيه"، ومن الصفات المهمة أيضا "الصبر" حيث على المصلحين أن يتحلوا بالصبر وهو ما يعكس الحلم والأناة لديهم "زين يكون عند الواحد طولة البال"، والصبر يجعل من الوسطاء ينتبهون للمتخاصمين ويستمعون لهم لآخر كلمة ومحاولة تهدئتهم خاصة إذا كان النقاش حادا وعنيفا وهو ما قد يؤدي إلى الاستفزاز أحيانا، وكذلك متابعة القضية المعالجة إلى ما بعد الجلسات.
إضافة إلى "الحكمة" ويعبر عنها أحدهم بقوله: "الهدرة الميزونة" وهي جملة قصيرة ولكنها تحمل في طياتها العديد من المعاني والرموز فهي تتضمن قوة الحجة وحضور البديهة وكذلك الجرأة في طرح الأفكار إضافة إلى وزن الكلمات واختيارها مما يفصح عن تمكن من اللغة(17)، وقد تحدث "سي عامر محفوظي" وهو أحد أئمة المنطقة وشيوخها عن الشيخ سي عطية مسعودي عن والده الحاج مصطفى قال حينما ذهبنا لنحج سائرين مررنا في رحلتنا ب(نفطة وتوزر) فقال لنا شيخ المنطقة آنذاك: لو لم يكن التوجه عند القبلة مطلوبا عند اللحد لأوصيت أن يوجهوني عند دفني إلى ناحية منطقة أولاد نايل، قيل ولم يا شيخ، قال لأن أولاد نايل: امتازوا بالحياء والحلم والكرم(18).
10. 4 العلم:
ويقصد به في هذا المجال الاحاطة أو المعرفة من خلال:
معرفة ماضي الاجداد وأهم العروش المتواجدة بمنطقة الجلفة وتقسيماتها خاصة عرش أولاد نايل والروايات التي حيكت حول سيدي نايل "الجد الأكبر للقبيلة وسيرته".
المعرفة بأمور الدين: فعلى المصلحين الاطلاع بالدين وأحكامه لأنه أساس كل ضبط اجتماعي وكل توجه نحو الإصلاح
معرفة أحوال المتنازعين فلا يجب على المصلح أن يصلح ويتوسط بين طرفين وهو جاهل بهما وبأحوالهما حيث يكون ملما على الأقل بسبب الخصام وما الذي يريده المتخاصمون(19)
فيستمع لهما ويستوعب كل ما له علاقة بالقضية "واللي ما يعرفش يهدر يبعث اللي يهدر على لسانوا".
المعرفة بالتراث الثقافي الذي يتشبع به المجتمع الجلفاوي خاصة انه مجتمع ذكوري والمقصود بذلك هو القواعد السلوكية للتقاليد كما يرسمها المجتمع الجلفاوي يجعل المرأة تعيش في الخفاء خلف أسوار البيوت.
11. مجالات تدخل الجماعة
11. 1 الإصلاح بين المتخاصمين:
أشرنا سابقاً إلى أن "جماعة الصلح" من مسميات الجْماعَة أي أنها تتكفل بمعالجة جميع المواضيع وعلى رأسها الإصلاح أي أنها تعمل على الإصلاح بين الناس كما أمر الله بذلك، وقد تحدث القرآن الكريم في كثير من الآيات عن الإصلاح والمخاصمة قال تعالى: "والصلح خير"(20)
إشارة إلى الخير المطلق الذي يحدث بالصلح نظرا لارتباطه بحياة الأفراد. قال تعالى: "لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما"(21).
11. 2 النزاع حول الأراضي الفلاحية والرعوية:
يأخذ النزاع حول الأراضي الفلاحية والرعوية الحيز الأكبر من اهتمامات سكان المنطقة إذ تتعدى نسبة الصراعات فيها بين العروش 75 ٪ حيث تعود أسباب المخاصمة إلى النقاط التالية:
أغلب الأراضي تعود في ملكيتها للدولة (Communal) وبالتالي لا عقود للمواطنين عليها وملكيتها على المشاع تعود إلى التقاليد المتوارثة، ولذلك كل مواطن يدعي أن الأرض له بالوراثة، وكمثال حي على ذلك: نجد ببلدية "فيض البطمة" التي تبعد عن الجلفة ب 50 كم. وبها المناطق التالية: الملاقة، فيض السلطان، العرْسان، بلعروق، الخرزة، ضاية الكواكي، وفي هذه المناطق المقدرة ب 814 كم2 (81400 هكتار) ولا توجد إلا حوالي 200 هكتار بعقود رسمية موثقة من عهد الإدارة الاستعمارية، وعليه نظرا لعدم وجود العقود لعشرات بل مئات العائلات تنشأ النزاعات.
شح المياه حيث توجد الآبار الارتوازية، وهذه تضطر الفلاحين إلى قطع الأراضي المزروعة ولا توجد ممرات خاصة واضحة المعالم وبالتالي تنشأ الخصومات.
11. 3 قضايا الميراث:
من أكثر القضايا التي تنشأ حولها النزاعات، فتجد مثلا العائلات الكبيرة يبلغ عدد أفرادها أكثر من ثلاثمئة شخص ولهم أرض مملوكة للجد المتوفي ولم توزع بين الورثة فتقوم المخاصمات بسببها.
وكذلك الميراث بالنسبة للبنت إلى وقت قريب لم يكن يعترف بحقها فيه فالعُرف السائد أنها قد تتزوج أجنبيا ليس من عائلتها أو عرشها ولن تحصل عليه إلا بتدخل الجماعة فيعوض لها بمبلغ مالي وقطعة من الغنم.
11. 4 قضايا الزواج والطلاق:
تتدخل الجْماعَة في قضايا الزواج والطلاق أمّا الزواج فيكون بمباركتها واشرافها عليه، وعادة ما يكون هناك تناوش بين الزّوجين لسبب ما فتذهب الزوجة إلى بيت أبيها وتبقى مدة عندهم وهو ما يسمى عند أهل المنطقة ب"الغضبانة" وهنا تتدخل الجماعة للإصلاح بينهما، وان وقع الطلاق فانه يكون بحضورها أيضا.
11. 5 قضايا أخرى:
وهناك أمور أخرى كما قال لي ش.م: "تصالح الجماعة بين المدَّوسين علاَّرض والورثَة وروح الخْطَا" أي المتخاصمين على الأرض والميراث والقتل الخطأ، وعندما استفسرت عن المقصود ب"روح الخطا" قال لي: بأنها حوادث القتل التي تقع بالخطأ وتتدخل فيها الجماعة. أما "روح العمد" فلا تتدخل فيها الجماعة بل تسلم مباشرة إلى المؤسسة القضائية (المحكمة) والتدخل الوحيد يكون في محاولة رأب الصدع بين عائلتي الضحية والقاتل، وتوجد أيضا قضايا عامة قد تتدخل فيها مثل التجاوز في البيع والشراء وغيرهما مِمَّا يُخل بنظام المجتمع القبلي.
إن الجماعة في الحقيقة بتدخلها في هذه المواضيع المختلفة تعمل على استقرار المجتمع، وقد أشار غيلنر إلى ذلك بقوله: "...إن الصلحاء يضمنون الاستقرار داخل بنية غير مستقرة"(22).
12. آليات الضبط الخاصة بالجْماعَة
12. 1 الدين:
يعد الدين من أهم آليات الضبط غير الرسمية التي أشار لها علماء الاجتماع والذي كان مرافقا للإنسان منذ تجمعاته الأولى حيث يمثل القوة الخفية التي يحملها الانسان وتؤثر في سلوكه بطريقة غير مباشرة(23).
ونظرا لأن المجتمع الجزائري يدين بالإسلام فإن المجتمع الجلفاوي نشأ نشأة دينية واتبع أفراده تعاليم الدين الإسلامي الذي ينظم علاقاتهم وتفاعلاتهم، إن هذه الطبيعة الدينية جعلت من الجماعة تحمل الدين كشعار لها في ضبط الأفراد، وبحكم هذا المنطلق تستخدم الدين في عملية التوجيه والإصلاح.
12. 2 القانون:
يعد القانون آلية من آليات الضبط الاجتماعي وحسب بعض علماء الاجتماع "لا يقتصر القانون على الأحكام التي يضعها المشرع أو القاعدة الخلقية بل يشمل العادات الجمعية والأعراف الاجتماعية والسنن الدينية من أجل تحقيق الأمن الاجتماعي والتوفيق بين المصالح المتنازع عليها بين الأفراد والجماعات"(24)، ورغم أن الجْماعَة ليست هيئة أو تنظيما رسميا إلاّ أنها استخدمت القانون كآلية ضبط، وقد صرح لي أحد الوسطاء بأن للجْماعَة قوانين تتعلق ببعض القضايا دون غيرها مثل وجود قانون خاص "بجمع الأموال" ويكون ذلك حسب حالات مختلفة فبالنسبة لديه القتيل فإنها تتمثل في أن المال المتعلق بها يجمع من طرف أفراد العرش وتكون على كل صائم حيث يدفع مبلغ رمزي إلى أن يتم جمع كل المال المطلوب ويمكن أن يدفع من طرف كبار العرش فقط وعلى من يكفلونهم، وفي حالة ضياع مال الشخص أو تعرضه للسرقة أو احتراق بيته وتلف ممتلكاته فإن الجْماعَة تفرض على العرش الذي ينتمي له هذا الشخص بجمع المال اللازم حيث يتكفل أفراد الرفقة(25)
أو الحاملون نفس اللقب بجمع مال بمقدار الخسائر التي تعرض لها المعني لتساعده في تعويضها، وهذا القانون المتعلق بجمع الأموال صارم وملزم للعرش من طرف الجْماعَة، كما توجد بعض القوانين التي تتكتم عليها مثل القانون الخاص بجماعة عرش (أ.ع) يتمثل في وضع صندوق لجمع الأموال يكون تحت تصرف أفراد العرش حسب الحاجة.
12. 3 القوة الروحية:
تتمثل القوة الروحية في الطرق والأساليب التي تستعملها الجْماعَة بصورة خفية لتؤثر على الأفراد وتجعلهم يلجأون لها دونما أي تردد، ومنها الخوف من "دعوة الجماعة" لأنها إن دعت على أحدهم فإن الضرر يلحق به ما لم يطع أوامرها ونواهيها، وهذه الدعوة تجعل لها نوعاً من القدسية، وفي المقابل يلجأ لها البعض رغبة في نيل هذه الدعوة والحصول على بركتها، فبمجرد قول الجْماعَة لأحدهم "نعطوك دعوة الخير وقم بكذا وكذا..."، فإنه يفعل ذلك دون تردد، في حين تدعو على المخالف بالعار والمذلة في عرشه.
12. 4 القيم الأخلاقية:
إذا كانت القيم حسب هومانس هي: "مجموعة من المبادئ والافتراضات اللاشعورية التي تشكل أساس مجالات التفضيل"(26) فإن الجْماعَة تستخدمها للضبط ومنها عنصر الثقة الذي يبرز أكثر في عدم حضور المرأة للجْماعَة إذا كانت طرفا في النزاع كعدم تفاهمها مع زوجها والسبب في ذلك حسب ما أجابني به (ك.ب) عندما سألته هو قوله بأن من بين أسباب عدم حضور المرأة هو ثقتها المطلقة في ما تحكم به الجْماعَة لها لأنها متأكدة من أنه لن تهضم لها حقوقها إلى درجة أن هذه الثقة تجعل من المرأة تقبل بحكمها حتى ولو لم تكن صائبة فيه، ودليل ذلك أن الجماعة كانت تحكم في قضايا الميراث بأن المتزوجة من غير العرش أو من الغريب لا تورثها في العقار والأملاك بل تعطيها مبلغا رمزيا تقريبيا كتعويض ومع ذلك تقبل به، إنها تثق في أن هذا هو الحل الصائب في رأي الجماعة.
13. التواصل في الجماعة
إذا كان التواصل ضروريا لتحقيق تفاعل الجماعات وأدائها لمهامها كما يرى علماء الاجتماع(27)، فهو بالنسبة لأعضاء الجماعة يكون في ثلاث حالات:
التواصل يبدأ عندما تصل شكاية أو أي موضوع آخر إلى مسامع الجماعة وتتأهب للتدخل ويكون بتقدم فرد أو مجموعة أفراد للاتصال بأحد الأعضاء، وليس هناك عضو محدد يجب الاتصال به، ويقول (ش م): "يتصل بيا فلان على القضية نتاعو وانا نتصل بالجماعة نتفاهمو ونعيطولو".
التواصل أثناء الجلسات أو اللقاءات فيتحدث كل من الوسطاء والمتنازعين دون تجاوز في الحديث والتزاما بالوقت المسموح به في الكلام، ونمط "الاتصال هنا هو نمط مباشر بين جميع أعضاء الجماعة حيث يكون الالتقاء وجها لوجه والتفاعل أكثر إيجابية"(28).
تواصل أعضاء الجْماعَة فيما بينهم يكون في المناسبات التي تجمعهم وهي فرص يستغلونها لاستذكار الجْماعَة ودورها وتعداد مزاياها وهو ما أكده لي (ش.م) بقوله: "حنا الجْماعَة نتلاقاو في الاعراس، الاعياد وين بانتلنا الفرصة"، وبين الحين والآخر يقوم أحد الأعضاء بالإثناء على الجْماعَة والتذكير بوجودها من خلال (الوُدْ) أي إقامة وليمة كبيرة على شرفها ويدعوهم إليها وفي ذلك يقول (ك.ب): "الحاذق اللي يود جماعتو" فتكون الوليمة أو عملية الود كما تسمى نوعا من الاتصال بين الأعضاء وفرصة للأخذ والعطاء حول أمور المجتمع ومستجداته، وعملية الود تنافسية بين الأعضاء، فكل واحد منهم يسعى لإقامتها متى سنحت له الفرصة، إلاّ انها تراجعت بمرور الوقت.
14. جلسات الجْماعَة
14. 1 تشكل الجلسات:
إن أول خطوة في تشكل "الجْماعَة" هو بروز بوادر الخلاف في الأفق، حيث يتقدم شخص لها بصفته مشتكي في القضية، وإذا كان الموضوع يمس أو يضر بالأفراد أو يحدث شرخا بين العروش ففي هذه الحالة هي من تقترح التدخل وتستعجل فيه حتى لا تكون هناك تداعيات سلبية قد تنجر عن هذا المشكل.
وفي الأغلب يتقدم شخص ما من أحد الوسطاء ثم يطرح عليه المشكلة التي تعترضه ويبين له خصمه فيها فيقول: "راني حاب نديرلو جماعة"، وقد يكون الشاكي فردا أو عدة أفراد حسب طبيعة الموضوع المتنازع فيه، مثلا يكون فردا في قضية تنافر زوجين أو مجموعة من الأفراد في نزاع حول أرض فلاحية.
يتصل العضو الذي طرحت عليه القضية بالوسطاء الآخرين ويعلمهم بما كان معه، فإذا كان هذا العضو هو "كبير جماعة" فإنه مباشرة يقوم بتعيين الجْماعَة التي يراها مناسبة للموضوع ويطرح عليها المشكل، أما إذا كان وسيطا آخر فإنه يتصل ب"الكبير" وهو بدوره يحدد الجْماعَة المناسبة ثم الاتصال بالمشتكى عليه وعرض عليه شكاية خصمه وطلب منه عرض موقفه.
بعد ذلك يتم انعقاد "جلسة صلح" تكون وفق تاريخ محدد تم إعلانه مسبقا ويشترط حضور جميع الأطراف المتنازعة، حيث لا يمكن تشكل جْماعَة بغياب أحد طرفي النزاع كما يحضر جميع الأعضاء المخولين بالبت في القضية والحكم فيها، وتكون هذه الجلسة بما يشبه الجلسات التي تقيمها المحكمة المدنية وهي لذلك تسمى ب"المحكمة العرفية" حيث تعطينا حالة اجتماعية تتجسد في السلطة التقليدية بما تفضي إليه من قرارات ملزمة إلزاما نابعا من إيمان الأفراد في حد ذاتهم.
ويمكن الإشارة أن بعض القضايا تحتاج جلسة واحدة فقط في حين أن بعض القضايا تتطلب عدة جلسات خاصة التي يصعب فيها تفاهم أطراف النزاع أو يكون فيها الموضوع يحمل حساسية ما بين العروش والعائلات الكبيرة.
14. 2 وصف الجلسات:
يلتقي الجميع من وسطاء وأطراف نزاع وشهود في المكان المتفق عليه يتبادلون أطراف الحديث إلى أن يكتمل حضور جميع المعنيين، وتكون وضعية الجلوس عادة شبه مستديرة أي أنهم يأخذون فيها شكل المكان الذي هم فيه أو يجلسون على جانبيه حيث يكون توجههم نحو "كْبير الجْماعَة" و"الطّالب" بجانبه وهي وضعية تتيح لهم رؤية بعضهم بشكل جيد وأخذ أي انطباعات قد ترتسم على ملامح أحدهم.
ويقوم كبير الجْماعَة بمراقبة وتفحص الحضور وعندما يتأكد من وجودهم جميعاً يعتدل في جلسته ويصلح هندامه ثم يقول: "يا جْماعَة صلوّ عالنّبي"، وما أن يسمعوه حتى ينتبهوا ويعتدلوا في جلستهم ويردون بقولهم: "عليه الصلاة والسلام" متجهين بذلك نحو "الطّالب" الذي يعلن افتتاح الجلسة بآيات قرآنية حول الإصلاح ثم يلقي كلمة عامة يقوم فيها بالوعظ والحث على نبذ الاختلاف وضرورة لزوم الاصلاح، وتكون هذه الكلمة مزيجا من الدارجة والفصحى المنسجمة فيما بينها لقدرة الطالب على التحكم في اللغة ومداخلها، ومن حين إلى أخر ينطق أحد الوسطاء بقوله: "بارك الله فيك" تأكيدا منهم على قبول ما يقوله و اقتناعهم به.
يأخذ بعد ذلك "كبير الجْماعَة" الكلمة ليقوم بالإشراف على الجلسة وتوجيهها فيشكر الطالب على كلماته ثم يقول: "يا جماعة الخير اليوم رانا تلاقينا كيما كل مرة وراكم عارفين علاه" ويواصل حديثه بسرد القضية في عمومها ثم يطلب من الشخص المشتكي بإعادة طرح شكواه كاملة على مسامع الحضور، وبعد أن ينتهي يقول كبير الجماعة للطرف الاخر: "واش تقول فللي سمعتو" فيعرض الخصم موقفه هو الآخر دون مقاطعة، وبعد السماع لكلا الطرفين يعطي الكلمة للأعضاء قائلا: "يا جْماعَة واش رايكم" أو "واش شوركم" فيبدي كل منهم رأيه ويعطي الاقتراح الذي يراه مناسبا، و بطبيعة الحال أثناء تكلم أحدهم فإن الجميع ينصت بانتباه تام احتراما له وتقديرا لرأيه، وبعد الأخذ والرد وتداول الموضوع تتخلله مجموعة من التنازلات والمسامحات من كلا الطرفين يتم الفصل في القضية بما يرضي الجميع. وتجدر الإشارة إلى أن جلسات الجْماعَة تكون مغلقة فالحضور يقتصر على الخصوم والوسطاء ولا تكون موسعة إلا في بعض القضايا كالنزاعات العروشية.
خاتمة:
وختاما يكن القول إن الجزائر تملك تراثا ثقافيا متنوعا تتربع عليه جميع مناطقها المختلفة ومنها منطقة الجلفة حيث تعرف بأنها مركز تجمع العديد من القبائل واستقرارها فيها، وهو ما جعلها تزخر بتراث ثقافي هائل يستحق البحث والاطلاع عليه، وقد سعى هذا المجتمع التقليدي الى الحفاظ على موروثه المتنوع بما فيه جماعة الصلح وما تمثله من سلطة عرفية تسيطر عليه وتحفظ استقراره وفي كونها جماعة مرجعية يمكن للأفراد العودة اليها متى لزم الأمر. وقد شكلت هذه المحكمة العرفية عقلية راسخة لسكان المنطقة طالما اعتمدوا عليها في تسيير أمورهم الحياتية اليومية، كما أن الجْماعَة كشفت لنا عن الكثير من شخصية هذا المجتمع حيث هو مجتمع سلطوي وذكوري يميل الى شخصية قائدة تتمثل في الأولياء عادة ومثلها الأعلى «سيدي نايل».
الهوامش
1 تقع ولاية الجلفة في وسط الجزائر في الجزء الشمالي من المنطقة الداخلية لها وتبعد عن الجزائر العاصمة ب 300 كلم، استحدثت كولاية بمقتضى التقسيم الاداري للجمهورية الجزائرية الشعبية سنة 1974، تتكون من 12 دائرة مقسمة إلى 36 بلدية. تلتقي في حدودها مع تسع (9) ولايات هي: المدية، تيسمسيلت، بسكرة، المسيلة، تيارت، ورقلة، الوادي، الأغواط، غرداية.
2 محمد سعيدي، الأنثروبولوجيا بين النظرية والتطبيق دراسة في مظاهر الثقافة الشعبية في الجزائر، أطروحة دكتوراه في الأنثروبولوجيا، جامعة تلمسان، 2006، ص96.
3 المرجع نفسه، ص96.
4 موريس أنجرس، منهجية البحث العلمي في العلوم الانسانية، ترجمة بوزيد صحراوي وآخرون، دار القصبة للنشر، الجزائر، 2004، ص198.
5 مصلح الصالح، الضبط الاجتماعي، الوراق للنشر والتوزيع، عمان، الاردن، ط1، بن عكنون، الجزائر،1984، ص241.
6 سيد محمود الطواب، علم النفس الاجتماعي (الفرد في الجماعة)، دار المعرفة الجامعية، الاسكندرية، مصر،2007، ص 123.
7 بن سالم ليليا وآخرون، الأنثروبولوجيا والتاريخ، حالة المغرب العربي، ترجمة عبد الاحد السبتي وعبد اللطيف الفلق، دار طوبقال للنشر والتوزيع، الدار البيضاء المغرب، ط2، 2007، ص21.
8 القبائل: وهم القبائل الأمازيغية التي تتوزع في بجاية وتيزي وزو وجيجل والبويرة..، يتميزون بعادات وتقاليد خاصة وبلهحتهم الأمازيغية.
9 مصطفى بوتنفوشت، العائلة الجزائرية، ترجمة دمري أحمد، ديوان المطبوعات الجامعية، 2004، ص43.
10 محمد عباس ابراهيم وآخرون، التنشئة الاجتماعية، دار المعرفة الجامعية، مصر ،2005، ص ص (249،248).
11 فوزي مجمج، حياة الترحال بين الاستمرار والزوال، مذكرة مكملة لنيل شهادة الماجيستير في الانثروبولوجية الاجتماعية والثقافية، جامعة قسنطينة، 2010، ص122.
12 نبيه ابراهيم إسماعيل، الانسان والسلوك الاجتماعي، مركز الاسكندرية للكتاب، الاسكندرية، ص 172.
13 عدنان يوسف العتوم، علم نفس الجماعة، إثراء للنشر والتوزيع، الاردن، 2008، ص237.
14 المرجع نفسه، ص 243.
15 المرجع نفسه، ص 244.
16 فوزية دياب، القيم والعادات الاجتماعية، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت ،1984، ص88.
17 علي الجاموس، اصلاح ذات البين، الدار الدمشقية، دمشق سورية، ط1، 2006، ص 129.
18 الميلود بن قويسم الهدار، التحقيق المتكامل في تاريخ سيدي نايل وما جاورهم من القبائل، ج 3، الجلفة، الجزائر، ط1، 2006، ص 13.
19 على الجاموس، المرجع السابق، ص 120.
20 سورة النساء، الآية 128.
21 سورة النساء، الآية 114.
22 بن سالم ليليا وآخرون، المرجع السابق، ص 170.
23 معن خليل العمر، الضبط الاجتماعي، دار الشروق للنشر والتوزيع، الاردن، ط1، 2006، ص 25.
24 المرجع نفسه، ص 178.
25 لفظة محلية تعني الفرقة وهي تقابل العشيرة.
26 محمد عباس ابراهيم وآخرون، المرجع السابق، ص 18.
27 حسان الجيلاني، التنظيم والجماعات، دار الفجر للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، ط1، 2008، ص 132.
28 عبد الرحمن العيسوي، تفاعل الجماعات البشرية، الدار الجامعية، الاسكندرية، مصر، 2006، ص 83.
المراجع:
القرآن الكريم.
بن سالم ليليا وآخرون، الأنثروبولوجيا والتاريخ، حالة المغرب العربي، ترجمة عبد الاحد السبتي وعبد اللطيف الفلق، دار طوبقال للنشر والتوزيع، الدار البيضاء المغرب، ط2، 2007.
حسان الجيلاني، التنظيم والجماعات، دار الفجر للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، ط1، 2008.
سيد محمود الطواب، علم النفس الاجتماعي (الفرد في الجماعة)، دار المعرفة الجامعية، الاسكندرية، مصر،2007.
عبد الرحمن العيسوي، تفاعل الجماعات البشرية، الدار الجامعية، الاسكندرية، مصر، 2006.
عدنان يوسف العتوم، علم نفس الجماعة، إثراء للنشر والتوزيع، الاردن، 2008،
علي الجاموس، اصلاح ذات البين، الدار الدمشقية، دمشق سورية، ط1، 2006.
فوزي مجمج، حياة الترحال بين الاستمرار والزوال، مذكرة مكملة لنيل شهادة الماجيستير في الانثروبولوجية الاجتماعية والثقافية، جامعة قسنطينة، 2010
فوزية دياب، القيم والعادات الاجتماعية، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت ،1984.
محمد سعيدي، الأنثروبولوجيا بين النظرية والتطبيق دراسة في مظاهر الثقافة الشعبية في الجزائر، أطروحة دكتوراه في الأنثروبولوجيا، جامعة تلمسان، 2006.
محمد عباس ابراهيم وآخرون، التنشئة الاجتماعية، دار المعرفة الجامعية، مصر ،2005.
مصطفى بوتنفوشت، العائلة الجزائرية، ترجمة دمري أحمد، ديوان المطبوعات الجامعية، 2004.
مصلح الصالح، الضبط الاجتماعي، الوراق للنشر والتوزيع، عمان، الاردن، ط1، بن عكنون، الجزائر،1984.
معن خليل العمر، الضبط الاجتماعي، دار الشروق للنشر والتوزيع، الاردن، ط1، 2006.
موريس أنجرس، منهجية البحث العلمي في العلوم الانسانية، ترجمة بوزيد صحراوي وآخرون، دار القصبة للنشر، الجزائر، 2004.
الميلود بن قويسم الهدار، التحقيق المتكامل في تاريخ سيدي نايل وما جاورهم من القبائل، ج 3، الجلفة، الجزائر، ط1، 2009.
نبيه ابراهيم إسماعيل، الانسان والسلوك الاجتماعي، مركز الاسكندرية للكتاب، الاسكندرية
الصور
من الكاتبة