فولكلور المطر في الذاكرة اليمنية
العدد 11 - عادات وتقاليد
يامن الجود جودك
يا محنحن رعودك
ياتواب توب علينا
وارحمنا وانظر إلينا
واسقنا الغيث يا لله
سأورد حدثاً واقعياً من خلال زيارتي الميدانية في بعض أرياف اليمن قبل سنين .. ففي أحد الأيام زرت بعض أرياف محافظة "المحويت» وكانت أيام«جَحر» أي أيام جفاف وقحط ، كانت الأرض جرداء ، بعض الحقول مات الزرع فيها ، وبعضه في طريقه إلى الهلاك .. كانت نفوس الناس ضيقة حد الحزن والموت ، البؤس كان سيد المكان..
وبينما كنتٌ أتبادل الحديث مع الأهالي حول بعض مواضيع التراث.. الزوامل، والمغارد، والأهازيج، وهل ممكن يحدثوني عنها.. استخفوا بما طلبته وسمعت تعبيراً شعبياً ساخراً يستهجن ما أطلبه: (يزكينا عقولنا) كما تقول التعابير الشعبية. فكيف لإنسان عاقل يرى هلاك الزرع، ويطلب من الناس الحديث عن التراث، والغناء ليقوم بالتسجيل.
في أحد أيام الصيف – قبل سنين أيضاً - توجهتُ إلى أرياف محافظة «ريمة « وكانت المنطقة قطعة من الجنة، وأنت تدلف نحو مديرية «الجَبين» تهتز مشاعرك وتخضل وأنت تسمع صوت النساء قبل الرجال تشق الجبال، تغني، تهجل، تضحك ظهور هم قبل وجوههم.
كانت تلك الأيام أيام الغيث، اخضرت الأرض والنفوس في ريمة، وأيبست حد الموت في المحويت.
هذه هي لغة الماء، الغيث، المطر، المورد، المنهل، الكوثر، السلسبيل.. الخ.
حيثما يوجد الماء، توجد الحياة تنتعش النفوس بالخضرة لتكون سيدة الفرح، سيدة الخصب، خضرتها اخضرار الأرض ، وضحك الحقول.
ولأنها كذلك حملت أسماؤنا إناثاً وذكوراً العديد من أسماء الخضرة والماء ك: مزنة، غيث، مطرة، مطر، سلسبيل، كوثر، مُزن، بارق، رعد، ماجل، ثلج، وثلجة..الخ
الماء البداية والنهاية، من أمزان السماء وطين الأرض الندي، نوجد أو لا نوجد. فالأديان السماوية وغير السماوية والفلسفات كلها صبت فلسفتها ومبدأ الوجود، بالماء فالقرآن الكريم يقول «وجعلنا من الماء كل شيء حي»، بل إن المطر كان يعد من بين معبودات الإنسان البدائي(1) ويقال في هذا الصدد إن «قبيلة تشنتشو، هو الإله «بجافنتارو« ويقال أنه يسكن السماء ويتحكم في الرعد والمطر»(2)
وإذا ما عرجنا إلى الفلسفة، نجد الفلاسفة العظام ما قبل سقراط قد حددوا أصل ووجود الأشياء بواحد، هو الماء، فطاليس أبو الفلسفة ومؤسسها قامت فلسفته على أن أصل الأشياء جميعاً هو الماء، وكل شيء يعود إلى الماء.
وكذلك قال الفيلسوف امباذوقليس عندما بنى فلسفته على العناصر الأربعة، فقال: إن تنوع الأشياء في الطبيعة يرجع، إلى هذه العناصر، أحد هذه العناصر هو الماء.
وفي الميثولوجيات و أساطير الشعوب، بالماء تحيا الأكوان، وتهلك بانعدامه، ورأينا الآلهات كيف تتصارع على المحيطات، والأنهار.. كيف تنتصر بامتلاك مفاتيح الماء، وكيف تعاقب بانعدامه أو بإهلاكهم عبر الطوفان.. الخ
وفي الحكايات الشعبية والأساطير، رأينا ماء الحياة التي تعيد الحياة للموتى أو للمرضى، فعبرها تشفى الأمراض والعلل، تعيد الأبصار، وتكسب الإنسان الخلود ولنا في أسطورة «عشتار» خير دليل على ذلك، والحكايات لـ«ماء الحياة»: المنتشرة عند شعوب العالم.
لكل شعب من شعوب الأرض، بحار ومياه، وأنهار، وينابيع قدسية كانت السبب في خلقهم، وخلق عوالمهم وأكوانهم..
قرأنا في كتب التاريخ عن العديد من الحضارات الإنسانية كيف أخصبت وخُلدت، لأن الماء كان أساس وجودها، وكيف انهارت وزالت وكان الماء هو سبب هلاكها وزوالها، ولنا في حضارة سبأ خير دليل، كيف استطاعت هذه الحضارة ببناء السدود أن تعمر حضارة إنسانية مازالت شواهدها قائمة حتى الآن.
الاستسقاء:
في أساطير الخلق ونشوئها كان الماء هو الخالق لعالم السماء والأرض، رأينا كيف ضحكت السماء وسُرت الأرض، فأكرمتها بنعيمها من المطر، وكيف يكون هلاكها بغضب السماء، فأحجمت عن المطر.
في معتقداتنا الشعبية يشتد القحط عندما تغضب السماء، ويكثر شرور البشر في الأرض فيكون العقاب إما بالطوفان، وإما بالجفاف والهلاك فتمحق الأرض والممالك والحضارات.
فكلما وجد الغيث دل ذلك على أن السماء راضية على من في الأرض، أي أن الممالك والبشر يعيشون حياة طبيعية، ينعمون بالخير، ولا يغضبون الإله.
الوعي الشعبي يؤمن ويردد في حياته اليومية أيضاً، أن طغاة السياسة والممالك هم أكثر من يغيثون الأرض خضرة وخصوبة، وهم أكثر الناس إمحاقاً لها، فيقولون في بلادنا:
يا ملك الملك
من تعظم هلك
ياقريب
يا مجيب
سائلك ما يخيب
لذا كان الاستسقاء والعديد من الطقوس فرصة للتخفيف من الذنوب والتقرب إلى الله أو الآلهة، فيسارع الإله بنجدتهم ويسقيهم الغيث.
واليمن مثلها مثل كافة شعوب البشرية عرفت العديد من الطقوس لجلب الماء/المطر وهو الاستسقاء، ويعد أحد الطقوس القديمة التي مازالت كثير من الشعوب تمارسه حتى يومنا هذا، أكانت هذه الممارسة رسمية أو شعبية..
فمثلاً: جرت العادة أن يدعو أحد كبارات المنطقة المعروف عنهم قوة الإيمان والتقوى والصدق يتقدم الجموع الهلعة،فبعد الصلاة في الجامع أو الجبانة وعادة ما يكون بعد صلاة الجمعة.
في مناطق كصعدة – جبال الأزد – كما رأيت قبل عقدين من الزمن الأطفال هم من يتقدمون الموكب فيخرجون رافعي الأيدي،فترتفع أصوات الجميع مهللين مكبرين خاشعين، باكين، لله سبحانه وتعالى.. لماذا الأطفال، ولماذا الإنسان الولي أو الورع والتقي هم من يتقدمون موكب الاستسقاء ؟ يقال إنهم أقل خطايا، وأكثرهم براءة، وأياديهم بيضاء، لم تتنجس بالشرور.
والاستسقاء نوع من الاستجداء والتذلل لملكوت السماء، طاقات مشحونة بالانفعالات والعواطف للاتحاد بالذات الإلهية، تسبقهم الدموع، بأن تنظر إلى حالهم، فيشملهم الله برحمته ويتوب عليهم، كـ:«يا تواب توب علينا، وانظر إلينا، لا تغفل عين الرحمة، اشملنا بالنظرة الواسعة، والغفران الأكبر.. الخ.
يقوم المستسقون بأخذ حيواناتهم من الأبقار والمواشي، وفي بعض الأحيان الإبل عند البدو، ويقومون بنحرها في أماكن لها طابع القدسية في بعض المناطق، كأضرحة أولياء الله الصالحين، أو أعالي الجبال، أو عند الأشجار المقدسة، فينحرونها، ويتركونها غذاء للحيوانات، ويتضرعون قائلين:
يا رحمن يا رحيم
يارب العالمين
يا الله اسقنا الغيث
جل جلالاك يا مولانا
واحنا(3) عبادك لا تنسانا
يارحمن
أنت الرحيم
هذا الطقس، نجده، ربما آت من طقوس الاستسقاء التي وصفها وهب بن منبه في كتاب الهام التيجان، فمازال معمولا به في كثير من مناطق اليمن بنفس أوصاف ابن منبه، مع التغيير في التعابير بعد الأدعية.
قال وهب: وإن الله تبارك وتعالى رفع عن عاد الغيث عامين العامين اللذين هادنوا فيها هوداً فهلكت زروعهم، وأسرع الهلاك في جناتهم، وهلكت أنعامهم، وأسرع الهلاك في أموالهم، فأتوا إلى ملكهم عاد فشكوا إليه ما نزل بهم فقال:
استسقوا فقصدوا شيخا لهم يقال له قيل بن عنز، كان طلق اللسان خطيباً فقدموه وخرجوا خلفه فأنشأ أبو الهجال يقول:
ألا يا قيل ويحك قم فهيم
لعل الله يسقينا غماماً
فيسقي أرض عاد أن عاداً
قد أمسوا ما يبينون الكلاما
فما ترجو بها غرساً وزرعاً
ولا الشيخ الكبير ولا الغلاما(4)
وربما أتى هذا الطقس من بقايا الميثولوجيات البدائية،فعند عرب الجاهلية نجد طقساً هاماً يسمى بنار الاستمطار، بتقليد (التسليع) كما يوردها د/محمد عجينة في موسوعة أساطير العرب «فإذا أجدبت الأرض وأمسكت السماء وانحبس المطر عمدوا إلى السلع والعشر (نوع من أنواع الأشجار) وربطوها في أذناب البقر وأصعدوها إلى جبل وعر وأشعلوا فيها النيران ضاجين بالدعاء والتضرع»(5).
من خلال النصوص التي قمت بتجميعها على مدى عقدين من الزمن، نجد النص الواحد يحتوي على الكثير من أدوات النداء (يالله، يا سامع دعانا، يا تواب، يا رحمن، يا سريع الغارات، يا مجل الهم.. الخ)، وهذه النداءات هي استغاثات تتكرر داخل النص الواحد، دلالة على حجم الكارثة التي ستنزل بهم إذا أحجم الله عن إنزال الغيث، نتيجة الأسباب التي ذكرناها – آنفاً - في طقوس التسقي. للحيوانات نصيب كبير فهي تحمل الكثير من الدلالات، ليس فقط أنها تقدم كأضحية (لأن الحيوانات وخصوصاً الأبقار تحمل دلالات الخصوبة) بل ولأنها تعبر عن الحالة الإنسانية، باعتبارها كائنا حيا مثلها مثل الإنسان، ولأنها أيضاً حيوانات غير ناطقة (عجماء) فيعبر عنها، أو ينوب عنها بالدعاء ويقول:
اسقي العجماء
عاطشة للماء
جاوعة(6) للمرعى
ويصور المستسقي حالة الحيوانات بطريقة تراجيديا.. حيث الألم والمعاناة، وكأنه يصور حالته أيضاً فتقول النصوص:
نزلت تشرب ( أي العجماء)
وان ما بش(7) ماء
نزلت تبكي
فوق قبر النبي
فهل العجماء هي نفسها شخصية «البهلول» التي ترد الحكايات الشعبية عنه:«أنه دخل مدينة أسلع» فجادتها السحاب بعد جدب سبع سنوات، وكان سبب جدب تلك المنطقة ما رواه أهلها أربعة من قطاع الطرق، وعندما دخل «البهلول«ضعف قطاع الطرق وماتوا فجأة، فنولت الأمطار»(8)
بعد الانتهاء من طقوس التسقي، تلوح في الأفق بشائر «السحاب السود» فيقول شهود أعيان، كبار السن، ممن تسقوا، وقابلتهم في بعض المناطق، ويحلفون بأغلظ الأيمان أن أول ما تنتهي طقوس التسقي، وهم في طريق العودة إلى بيوتهم، إذا بالغمامات السوداء تغطي السماء، و ترعد البروق، وينهمر المطر غزيراً، ويصفون الإعجاز الإلهي، أن سيولا تأتي تروي عطش الأرض والنفوس، وعلى قدر الخشوع، والتوبة، وقلة شرور البشر والنية الصادقة للتوبة، يكون الغيث وحجم السيول.
استجابة السماء دليل على التصالح بين البشر والإله، أي بداية صفحة جديدة من فصول الخصوبة.
الوعي الشعبي الفطري يردد يومياً، كيف كان الله يسرع بالاستجابة لنداءاتهم ودعاهم، ويرجعون السبب في ذلك إلى: أن نفوس الناس زمان، كانت بسيطة، عامرة بالمحبة وخالية من الشرور وآثام هذه الأيام، بل ويقولون عن جفاف وقحط هذه الأيام إن الشرور تضاعفت، والله غاضب وساخط علينا، ولا يلتفت لدعائنا حتى ونحن في قلب المساجد الفارهة، ويضيفون إن المفاسد قد أطبقت على كل تفاصيل الحياة.. بل ويرعدوننا بالخوف، إن هذه البداية، والمحق الأكبر آت لا محالة، فيا:
مولانا.. يا مولانا
يا سامع دعانا
برحماك يا محمد
ما خيب رجانا
مولانا نسأل رضاك
وببابك واقفين
من شيرحمنا(9) سواك
يا أرحم الراحمين
السحائب السود:
للسحاب لغة تعرفها الطبيعة ويعرفها الإنسان، وللسحاب ألوان، يحمل كل لون منها العديد من الدلالات والرموز، فالسحابة البيضاء لها معنى، وللسحابة السوداء، رمزها الخاص بها، تختلف باختلاف ثقافة الشعوب.
للسحابة السوداء – الغمامة السوداء في الحياة اليومية، وفي المخيلة الشعبية معنيان.
المعنى الأول: سحابة سوداء، سحابة خير، تأتي محملة بتباشير الخصوبة.. المطر –أما المعنى الآخر للسحاب، فسنستعرض جزءا منه في حلقة مقبلة.
فحين تلوح في الأفق سحابة سوداء، يعني أن خيراً سيغدق على البشر والأرض:
سحابة الخير خضراء راوية
شا بشر(10) الخلق بالمطر والعافية
أو
ياسحاب يا سوداء
بشرينا بالماء
تسقي العجماء(11)
عاطشة للماء
وفي أحد المهاجل الزراعية لحكيم الشعب، علي ولد زايد، يتحدث، عن الهيج أو الهجوة، وهي الغيوم،الحاجبة للشمس، وهي تباشير هطول المطر، فيقول:
الهيج لا يرمي الشمس
فابشر بغزر المطارة
ويقصد كما يشرح د/حمود العودي.. إذا كانت السحب في الصباح تتحرك بكثافة في الجو نحو قرص الشمس... فذلك بشير شبه مؤكد بهطول الأمطار في هذا اليوم(12)
بجانب السحائب السود المبشرة بالغيث والخير القادم من السماء، هناك أيضاً الراعد، والبارق، كمؤشرات أخرى للغيث، فيقال في بعض المناطق ب: راعد الصيف هل – أي حل «كون الأمطار في اليمن تسقط صيفاً، ولا ننسى قوس قزح علامة للخير أيضاً.
بارق برق من سايلة(13)
والرعد وصل صاهله
على حجار السايلة
أو
يا راعد الصيف
تعال وابصر
ما جرى لنا كيف
أو
أو حين يدكم(14) الرعد والمطر يهمل(15)
من عرض قبلة و«رازح« والجبل(16)
سحائب الخصوبة، أو السحابة السوداء، لا نجد التغني بها فقط في الأهازيج الخاصة بالمطر، لكن قد نجدها في أغاني العرس، وأغاني الختان،..الخ فعلى سبيل المثال القصيدة المشقاصية(17) فتقول:
وأحد يارب، يا طهوب شوير
ويا محول بشارة منها تجاوير
طُهبي اليوم صبح م العين، عامل حيير
الرعود فيهن تردان، إن تقول تعاشير
والسحب كما مصبون، روى في جوبه وزير
قصيدة الختان هذه محملة بدلالة سحابة الخير المحملة بالمطر (طهوب) والـ«الشوير» صفة السحابة الممطرة، كما يشرحها الأستاذ الملاحي.
أشجان السحائب السود:
تلك تباشير سقوط المطر، وبسقوط المطر، هناك العديد من الأعمال الشاقة للفلاح/ اليمني، حيث يسارع إلى النزول إلى مدارب السيل، والحقول، والجرب بكامل عدته: من مفرس، ومجرف.. الخ، فيبدأ عمله وتوجيهه لسير الماء، لتروي الحقول الأخرى.
جو أهل الجرب جو
بالمفارس والمجارف جو(18)
في الأهازيج الخاصة بالمطر أكانت تلك الموثقة منها، أم تلك التي لم توثق بعد، تبدأ أو تُستهل بلفظة «شن».
شن المطر وشنته غزيرة(19)
على حدود الدار والوعيدة
**
شن المطر واسقاش يا بلادي
واسقاش يا صنعاء جربة ووادي(20)
يرتبط شن المطر، ذلك الهثيم بالحالات الوجدانية للإنسان، فبشن المطر، يتذكر المغترب بلاده وأهله واللحظات الحميمة، وكذلك المرأة تتذكر أحباءها، والكثير من تفاصيل حياتها، حيث تهجل، قائلة:
شن المطر واظلم على بلادي
شا موت غريب لا هلي ولا خواتي(21)
**
شن المطر والطل والزنينية(22)
وانا مريع لامي(23) الضنينة
**
شاحن لي مادام قلبي أخضر(24)
ما دام أرض الله تزرع وتمطر
أماني ماطرة:
كثيرة هي الأماني الخيرة التي ترتبط بالمكان كأن تقول:
يالله بالمطر من طالع
يسقي «قعطبة» و«الضالع»(25)
**
أو يالله بالمطر من «ريمة»
يسقي «ذي السفال« و«الحيمة»(26)
هذا في الوعي الشعبي اليومي، لكن للسحابة السوداء نذير شؤم في بعض الكتب، فالحكاية الشعبية الشهيرة الدجرة، السحابة السوداء التي خبرت عنها روح الأم، أثناء زيارتها لإبنيها في الجرف الموحش، فبعد أن أدميت روحها من أشواك الخالة الشريرة، قالت: فاذا رأيتما سحابة بيضاء طلعت منه فانتظرا مجيئي، واذا رأيتما سحابة سوداء طلعت منه فلا تنتظراني، ولا تبقيا في هذا الجرف الموحش»(27)
ثم أن عادا أرسلت هوداَ فشكت إليه مانزل به من القحط، فقال لهم هود أن: الله يرسل عليكم ثلاث سحابات: سحابة صفراء، وسحابة حمراء، وسحابة سوداء، ويخيركم في إحداهن فاختاروا لأنفسكم ماشئتم ؟ فرجعوا إلى قومهم فأعلموهم بقول هود. ثم إن الله أرسل ثلاث سحابات: سحابةصفراء وسحابة حمراء وسحابة سوداء فأقامت عليهم ثلاثة أيام معلقة من جهة المغرب فأرسلوا إلى هود: أنا قد اخترنا السوداء، ولا حاجة لنا في الصفراء والحمراء. قال لهم: إن الله يرسلها عليكم واضمحلت الصفراء وذهبت ثم تبعتها الحمراء فذهبت، ثم أرسل الله عليهم ريحاً صرصراً أحمت الشجر ولونت الزرع، إلى أن يقول في موضع بعد إرسال الريح الصرصرلتمام سبع ليال وثمانية أيام فأهلك الجبال وخددت الأرض، وحطمت الشجر وأخذت الحجر.. قال وهب: وإن الله أنزل على هود أربع صحف، ثم أن الله تبارك وتعالى قبض هوداً بالأحقاف بموضع منه يقال له الهنيبق بجوار الحفيف فإن نهر الحفيف أخرج الله فيه الماء المعين، وغرست فيه الثمار من يوم أخرج الله فيه آية هود.(28).
المطر في الأمثال الشعبية:
«من حبه الله سقاه»
مثلما تغنت الأهازيج الشعبية بالمطر، كان للأمثال الشعبية نصيب لا بأس به من التعبير عن لغة السماء «المطر».
وبما أن الأمثال الشعبية تمتلك خصيصة أن قائلها فرد مجهول إلا أنها عبرت عن الروح الجمعية، فخصت المطر مثله مثل الظواهر الإنسانية والطبيعية التي حاكتها الأمثال الشعبية، فأتت أمثال المطر إما مستقلة به كظاهرة طبيعية، وإما كحدث أو كمطر يصاحب العديد من الأعمال الزراعية، أو يتضمن أحوالا وقيما اجتماعية..الخ.
من خلال قراءتي لمجموعة كبيرة من الأمثال الشعبية للأساتذة الأجلاء: إسماعيل الأكوع،في جزئيه الأمثال اليمنية، أو حكم وأمثال شعبية لعبد الرحمن السقاف، أو 200 مثل من حضرموت لحسن بن طالب العامري أو تلك التي جمعها مطهر الإرياني في معجمه «في اللغة والتراث»، والثروة اليمنية للشيخ الأديمي. كانت الأمثال الشعبية الخاصة بالمطر، تخص تلك الأحوال السابقة الذكر بتصنيفاتها المختلفة.
عبر هذه الحكمة المختزلة «الأمثال: نرى كيف عبرت عن الحس الشعبي للهم اليومي للإنسان، وارتباطه بالطبيعة، وبما حوله، وما يأمله من الغد.
ويستطيع الباحث من خلال الأمثال أن يرصد العديد من الظواهر الاجتماعية، ويحلل أحوال الناس آنذاك، وكذلك الباحث في اللهجات سيجد ثروة تعينه على بحثه من خلال الأمثال.
«من حبه الله سقاه» هذا المثل أبلغ حكمه لعلاقة الله بالإنسان والعكس، حب الله للإنسان يتمثل بأن، يمطره، ويسقيه، ويسقي من حوله، والعكس إذا ما غضب الله من الإنسان يحجم عنه المطر فيهلكه عطشاً وجفافا أو يمطره طوفاناً، وغرقاً.
لذا تسارع البشرية لإيجاد وسائط مقربة للإله أكانت عبر الكهنة، أو عبر تقديم القرابين أو عبر السجود والتهليل والتكبير ليوصلوا رسالة إلى الله أن يحبهم ويغفر لهم، أي أن يسقيهم.
اللغة الحية، المطر، الماء، لا تستقيم أية حياة بدون هذه اللغة التي تفهمها كل الكائنات، رأينا أمثالا لها طابع المفاضلة للتخيير بين موتين: الموت غرقاً، والموت ضمأً وعطشاً، فتقول الأمثال الشعبية «غريق الماء، ولا غريق الضمأ»..
وبجانب الأمثال الشعبية المختزلة، نجد بعض الأمثال التي لها أصل حكائي، أي بقايا حكاية شعبية، لازمت المثل، «قبة ما، ولا قبة ذهب» ويخبرنا هذا المثل المنفعة الجمعية للماء، بينما الاستفادة من الذهب تكون لمالكه،وعادة ما يكون لفرد، ملك أو غيره. وتقول الحكاية كما يرويها أستاذنا الجليل الأكوع(29) أن أحد الأجانب سأل الإمام يحيى حميد الدين، كم تملكون من الذهب، فملك بريطانيا لديه مقادير هائلة منه، فأجاب الإمام يحيى إننا نملك جبل نقم حب، وملك بريطانيا يأكل له ذهب»
قبة الماء هي التي أتت بمدافن الحب في جبل نقم،وقبة الحب تحيي، أما الذهب لا يحيي، فما نفع ذهب بلا حبوب، أي بلا ماء.
أمثال زراعية:
أمثال المطر، غنية كخصب المطر، لغات حوارية بين المطر، والفصول، بين المطر والبذار، و«التلم»(30) والأدوات الزراعية، والمحاصيل والثمار، والحيوانات.. الخ. ولا يكتفي القارىء من أول وهلة ليقرأ المثل، ويقتنع بأنه خاص بالزراعة.. الخ، بل يتضمن مواقف اجتماعية ناقدة، ساخرة في بعض الأحيان:
«مطر الشتاء يخدع الصيف» المخاتلة بين الفصول، بين الفصل الأقوى والثابت لموعد نزول المطر الطبيعي «الصيف، وبين سقوط المطر في فصل عارض «الشتاء». أو «مطر شباط ما بوه غباط»(31) وكأنه صراع أزلي بين شباط، والخريف، والصيف، ويقال أن المطر الذي يأتي في شهر شباط، لافائدة منه أي «غباط».
مطرة حامس:
هي أمطار تحمل دلالة الخصب والغلة المثمرة، وسقوطها على المحاصيل يجعلها محاصيل غنية، فضلاً عن جودتها و لمعانها، ولذا يقال أن محصول الذرة إذا ما سقطت عليه تكون لا معة «لامص» والمثل الشعبي يقول: «مطر الحامس، يرد الخريف داعس، والذرة بتلامص»(32) واختزل هذا المثل الطويل ب «مطرة حامس» ويعرف الناس، خصوصاً الفلاحين، ما المقصود بهذا المثل.
عند قراءة هذا المثل، وكأننا أمام حكاية شعبية فيها أقطاب تتنافس، أقطاب خيرة، وأقطاب تستنفذ هذا الخير، وتمنعه، وكيف يأتي المُخلص «مطرة حامس» الطاردة لخريف بأن تجعله يدعس ويفر، وأن يتوج المحصول « الذرة» بفرح فتزهو متلألئة بلمعانها، فحيثما تحل مطرة حامس، يكون الخير، ونشوة الفرح.
عية الخريف:
شبح الخريف، نجد أمثال المطر، لا ترتاح لمجيئه، وهي تطرده، عن أعقابه عبر مطرة حامس، أو عبر حلول الصيف...
فيقال في حضرموت «مطر الخريف عيه» أي مرض لما يحتوي هذا الفصل من أعاصير، ورياح..الخ
قدوم مطر حامس، قدوم الإنسان الكريم الحامل للخير، البطل الذي يحل الخير أينما يوجد، وقدوم الخريف، قدوم الزمهرير، أي «عية».
وهذا المثل يؤكد ما للخريف من هم على قلوب الناس، والفلاحين على وجه الخصوص : «كفاك الله شر جوع الصراب، وعطش الخريف»(33).
قطرة.. وسيل:
دوماً نسمع الأمهات ينصحن أبناءهن عند تبرمهم من أي شيء قليل، فنجدهن يقلن «مطرة، مطرة، تصبح سيل» فالخير الكثير يأتي من الشيء الصغير الذي نراه أحياناً تافهاً أو حقيراً.
فالمثل «ما سيل إلا من مطر، أو من جبل» فحجم السيل وجد من مطر، وأشد السيول تلك التي تأتي من المرتفعات، الجبال.
وتقول الأمثال أنه كلما تباطأ المطر كانت غزارته أقوى، تصبح سيلاً: «ما يبطئ السيل إلا من كبره» فلا نستهين بالقطرة، ولا بالتأخير والبطئ.
وهناك أمثلة تنم عن حال معيشي، فيقال: ما كل برقة ماطرة «هي نفس ليس كل ما يلمع ذهباً»، أو مثل «مطر الشتاء يخدع الصيف»، فالعبرة بالخاتمة.
وسنجد مثلا يتماشى مع الأمثال السابقة، من أن المطر السريع أو الكبير الحجم الذي يسقط في ليلة واحدة، لا يمكن أن يكون سيلاً، «مطر ليلة ما تلقى سيول» ومن ثم لا خير يرجى منه. بينما، قطرة، قطرة باستمرارية، تكون سيلاً. الانقطاع/الاستمرارية، الثابت / المؤقت، القليل /الكثير، السريع / البطيء، هذه التضادات هي الحكمة الشعبية التي تستوعب كل تناقضات البشر في معظم الأمثال الشعبية التي ترجمت وجدان البشر.
الصيف والقيظ:
مثل آخر نعرف من خلاله حالتي العمار والخراب، البناء والدمار، البناء الذي ينمو ببطئ، وقطرة، قطرة، وبالقليل ليصبح كثيراً، فيأتي مطر ليلة، أو مخرب، بطل من الدمار، يدمر كل السيول التي تراكمت على مدى آلاف السنين، وهذا المثل أبلغ لما نعيشه في بلادنا فمخزون المياه الجوفية من آلاف السنين يهدر بعشوائية من قبل قلة من المستنفعين لمصالح آنية، لتكاثر زراعة المستبد الأعظم «القات».
فيقال: «مطر الصيف بكلا كله، وجاله يوم من أيام القيظ وكله»(34) فالخصب والعمار، وجودة الثمار، وملامصة الحبوب والمحاصيل الذي يأتي به مطر الصيف، يأتي ظرف يوم من أيام القيظ ويلتهمه، الدمار الذي يأتي فردا، قائضة، لعمار دهر، يحمل نفس مدلول:«مخرب غلب ألف عمار».
من خلال أمثال المطر، نرى مدى استيعاب اليمني لمواقيت الزراعة، وحرصه على تنفيذها، ليحصد الخير الوفير، فهذا المثل: «كل المطر يزرع الحب، غير المتالم لها أوقات» أي مطر سينبت زرعاً، لكن البذار في الأوقات تعرف ماهو محصولك، كيف سيكون.
وطلة الخير:
وطلة الخير، أو قطرة الخير، النطفة، المطرة، كلها بمسميات واحدة، وأمثالها الخاصة بالوطلة كما رصدها مطهر الإرياني. في معجمه، لكنها تحمل مضامين مختلفة.
فهذا المثل: «من الواطلة لا تحت الميزاب»(35) أي من الشيء الصغير القطرة / الوطلة، إلى الأكبر، الميزاب الذي ينهمر بالماء.
أو المثل «وطلت من حيث الكنان» حيث المكان الآمن «الكنان» يكون هناك الشر اجتماع النقيضين.
ومثل آخر: «من تِسمع الواطلة خزقت أذنه» التعود على سماع أخبار الناس، أو ترصد سفاسف الأمور، تخزق / تخرم الأذن، فسماع الوطلة تصيب الإنسان بالانزعاج، ويقال أن من أدوات التعذيب للسجناء أن يجعلوا السجين يستمع إلى قطرات الماء، توطل في الإناء.
فرح الرٌباح، والعزيق:
ونحن صغاراً عندما نرى سقوط المطر، والشمس ساطعة، تقول لنا الجدات إن اليوم يوم الرباح (القرود)، أي أن هذا الطقس لزواج الرُباح، بمعنى أعراس الخصوبة للإنسان والحيوان تحل أينما يحل المطر أكانت السماء ملبدة بالغيوم أو السماء مشرقة، والمثل الشعبي يعزز هذا المعتقد «مطر وشمس يا فرح العسيق» /أي الثعلب. فمن «حبه الله سقاه».
أهازيج المطر عند الأطفال:
يامطر أمطر
والشعير والبر
والذرة تكبر
في جبا المنظر
أرواح الأطفال تسكن في المطر، تلتحف بقوس قزح.. هكذا تشي الميثولوجيات القديمة، ففي الأساطير الألمانية النمساوية يقال أن أرواح الأطفال تنتقل إلى السماء بواسطة، يقودها أدلاء من الملائكة.
رأينا كيف حفل القاموس الفلكلوري للمطر بطقس الاستسقاء، كيف كان الأطفال يتقدمون موكب الاستسقاء يفتحون أكفهم وأعينهم للسماء ويترنمون بالذكر، يناجون الغيوم بأهازيج خاصة بالمطر، ولأن الأطفال هم الطهر، فالله يستجيب لهم.
كل من الماء والطفولة لهما صفة الطهارة، وحضور الأطفال حضور للمطر والخصب، حضور لبراءة النفوس التي لم تتلوث بعد.
فلكلور المطر،لا نجده فقط في الأهازيج الخاصة به، لكن سنجد ألفاظ وتعابير المطر، في أكثر من نوع فلكلوري، في الألعاب الشعبية للأطفال، وألغازهم، وأغانيهم المختلفة، على سبيل الذكر، معظمنا يتذكر الأهزوجة:
واحمامة سودي نودي
سلمي على سيدي
إلى...
والحشيش بالجبل
والجبل يشتي مطر
والمطر من عند الله..الخ
ونتذكر التقليد الممارس بين الأطفال لبدء اللعبة، وأي الفريق يبدأ، فالحكم يكون بالحجر المسطح الذي يبلل وجهه الأول،ويسمى«ساق»، والوجه الآخر يكون جافاً ويسمى «ضاح»، ويختار أحد الفريقين إما الساقي، وإما الضاحي.
فالساقي والضاحي، وجهان للظواهر الطبيعية، المطر والجفاف.
حسين ياحسين
يا نادش القعشتين(36)
والقعشتين راوية
أروى من الساقية
الأطفال جزء من هذا العالم، بل من هذا الكون، فيتفاعلون مع كل من حولهم، والظواهر الطبيعية هي جزء من هذا التفاعل، فبالحركة والإيقاع والدندنات، والسرديات.. يصنعون عالمهم الفسيح. يستقبلون الشمس بأهازيج خاصة بهم، ويدعونها بأهازيج، ينشدون للربيع، والزرع والأزهار، وللحيوانات.
حس جمالي يتنامى عبر الترانيم التي يبتدعونها لأنفسهم من المخزون الجمعي، من الأب والأم والجدة.
هناك مئات الآلاف من أهازيج المطر الخاصة بالأطفال، والكثير من الشعوب سارعت لتوثيق هذا التراث الخصب الذي يشكل ثقافة البلد.
أهازيج المطر الخاصة بالأطفال في بلادنا للأسف اندثرت قبل أن يوثق منها، وما وثق منه قطرة في بحر، لذا يجد الباحث في مجال التراث الشعبي اليمني، مشقة كبيرة، لعدم وجود المادة، وإن وجدت الشذرات منها فهي ما تزال رهينة أذهان الأجداد والجدات الذين يموتون، وتموت معهم خزائنهم.
ما استطعنا أن نجمعه من هنا وهناك يظل قليلاً جداً جداً، سنختار بعض النماذج، لنتعرف كيف يستقبل الأطفال طقوس الخصوبة والحياة: الماء، المطر ؟
يا مطر امطر
على الجبال وأغزر
أو
يالله بسيل ينزل
يسقي الذرة والبر
أو
كما يقال في لحج، وبعض المناطق عند سقوط المطر: واسيلوه
أو في عدن:
يمطر.. يمطر
في السلة
عيشة ومريم
تحت الله
أو في الحديدة تهامة:
يا الله بالمطر
حاليو كمعسل
بنتغذاء هريشو
ونتعشى بالبصل(37)
عند قراءة نصوص الأهازيج، نستشف العديد من التقاليد، والحالة الاجتماعية، وكذلك نوعية الاقتصاد الغذائي، داخل متن الأهزوجة، فعلى سبيل المثال:
في النصوص الخاصة بالمطر نستطيع أن نتعرف على المحاصيل الزراعية في اليمن، وعلى ماذا يعتمد الناس من خيرات الأرض، في كل من منطقة: أكانت ساحلية، جبلية، صحرواية..الخ، تبعاً للأهزوجة التي قيلت فيها.
يامطر امطر
قا معي مشقر(38)
والذرة والبر
والشعير يهجر(39)
ذبحوا البقرة
تحت الشجرة
ودعو لله
والسحاب هملة(40)
هذه الأهزوجة آتية من محافظة (اب) فالذرة والشعير والبر هي المحصول المهم في منطقة اب والكثير من مناطق اليمن، ونتعرف على النص السابق من منطقة تهامة على الوجبات الشعبية (هريشو/الهريش)، ثم نتعرف على طقس من طقوس جلب المطر وهو الاستسقاء (ذبحوا البقرة، تحت الشجرة) والتي كنا قد تطرقنا لها في الحلقة الأولى، عملية الأضحية يلازمها الدعاء لله، وبعد الانتهاء من المراسيم، فالسحاب تهمل، تمطر / تنهمر.
سنرى أيضاً من ثنايا الأهازيج، كيف تحتفي أهازيج المطر عند الأطفال بالأولياء الصالحين، المعروفين في كل منطقة، فهذا الشيخ عبدالله، والذي يرجح أن يكون هو الشيخ أبو بكر بن عبدالله العيدروس أحد المتصوفة الكبار والمعروف بالعدني، والذي بنى مسجد العيدروس.
يامطيرة صبي لبن(41)
سيدي عبدالله
دخل عدن
من الأهازيج الحضرمية، تقال في المكلا، ونجد الحس التجاري، وذكرا لمدن الهجرة والاغتراب المعروفة عند أهالي حضرموت، فتقول:
مطر.. مطر جاءت من فوق
على دكاكين السوق
مطر.. مطر جاءت من جدة
على دكاكين السدة(42)
دلالات المطر-الماء في المعتقدات الشعبية:
همسك مرأن بلل
كل ذ على وسفل
هرد أذ ملوب رزح
كل الذي من على وسفل
أن من من العطش هزل
أنشودة دينية يمنية قديمة من إحدى النقوش
ما من معتقد شعبي يخلو من أساس أسطوري، وبما هو أو سع أساس ميثولوجي.. حتى المعتقدات التي لها أساس ديني رسمي تحمل جذورا أسطورية غائرة في القدم.
وكما هو معروف أن لكل شعب معتقداته وأساطيره الخاصة به، والتي تختلف –أحيانا- داخل المجتمع المحلي الواحد، فمثلاً مجتمع الصحراء له اعتقاداته الخاصة بالمطر، عكس مجتمعات الجبال والبحار، والصحراء، المدينة والريف. لكن مع طبيعة الاختلاف تتقاطع باتفاقات وتشابهات أكانت في المجتمع الواحد أم بمجتمعات الشعوب الأخرى.
وللمطر أو الماء بشكل أوسع معتقدات جمة لما يحمله من قوة في الخلق والإخصاب.
فهناك معتقدات تخص المواليد، و المياه والأمطار لها قدرة على الاستشفاء،وهي مياه تطهرية، ومياه مقدسة،ومياه قادرة على إلحاق الشرور..الخ.
وتكمن قوة معتقدات المطر، حتى يومنا، في طقوس الاستسقاء التي ذكرناها في أول حلقة ويعتبر نحر الحيوانات في الأماكن التي تحمل طابع القدسية كأضرحة أولياء الله الصالحين خير دليل على ذلك، بل ويطلق الناس ألقابا من خير المطر على أوليائهم ك « مولى المطر « أو « بياع السيول « كما في حضرموت(43)، وكما أوردها السير جيمس فريزر في الغصن الذهبي فهم يطلقون عليهم، «صانع المطر» أو «ملك المطر» عند الشعوب. وما معتقد طقس «التسليع« عند عرب الجاهلية أو ما تسمى بنار الاستمطار، أثناء الاستسقاء فيعمدون إلى السلع (نوع من أنواع الأشجار) وربطها في أذناب البقر وإصعادها إلى جبل وعر، ثم يشعلون فيها النيران ضاجين بالدعاء والتضرع - كما ذكرنا في البداية - إلاتأكيدا أن لهذا الطقس جذورا أسطورية مع الزمن نقحت إلى طقس رسمي اسمه الاستسقاء، وتباركته العقيدة الدينية الرسمية الإسلام.
المطر القدرة الاستشفائية:
في اليمن أو غيرها من الدول، هناك العديد من أضرحة الأولياء المقدسة، مازالت قائمة حتى اليوم، ومازال العديد من الناس، وخصوصاً النساء يتبركون بمقامه، وترابه، وغباره، ومياهه، وأشجاره، وبكل شيء مسه ذلك الولي أو أحبه.
ولعل أشهر هذه الأضرحة: الأضرحة الموجودة في حريضة – حضرموت، وضريح أحمد ابن علوان، وضريح عبد الرحمن اللفجي – جمع الوجيه في الزبيرة –قدس، وأضرحة المهادله في تهامة، وحامي الحمى في المحويت، أو قاسم العياني في عمران.. الخ .
ويقال أن منصوب أحد أولياء حريضة، يقوم قبل الزيارة بعشرين يوماً بملء خزانات المياه، وفور بدء الزيارة يفتح الماء ويتبرك الناس فيه(44).
وأكثر الفئات المتبركة بمياه الأولياء، المرأة العاقر، والمرأة المكلومة، والناس المغلوبون، والمجذومون، والبُرص، و تخبرنا الذاكرة الشعبية، وكبارات السن، أن كثيرا من أمراض الجسم النفسية يتم علاجها بمياه برك الأولياء بدلالة هيمنة هذا المعتقد الاستشفائي وتلك المقولة الشائعة عند اليمنيين أن «الماء منقي الجذم».
الزاحي:
هو مكان لتجمع الماء، عبر معابر مربوطة بالبئر الأصلي والعميق عند ضريح عبد الرحمن اللفجي (جمع الوجيه) - الزبيرة – قدس، مبني بطريقة تقليدية ، وتحكي الحكايات وذاكرة أبناء المنطقة والمناطق المجاورة حكايات كثيرة، كم من المرضى تم شفاؤهم، وكم من العاقرات أخصبن، وكم من العلل والسقم أزالها، وكم من الأرواح ردت بعد أن قبضت عليها الأرواح الشريرة.
العين الشريرة، وعلل أخرى:
يتم معالجتها حسب المعتقد، بالتبخير بالشب «شب فؤاد»(45) فيأخذ الشب بعد حرقه بالنيران، وبعد معرفة من صاحب العين الشريرة، لأنه تظهر علامات أعضائه التناسلية على الشب المحروق، إذا ما كان رجلا أو امرأة، ثم يداس في أرضية الحمام ويراق عليها الماء، فتكنس العين الشريرة، ويتطهر الجسم السقيم.
أما البرد المصاحب للمطر، فيحمل معتقدين: جمالي، وعلاجي في آن فيقال عن البرد، أنه يبري من أمراض العيون، والتحسسات، وفي موضع آخر أن البرد إذا ما خلط بالرماد، وملس على الوليدة- الأنثى في الأماكن التي ينبت فيها الشعر، فلا يظهر الشعر مطلقاً في أعضائها المخفية.
وإذا ما شرغ الإنسان، فانه يقوم بشرب الماء على أن يمصه مصاً لسبع مرات، ويفيق من الشرغة.
الفجعة:
كيف يكون الماء وسيلة لرد الروح التي ذهبت في حالة خوف مريع (الفجعة) وكيف يقمن بإدخال مفتاح أو أي شيء حديدي أو قرش من نقود ماريا تريزا (قرش فرنسي) ويغلينه مع الماء، ويشربه المريض فترجع له روحه، ولعل هذا الاعتقاد يحل محل قطر الحديد الذي تستبدل فيه مادة الحديد بتلك القطعة الحديدية.
كبر الدبا.. عمر النسور:
ولأن الماء له علاقة بالتطهر، والتجدد فقد ألزمت المرأة بعد حدوث الطمث، أن تغتسل سبع مرات، وبعد مرور أربعين يوماً على الولادة، وتغتسل هي ووليدها.
وتغسل الأم وليدها، بعد أن ترش قطرات من الماء خلفها، مع قولها بعض الأدعية، ثم تشربه بضع قطرات من نفس ماء المغسل، وعند انتهائها تضرب على ظهره، وتقول:
كبّرك كبر الدباء(46)
عمّرك عمر النسور
والمعروف أن هناك اعتقادا لدى اليمنيين من أن النسور تعيش دهورا.
بركة وريقة الحناء:
البعد الأسطوري لبرك الماء والعيون والغيول أكانت برك خيرة أم كانت وبيلة بالشرور، فهي في الأول والأخير تنمي الخير فيثاب، وتثبط الشر، ومن ثم العقاب، ففي حكاية وريقة الحناء رأينا كيف استطاع الساحر العجوز بعد أن ساعدته وريقة الحناء بمحبة، فجعلها تغتسل في مياه البركة، فخرجت مليئة بالذهب والمجوهرات أما أختها الشريرة «كرام» والتي رفضت مساعدته، فاغتسلت من نفس البركة وخرجت مليئة بالأوساخ والقاذورات والحيات والعقارب.
نستنتج من هذا أن هناك برك مياه قدسية، وأخرى مدنسة، تكافئ كلا من الخير والشرير، بل ونستنتج أن أماكن الماء، ومجرى السيول والبحار والعيون، هي أيضاً ملك للكائنات الغيبية من جن، وسحرة،وكهنة بل وهم حراسها والقائمون عليها، وبيدهم مفاتيحها، فمتى ما أرادوا إحياءها، كان، ومتى ما أرادوا حجبها يكون.
ولذا نقرأ في بعض الحكايات الشعبية كحكاية السيف البتار: «أن هذا اليوم سيعاد تقديم بنت السلطان الى العملاق الذي يسكن داخل تلك البئر فقد جرت العادة أن يقدموا له بنتاً من بنات السلاطين حتى يرضى عنهم وتنزل الأمطار وتسيل الوديان وإلا فإن الآبار ستجف وتجدب الأرض»(47).
«مقدح» المسافر:
ومن معتقدات حضرموت بخصوص المسافر، يطلب الأهل من المسافر أن يمر على سقاية «شيخ «القريبة من حصن مطهر بعد زيارته لتربة تريم، ولو بزيارة قصيرة أن يشرب من السقاية «مقدح» ماء بنية العودة.(48).
المطر المالح.. دموع الأنوثة المتشققة:
«...وكانت البنت قد كبرت وأصبحت فتاة تفوق فتيات البلاد جمالاً وفتنة، وكانت إذا بكت ينزل المطر غزيراً، وإذا عطست يتطاير من أنفها زباداً زكياً تعطر رائحته المكان الذي تجلس فيه»
حكاية الحمامة المسحورة
للمطر المالح- الدموع لغات كثيرة: لغات حية ناطقة، ولغات مستكينة صامتة حد الموت، وما بينهما من اللغات ذات الأشكال والألوان المختلفة.
ولا يغالى إذا ما قلنا إن كونية الدموع من كونية الحياة.
فيقال لك في أحلك الظروف، ابك، لتنفُه، لتخف روحك، وللحياة لونها المختلف قبل وبعد الدموع. يتجمل كل ما حولنا عندما نبك.
عند الندم، يقال لك: تطهر بالدموع، فالبكاء كما تقول الأمهات يجلي العين، وينقيها من سموم الغبن والتلوث الإنساني والطبيعي.
ابك لتواصل، مشوار الحياة.
في الميثولوجيات والحكايات الشعبية، كانت الدموع قادرة على الخلق، دموع تؤدي إلى الفيضانات، ودموع تعالج الأمراض، وبل إن الربيع يأتي من أمطار الدموع، وسنرى دموع وريقة الحناء أو الحمامة المسحورة التي أنزلت الأمطار وأغزرتها.
وفي التعابير الشعبية نجد اقتران الدمع بالمطر، فيقال: دموعه تشن مثل المطر، دموع مثل السيل، برقين دموعه، دموعه/ها يتناطفين، دموعه/ها أربع، أربع، وكلها كنايات دالة على الصلة الوثقى بين المطر والدموع.
في المعتقدات الشعبية الفلسطينية يقال أيضاً بأن المطر «يحدث نتيجة بكاء أحد الملائكة».
المطر الليلي:
الدموع الأكثر ملوحة، هي الدموع الليلية التي تشهد بنشيجها الصامت والصارخ: المخدات، والفراشات، والقمر، والمطر، والرعود، ولعل الدموع الأكثر ملوحة أو الدموع الليلية هي: المرأة أو بالأحرى كينونة المرأة، أنوثتها المنشطرة والممزقة المصلوبة على أعمدة الثقافة والحضارة التي تستأصل الآخر - المرأة، وتجعله في مرتبة الدونية الأكثر إيلاماً، والأكثر وحشية. لذا كانت المرأة جارة المطر والدموع، والقمر، وجارة الليل.
تشظي الروح أو عودتها بعد سفر مضن يعني انسكاب الدموع الليلية- المطر الأكثر ملوحة:
ياحباب ياحباب لا جاكم مطر في الليل
لا تحسبوه(49)مطر هو دمع عيني سيل
دموع وريقة الحناء – الحمامة المسحورة:
في الحكاية الشعبية الشهيرة وريقة الحناء أو حكاية الحمامة المسحورة اللتان تتشابهان إلى حد كبير أو كما يسمونها الحكاية العالمية (سندريلا)، فعندما سحرت الخالة الشريرة وريقة الحناء إلى حمامة، وغرزت شوكة في جسمها، وطارت الحمامة في الوادي حيث تناجت مع البتول: «بكت واستمرت في البكاء حتى هطل المطر» ولم يستطع البتول أن يكمل حراثة الأرض، وفي اليوم التالي تناجت الحمامة مع البتول مرة أخرى، فبكت، حتى هطل المطر، فذهب البتول إلى ابن السلطان يخبره عما جرى، فتعجب ابن السلطان: كيف يهطل المطر في الوادي كل يوم، ولا يهطل هنا»!(50)
هذه هي لغة الدموع الملتاعة، الدموع الناطقة ضد الظلم، وغرز الأشواك، وتحويل الإنسان إلى طائر لرغبة انتقامية من الخالة أو من الشر الكوني والصراع الأزلي مع الخير. ليتداخل الأسطوري مع الواقعي، فتأتي الدموع الحية أكانت من امرأة من حمامة مسحورة، من رجل، من أي كائن، لتحكي هذين الصراعين، وتحكي أكثر عن انتصار الخير ضد الشر، كما هي طبيعة المحكي الشعبي.
دموع آدم، وحواء:
ولآدم أبو البشرية قصة تغترفها دموع ومطر الندم في القصة المعروفة: خروجه وحواء من الجنة، بعد أن استكانا لإغراءات إبليس:
«وان آدم لما غوى وأمره الله بالخروج من الجنة أخذ جوهرة من الجنة يمسح بها دموعه، فلما صار إلى الأرض لم يزل يبكي ويستغفر الله بتلك الجوهرة حتى اسودت من دموع الخطيئة وتاب الله عليه»(51)
وأسطورة شرقية تقول:«إن دموع آدم وحواء كونت بحيرة أعطت الحياة للآلئ».
المرويات التاريخية والشفهية، تريد أن تقول لنا: أن من لا يبكي يبقى كائناً ناقصاً، متحجراً، ولذا تكثر الشرور، وتسفك الدماء، عندما يكف الناس عن البكاء، خصوصاً الرجال.
من يبكي هو الإنسان، ومن لا يبكي يندرج تحت أي مسمى كان، لكن لا يكون إنسانا. فمجتمع القسوة هو الذي لا يبكي فيه رجالاته.
لا نريد أن نقول كما يقول جليبر دوران إن الدمع والماء كليهما مادة لليأس(52) لكن في المقابل هناك دموع النشوة والفرح، ودموع الاتحاد بالذات الإلهية عند المتصوفة.
دمع أغزر.. برق أخطر:
في الأغنية الشعبية النسوية تكون الدموع الليلية / المطر المالح عنوانها الكبير، حيث نرى في كلماتها وتعابيرها واشتقاقاتها، كل تغيرات الطبيعة، وأشكال وتبدلات المطر، والظواهر الفيزيقية المصاحبة له، قبل وبعد سقوط المطر ك « الزنينة، البرق، الرعود، السحائب، هجوّه..الخ «مثل على ذلك:.
قلبي ملان يامه وداخله زنينة
لو يفتجر ليملئ المدينة(53)
أو
حين أذكره يتناطفين دموعي
الشوق حرّق مهجتي وضلوعي(54)
دلالة أخرى على العلاقة الوثيقة بين المطر والدموع، تأتي عبر أغاني النساء فتحفل تدفقات دموعهن بشن المطر، ومن تعبير «شن المطر» ندخل على أحوال النساء، والهم اليومي أو الحياتي.
شن المطر، ودمع عيني أغزر
بارق خطر، ودمع عيني أخطر
وجه المقارنة والتفضيل في هذه الأغنية: (أغزر، أخطر) مقارنة بين العالم العلوي السماء / الإله، والعالم السفلي الإنسان / المرأة، لتحيلنا إلى نتيجة أو (حقيقة) من أن دموع المرأة، أو أمطارها المالحة أقوى من فيزيئات السماء بأمطارها وبروقها.
لك الحريق وا قاطع(55) الجوازات
خليتهن يبكين على الفراشات
(الفقد) هو اللغة السائدة في الأغاني المالحة (الأغنية الشعبية النسوية) إن جاز تعبير كهذا، لحياة أكثر ملوحة وتشققاً في مجتمع الكفاف: أعزل من متطلبات الحياة البسيطة، ومعزول عن العالم، آنذاك.. كانت المرأة اليمنية تدفع ثمن العزلة والاعتزال، فلم تجد ونيساً ورفيقاً لها في لياليها الطوال سوى المخدات، والفراشات تطرزهما وتلألؤهما بأمطار مالحة، مالحة، مالحة إسمها الدموع.. إنه « حميمة العالم لسائل(56) كما عبر عنه باشلار.
أمنية ماطرة:
خلي عيودعني عيسير غدوه(57)
جعلت يا غدوة مطر وهجوة(58)
المراجع
(1) المعتقدات الشعبية في التراث العربي، محمد توفيق السهيلي، حسن اليامي –ص38، دار الجليل، مأخوذ من كتاب الأساطير والخرافات عند العرب د. محمد عبد المعين خان.
(2) المعتقدات الدينية عند الشعوب، جفري بارندر، ترجمة إمام عبد الفتاح إمام ص19 – مكتبة مدبولي – الطبعة الثانية 1996م.
(3) احنا: في اللهجة اليمنية، بمعنى نحن.
(4) التيجان في ملوك حمير، وهب بن منبه ص51، مشروع المائة كتاب – تحقيق ونشر مركز الدراسات والبحوث اليمني.
(5) موسوعة أساطير العرب، محمد عجينة، ص26، دار الفارابي، الطبعة الثانية 2005م.
(6) جاوعة: جائعة.
(7) ما بش: بمعنى لا يوجد.
(8) الثقافة الشعبية، تجارب وأقاويل، عبدالله البردوني، ص27، دار المأمون للطباعة والنشر.
(9) شيرحمنا: الشين في اللهجة اليمنية، بمعنى سين التسويف: وهنا بمعنى سيرحمنا.
(10) شابشر: سأبشر، سأحمل البشرى، فحرف «الشين» في اللهجة اليمنية يحل محل حرف «السين».
(11)العجماء: الدواب.
(12) التراث الشعبي وعلاقته بالتنمية في البلدان النامية – دراسة تطبيقية عن المجتمع اليمني، حمود العودي، تصدير محمد الجوهري، ص211 – اصدرات مركز الدراسات والبحوث اليمني – صنعاء -1980.
(13) السايلة أو السائلة: مجرى السيول.
(14) يدكم: يلكم.
(15) يهمل: يهطل.
(16) مناطق يمنية.
(17)الدلالات الاجتماعية واللغوية والثقافية لمهرجانات ختان صبيان قبائل المشقاص، عبد الرحمن عبد الكريم الملاحي، ص100
(18) جو: بمعنى هلموا، المفارس، المجارف: من الأدوات الزراعية.
(19) الشن هو « نزول المطر شيئاً فشيئاً ونقول شن الغيم المطر، شنت السحابة المطر...ويقال: شأنه لماه أو لمائه، والضمير عائد على السحاب. ولماه هي: لمائه، والضمير عائد على الله « من معجم (في اللغة والتراث –مطهر الإرياني «الأستاذ مطهر الإرياني، ص 520.
(20) اسقاش: أسقاك، جربة: الأرض الزراعية الشديدة الخصوبة.
(21) شاموت: سأموت، أو سوف أموت.
(22) الزنينة : الهثيم.
(23) مريع: منتظر، لامي: لأمي.
(24) شاحن: سوف أحن.. سأحن.
(25)قعطبة، والضالع: مناطق في اليمن
(26) ريمة، ذي السفال، الحيمة: مناطق يمنية.
(27) حكايات وأساطير يمنية، علي محمد عبده، ص 43، دارالكلمة، الطبعة الثانية 1985م.
(28) التيجان – المصدر نفسه، ص51-54.
(29) الأمثال اليمانية – اسماعيل بن علي الأكوع، ص 790 – الجزء الثاني، مؤسسة الرسالة، مكتبة الجيل الجديد، الطبعة الثانية.
(30) التلم: حرث الأرض.
(31) ما به: ليس به، لا يوجد، غباط: لا فائدة ترجى منه.
(32) داعس: ضاغط على الأرض بقدمه، تلامص: تلمع / تلامع.
(33) الصراب: الحصاد
(34) جاله: أي جاء له.
(35) الواطلة: قطرة الماء، الميزاب: مجرى للمياه والسيول، يكون في أسطح المنازل..
(36) نادش: من ندش، وهو الشعر المسترسل، القعشتين: الشعر الكثيف المسترسل ، وكان عند القبائل يعد من سمات الرجولة.
(37) حاليو: حلو المذاق، وحرف الواو تستخدم على الكلام في المناطق التهامية، كمعسل: الكاف، أداة التشبيه، بمعنى كما العسل، أو مثل العسل، هريشو: الهريش: أكلة شعبية تتكون من القمح المهروش، والعسل.
(38) قا معي: بمعنى معي، مشقر: المشقر: مجموعة من النباتات العطرية، أهمها الريحان، والزهور، تضع حزمة صغيرة منه على أوداج المرأة للزينة، ويضعها الرجل في، عمامته.. الأهزوجة، مأخوذة من ديوان الطفل في الأدب الشعبي اليمني –دراسة ونصوص - د/ علي حداد ص95 – إصدارات جامعة عدن – الطبعة الأولى 2007م.
(39) يهجر: الثمرة في اكتمال نضجها.
(40) هملة: هطلت.
(41) يا مطيرة: تصغير لقطرة المطر، أو المطرة.
(42) السدة: احدى مناطق اليمن.
(43) أنظر الغصن الذهبي – السير جيمس فريزر، ترجمة أحمد أبو زيد (التحكم في الطقس عن طريق السحر والدين) الجزء الأول – الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر1971م الغصن الذهبي – انظر جزء السحر والدين – الفصل الرابع
(44) من عادات وتقاليد حضرموت، أ. رودينوف، ترجمة أحمد الخلاقي، ص 202- دار جامعة عدن للطباعة والنشر – الطبعة الأولى 2003م.
(45) الشب: حجر كربوني.
(46) الدبا: نبات القرع – اليقطين.
(47) حكايات وأساطير يمنية – علي محمد عبده – ص109.
(48) عادات بادت، أحمد ضياء شهاب، ص 52 – إصدارات تريم للدراسات والنشر – الطبعة الأولى 2004م.
(49): لا تحسبوه: أي لا تظنوه.
(50) حكايات وأساطير يمنية، ص53.
(51) التيجان – المصدر نفسه ص16.
(52) الأنثربولوجيا، رموزها، أساطيرها، انساقها، جيليبردوران، ترجمة مصباح الصمد ص27، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع.
(53) ملان: ملي ب، زنينة: الزنينة: الهثيم.
(54) يتناطفين: يتساقطن.
(55) واقاطع: الواو في لهجة مدينة تعز حرف نداء، يا قاطع.
(56) شاعرية أحلام اليقظة، غاستون باشلار، ترجمة جورج أسعد، ص175 المؤسسة العامة للدراسات والنشر والتوزيع، طبعة ثانية 1993.
(57) عيودعني: العين في اللهجة الصنعانية تأخذ حرف « السين«، والمعنى سيودعني، عيسير: سيذهب / سيرحل، غدوة، غداً،
(58) هجوة: الغيوم